مجتمع

باحثان باكستانيان: هكذا منحت إسلام أباد جوازا للمغربي “بلافريج” ليخاطب مجلس الأمن بعد منع الفرنسيين

باحثان باكستانيان: هكذا منحت إسلام أباد جوازا للمغربي “بلافريج” ليخاطب مجلس الأمن بعد منع الفرنسيين

إلى جانب العلاقات الاقتصادية القائمة بين باكستان والمغرب، وعلى الرغم من بعد المسافة الجغرافية، يشكل الدعم المستمر الذي تقدمه إسلام أباد للرباط في جهود تسوية النزاع المفتعل بالصحراء المغربية، إحدى أبرز أوجه العلاقات الدبلوماسية الجيدة القائمة بين البلدين، وفق باحثان باكستانيان.

واحتفى مقال منشور على جريدة “دي ناسيون”، من إنجاز الباحثان الباكستانيان زاموراد أوان وفاروق حسنات، بعد زيارة للمغرب تم خلالها  إحراء مقابلة مع عبد الإله العبدي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال الرباط، بما تتمتع به باكستان والمغرب من علاقات دبلوماسية ممتازة، مشيدا بالدعم الذي قدماه لبعضهما البعض طيلة عقود في شؤون محلية ودولية.

وتوقف المقال عند الدعم المتواصل الذي قدمته باكستان، في مناسبات مختلفة، لموقف المغرب بشأن قضية الصحراء المغربية، وبالمقابل اعتراف المغرب بالدور المهم لباكستان في أزمات أفغانستان، موضحا أن هذه المواقف المشتركة بشأن الشؤون الدولية أدت إلى تعزيز أواصر الاحترام والتعاون المتبادلين.

وقال حميد أصغر خان السفير الباكستاني في الرباط، في وقت سابق من سنة 2021، إن بلاده لديها موقف واضح من قضية الصحراء المغربية، فهي لم تعترف أبدا لا بجبهة “البوليساريو” ولا بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”، مضيفا “دائما ساندنا المغرب في المسار الأممي”، مجددا على احترام بلاده للوحدة الترابية للمملكة ولجهودها لتسوية الملف، موردا “المغرب يشارك بشكل فعال في الجهود الأممية من أجل إيجاد حل لهذه القضية، وباكستان مساند قوي لهذه الجهود”.

وأورد الباحثان مثالا آخرا على صداقة البلدين، موضحا أنه في 2 سبتمبر 1955 قدم رئيس الوزراء الباكستاني شودري محمد علي، من خلال مقاطعة أعمال الجمعية التأسيسية ، “الدعم الكامل” لقضية الشعب المغربي في نضاله من أجل الاستقلال، بينما جسد المغرب هذا الاحترام المتبادل والدعم في أعقاب الحرب الباكستانية الهندية عام 1971، إذ أكد وزير الخارجية المغربي حينها دعم حكومته لوحدة باكستان وسلامة أراضيها، كما أن اعتراف المغرب ببنجلادش، التي انفصلت عن باكستان عام 1971، جاء “متأخرا جدا” في 13 يوليو 1973، وفق المقال.

جواز باكستاني لأحمد بلافريج

وغاص المقال في تاريخ الدعم والتعاون المتبادل بين البلدين، مستحضرا فترة كفاح المغرب من أجل استقلاله عن الاستعمار الفرنسي، والدور الذي لعبته باكستان في دعم تطلعات المغرب إلى الحرية، مؤكدا أنه في عام 1952، عندما سعى أحمد بلافريج، الذي يعد من رموز الحركة الوطنية المغربية، إلى مخاطبة مجلس الأمن الدولي ضد السيطرة الفرنسية، واجه معارضة من فرنسا التي ادعت أن المغرب، كونه مستعمرة فرنسية، لا يمكن السماح له بالتحدث في الأمم المتحدة.

وتابع المقال أنه في لفتة دعم ملحوظة، رتب وزير الخارجية الباكستاني حينها، السير ظفر الله خان، على الفور لإصدار جواز سفر باكستاني لأحمد بلافريج، مما سمح ذلك له بالتحدث أمام المجلس في اليوم التالي، معربًا عن امتنانه واعترافه بالدور المحوري لباكستان في نضال المغرب من أجل الاستقلال. وضع هذا الأمر الأساس لعلاقات قوية بين البلدين، والتي عكسها بلافريج وهو يعرض بفخر جواز سفره الباكستاني المؤطر في مكتبه بعد أن أصبح رئيسا للوزراء في عام 1956.

الباحثة الباكستانية زاموراد أوان بضريح محمد الخامس

علاقات اقتصادية متطورة..

واستحضر المقال نفسه أنه على مر السنين، وعلى الرغم من تطور هذه الصداقة إلى علاقة دبلوماسية، مع تعاون البلدين بنشاط في مختلف المجالات، بما في ذلك التجارة، فإن العلاقات الاقتصادية عرفت تطورا بطيئا للعلاقات الاقتصادية بين البلدين، ذلك أن “أول اتفاقية تجارية بين البلدين تم توقيعها في عام 1994، وظلت إمكاناتها غير مستغلة إلى حد كبير”.

