تربية وتعليم

بينها إغفال الأمازيغية.. المجلس الأعلى للتربية يسجّل “اختلالات” في مشروع مرسوم الهندسة اللغوية بالتعليم المدرسي

بينها إغفال الأمازيغية.. المجلس الأعلى للتربية يسجّل “اختلالات” في مشروع مرسوم الهندسة اللغوية بالتعليم المدرسي

سجّل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي عدة نواقص واختلالات مشروع المرسوم المتعلق بتطبيقات الهندسة اللغوية بالتعليم المدرسي والتكوين المهني والتعليم العالي، المحال عليه من طرف الحكومة لإبداء رأيه فيه، داعيا إلى تدارك إغفال إدراج القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية كمرجعية تشريعية ملزمة في اتباع مبادئ وتوجيهات الهندسة اللغوية.

وخلص رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين أن مشروع المرسوم استند في تقديمه على كل من القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، إلا أن مضمونه لم يستحضر هذه القوانين في حين أنها تحدد الإطار المؤسساتي لإرساء التعدد اللغوي وتتضمن أحكاما تطبيقية في هذا الشأن.

وأبرز المجلس، عقد صباح اليوم الثلاثاء لقاءً تواصلياً،  بمقرّه، لعرض الآراء التي أعّدها، وصادقت عليها الجمعية العامّة، استجابة لطلب الُحكومة، بشأن مشروع قانون، وثلاثة مشاريع مراسيم بالإضافة لمشروع قرار، تهمّ المنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، أن “قراءة مضمون مشروع المرسوم المتعلق بتطبيقات الهندسة اللغوية بالتعليم المدرسي والتكوين المهني والتعليم العالي، تبين أنه عمد إلى استنساخ مقتضيات المادة 31 من القانون-الإطار، وهذا ما جعله يتسم بالعمومية حيث أن مجمل مواده انحصرت في تحديد الأهداف والمبادئ الأساسية المرتبطة بتطبيق الهندسة اللغوية، عوض تفصيل هذه المبادئ وترجمتها إلى إجراءات عملية وتطبيقية، نوعية وكمية، واضحة الآجال، ومحددة من حيث الجهات المسؤولة و/أو المعنية بتطبيقها”.

وأشار الرأي، الذي أشرفت عليه اللجنة الدائمة للمناهج والبرامج والتكوينات والوسائط التعليمية بمشاركة أعضاء المجلس ولجانه الدائمة، بدعم علمي من قطب الدراسات والبحث، إلى أن مشروع المرسوم لم يحترم مبدأ تراتبية المعايير، إذ توصل المجلس بشكل متزامن بطلبين للرأي، يتعلق أولهما بمشروع قانون التعليم المدرسي، والثاني بمشروع مرسوم الهندسة اللغوية. وهما نصان يفترض فيهما أن يؤطر أحدهما (القانون) الثاني (المرسوم) وفق مبدأ تراتبية القواعد القانونية، وأن يكون الثاني (المرسوم) لاحقا للأول (القانون) بعد اعتماد هذا الأخير.

وشدد المصدر ذاته على أنه بغض النظر عن تزامن توصل المجلس بالمشروعين “يفترض وجود تفاصيل في مشروع المرسوم تحيل على ما تم تضمينه في مشروع القانون، إلا أن قراءة موازية ‘لمشروع قانون التعليم المدرسي’ لم تمكن من استخراج ما يؤطر ‘تطبيقات’ الهندسة اللغوية (نزولا aval) ولا ما يدقق مقتضيات القانون-الإطار (صعودا amont)”.

وبخصوص مضمون مشروع المرسوم وانسجامه، لاحظ المجلس، على مستوى المبادئ والمرتكزات، غياب معطيات أساسية من بينها “دواعي إصدار المرسوم، كيفية تصريف مقتضيات القانون-الإطار، كيفية تفعيل مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص”، كما سجل، على مستوى التطبيقات البيداغوجية للهندسة اللغوية، عدم تضمينه للتدقيقات الضرورية في مجالات الإطار المرجعي للمنهاج والدلائل المرجعية للبرامج والتكوينات ودور اللجنة الدائمة للتجديد والملاءمة المستمرين للمناهج والبرامج والتكوينات، والمصطلحات والمفاهيم الأساسية، و”تطبيقات” الهندسة اللغوية بيداغوجيا باعتبارها مفهوما مركزيا.

ولفت رأي المجلس إلى أنه يلاحظ، على مستوى التطبيقات المؤسساتية للهندسة اللغوية، عدم تنصيص مشروع المرسوم على تدابير إعمال قاعدتي التناسق والتنسيق، وآليات الحكامة وشروط التفعيل.

ويرى المجلس أن مجمل مواد المشروع انحصرت في التذكير بالأهداف والمبادئ الأساسية المرتبطة بتطبيق الهندسة اللغوية بدل تفصيلها وترجمتها إلى إجراءات عملية وتطبيقية، نوعية وكمية، واضحة الآجال، ومحددة من حيث الجهات المسؤولة و/أو المعنية بتطبيقها.

ودعا المجلس إلى استحضار مستلزمات “المدرسة الجديدة” عبر إعمال النظرة النسقية التي يقتضيها الإصلاح الشمولي والعميق للمنظومة التربوية، وإلى إرساء نموذج بيداغوجي جديد يمكن من الانتقال من منطق الشحن إلى منطق التعلم والاستقلالية الفكرية حيث تتمفصل الكفايات اللغوية مع سائر الكفايات التي تسهم في التكوين الفكري والثقافي والمواطني.

وطالب أيضا بإطلاق أشغال اللجنة الدائمة للمناهج والبرامج والتكوينات قصد وضع الإطار الذي ستخضع له تطبيقات الهندسة اللغوية على المستوى البيداغوجي (مواصفات الملمح اللغوي للمتعلم(ة)، تدقيق الكفايات اللغوية المستهدفة حسب المراحل والأسلاك والمستويات التعليمية؛ تدقيق كيفية إعمال التناوب اللغوي، الجواز اللغوي…)، لكون الرهان على التمكن من اللغات رهاناً استراتيجياً يندرج ضمن تمكين وتأهيل الرأسمال البشري، واعتبارا أن الهندسة اللغوية موضوعاً أفقياً يتعلق بهيكلة وتنظيم شبكة التعلمات والتكوينات وتفرعاتها وتداخلاتها.

أكد المجلس ضرورة استباق الأجرأة بإعداد الموارد البشرية من خلال تحديد الشروط النظامية لولوج مهنة تدريس اللغات أو التدريس بها، والشروط البيداغوجية للتكوين والتدريس والتقييم المهني، لا سيما تحديد معايير ومستويات التحكم في الكفايات اللغوية اللازمة لممارسة التدريس باللغات، فضلا عن تدقيق مواصفات وكفايات مدرسي المواد اللغوية وفق الدلائل المرجعية للوظائف والكفاءات.

وشددت اللجنة الدائمة للمناهج والبرامج والتكوينات والوسائط التعليمية في رأيها على ضرورة مواكبة إرساء التناوب اللغوي بالتعليم المدرسي عن طريق تشخيص مستوى التحكم في لغة التدريس والارتقاء بالأداء المهني للمدرسين، وإعداد هيئة التفتيش التربوية ومؤطري المكونين بشكل منسجم مع الاختيارات المعتمدة للهندسة اللغوية، زيادة على توجيه البحث في مجال التربية نحو قضايا راهنة ومستقبلية في مجال تدريس اللغات والتدريس بها.

ونادى المجلس الأعلى للتربية والتكوين بضرورة تحديد الآجال القصوى لتنفيذ التدابير الإجرائية للهندسة اللغوية على صعيد كل سلك ومستوى وكل مكون من مكونات المنظومة التربوية، بالإضافة إلى ضبط محتوى النص بخصوص التعاريف والمحددات الموجهة لتطبيقات الهندسة اللغوية المستهدفة، لاسيما البعد المفاهيمي الموظف لإعمال مبدأ التناوب اللغوي باعتباره خيارا ديداكتيكيا، وتدقيق المقاربة المعتمدة في هذا الشأن ومستويات إدراجه؛ وإدراج الوثائق المرجعية التي ستعتمد لتفعيل الهندسة اللغوية حسب مستوى التنفيذ لاسيما إعداد النص التنظيمي الخاص بتطبيقات الهندسة اللغوية للتعليم العتيق موازاة مع مشروع المرسوم، وفي انسجام مع مضامينه؛ وإبراز الإجراءات الكفيلة لضمان العدالة المجالية وتحقيق مبدأ الانصاف وتكافؤ الفرص بين سائر المتعلمين في التمتع بالحق من التمكن اللغوي، زيادة على إرساء البنيات وتحديد أدوار المتدخلين على كافة المستويات مع تفعيل مبدا التفريع لا سيما ما يتعلق بالبنيات الإدارية للبحث والابتكار البيداغوجي لتطوير اللغة العربية والأمازيغية، وتجديد وتطوير الدعائم الديداكتيكية لباقي اللغات المعتمدة جهويا.

ودعا إلى اعتماد التتبع والتقييم لا سيما عن طريق إجراء تقييمات مؤسساتية منتظمة للمناهج والبرامج والتكوينات المتعلقة باللغات، وإجراء تقييم للهندسة اللغوية المعتمدة حاليا فيما يخص الانفتاح على اللغات الأجنبية، ومراجعة مراحل إدخال اللغات والانتقال اللغوي أخذا بعين الاعتبار خصوصية المرحلة العمرية بكل مستوى تعليمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News