وتابع الباحثان أنه “في عام 2007، شجع السفير المغربي رواد الأعمال الباكستانيين ومجتمع الأعمال على الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة التي أبرمها المغرب مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا سيما في قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة، الذي يعتبر نقطة قوة لباكستان”.

ووفقا لقاعدة البيانات الإحصائية للأمم المتحدة، أورد المقال، أن حجم التجارة السنوية بين باكستان والمغرب بلغ في عام 2021 حوالي 598.4 مليون دولار، إذ استحوذت الصادرات الباكستانية على 46.4 مليون دولار والصادرات المغربية بلغت 552 مليون دولار.

ويقوم المغرب، وفق المقال، بتصدير حامض الفوسفوريك، وفوسفات الأمونيوم الثنائي، والفوسفات الصخري إلى باكستان، بينما توفر باكستان مجموعة من السلع المصنعة، بما في ذلك قماش الدنيم، والأدوات الجراحية، والقفازات الجلدية، مستحضرا كذلك الدور المهم لباكستان في صناعة الأسمدة المغربية الذي يؤكد الرغبة في التعاون الاقتصادي بين البلدين.

ولعل ما يثير الاهتمام، وفق المقال، أنه على الرغم من الركود الاقتصادي الذي نجم عن جائحة كورونا، إلا السنوات الأخيرة شهدت اتجاها إيجابيا في التجارة بين البلدين، إذ عرفت الصادرات الباكستانية زيادة بنسبة 10 في المئة في عام 2021. ويُعزى هذا النمو إلى قوة الاقتصاد المغربي والتنمية الصناعية في بيئة ما بعد كوفيد، بالإضافة إلى موقع المغرب الاستراتيجي على مفترق طرق إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط الذي يجعله بوابة مهمة، ويوفر فرصًا هائلة للتجارة والاستثمار، حسب المقال.

الباحثة الباكستانية زاموراد أوان أمام البرلمان المغربي

تدريبات عسكرية مشتركة..

وأشار المقال إلى انخراط البلدان في تدريبات عسكرية وبرامج تدريبية مشتركة لتعزيز العلاقات بينهما، مستحضرا أنه في أكتوبر 2021، أجرت القوات الخاصة الباكستانية والمغرب أول مناورة عسكرية ثنائية مشتركة تضمنت برنامجًا تدريبيًا لمدة أسبوعين في باكستان. كما ساهم كلا البلدين، يضيف المقال، بشكل كبير في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، مما يدل على التزامهما بالأمن العالمي.

ولفت المقال إلى التدريبات البحرية بين باكستان والمغرب التي ركزت على الأمن البحري، لا سيما في المحيط الهندي، والذي يعد بمثابة ممر تجاري مهم للتجارة العالمية، وذلك بدعوة من رئيس أركان البحرية الباكستانية، إذ شارك المغرب في التمرين البحري الثامن أمان (السلام) الذي تم تنظيمه يومي 10 و 14 فبراير 2023، والذي أسفر عن محادثات شاملة حول المصالح المشتركة والتعاون البحري والأمن البحري الإقليمي والتعاون الثنائي.

زقبل ذلك، في عام 2021، عُقد أول تمرين ثنائي مشترك على الإطلاق بين باكستان والمغرب في المركز الوطني لمكافحة الإرهاب (NCTC) ، في بابي في باكستان، وشمل التدريب تمارين في عمليات التطويق والتفتيش، والتطهير المركب، والقتال القريب، والانتشار السريع، ونزول الحبال، والإجراءات الطبية القتالية، إذ تعزز هذه التدريبات المشتركة الروابط بين القوات المسلحة والبحرية في البلدين وتساهم في الحرب العالمية ضد الإرهاب، وفق المقال.

الباحثة الباكستانية زاموراد أوان أمام مسرح محمد السادس

إمكانيات تطوير العلاقات

وأكد الباحثان أنه “على الرغم من أن باكستان والمغرب قد طورا علاقات صداقة وتعاون قوية، إلا أنه من الضروري زيادة تنويع هذه العلاقة من خلال الانخراط في برامج التبادل الأكاديمي والثقافي”، مشيران إلى أن البنية التحتية المتطورة والموقع الاستراتيجي للمغرب يوفران فرصا كبيرة لتوسيع العلاقات بين البلدين.

وشدد المقال على أن الاتصال بين الأفراد يلعب دورا حاسما في هذا الجهد، مما يسمح باستكشاف أكبر للفرص الدولية، لا سيما في ضوء الظروف الاقتصادية الحالية في باكستان.

وأفاد المقال أنه “بفضل بنيته التحتية المتطورة، وعلاقاته الدبلوماسية القوية مع باكستان، والمعيشة الفعالة من حيث التكلفة، يقدم المغرب خيارا جذابا للأفراد الباكستانيين الذين يتطلعون إلى استكشاف الفرص في الخارج للدراسة والأعمال”.

علاوة على ذلك، يوضح المقال أن البلدان يشتركان “في المبادئ الإسلامية والأعراف المجتمعية مما يزيد من تعزيز إمكانات العلاقات الأعمق”، مشيرا في السياق نفسه إلى أن شعب باكستان يُقدر عاليا موقف المغرب الحازم ضد السويد في قضية حرق القرآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News