صحة

العمليات الجراحية للأسنان .. أضرار صحية وفراغ قانوني يتعلق بمهن صناع الأسنان

العمليات الجراحية للأسنان .. أضرار صحية وفراغ قانوني يتعلق بمهن صناع الأسنان

في السنوات الأخيرة، بات عدد من الناس مهووسين بالاعتناء بمظهر أسنانهم، إذ يقومون بمحاولات لتقويمها وتجميلها، سعيا منهم للتشبه بالمشاهير ذوي الابتسامة “المثالية” والملفتة للأنظار، وتعد “هوليود سمايل” التي يأتي مسماها تيمنا بابتسامة مشاهير هوليود الساحرة، واحدة من بين أشهر العلاجات للأسنان التي يتم الخضوع لها من طرفهم، إذ يتم من خلال هذه العملية تجميل الإبتسامة عن طريق علاج العيوب وتبييض الأسنان، وذلك بإعادة بناء الفكين بشكل اصطناعي باستخدام قشور الأسنان والتيجان.

بيد أن ما لا يعرفه عدد من الأشخاص، أن عمليات تبييض الأسنان وتجميلها، سيما عمليات “هوليود سمايل” قد تؤدي إلى أضرار لا تحمد عقباها، وذلك بتأكيد من اختصاصيين وخبراء، زيادة على أن كثرا من هؤلاء الأشخاص يقعون ضحايا عمليات نصب واحتيال من طرف ممارسين “متطفلين” لمهنة طب الأسنان بالمغرب.

هوليود سمايل.. أمراض خطيرة تضر بالأسنان

سليم فاضا، اختصاصي في جراحة اللثة وزراعة الأسنان، صرح لجريدة مدار 21 أن “في خضم عملية هوليود سمايل، يتم تركيب غلاف سناب أون سمايل البلاستيكي الذي يمنح الأسنان بياضا ناصعا، وهذا أمر لا ينصح به علميا، لأن الغلاف يحصر الأكل داخل الأسنان، ما يفضي إلى فوحان رائحة كريهة للغاية تنبعث من الفم، إضافة إلى تسوس عام للأسنان، والتهاب عام للثة، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى فقدان الأسنان، والجهاز الحامل له، وذلك في وقت وجيز للغاية”.

وأردف الاختصاصي أن هذه الأضرار تدفع عديدا من الأطباء إلى “تفادي إجراء عملية هوليود سمايل إلا في بعض الحالات الاستثنائية التي تكون فيها الأسنان مكسورة”، مؤكدا أنه من الأفضل مع ذلك استخدام “الأسنان المؤقتة عوض غلاف سناب أون سمايل”.

من جانبها، نصحت طبيبة الأسنان سامية فرحي بعدم استعمال “السناب أون سمايل” لأنه يؤدي إلى جرح اللثة، معتبرة إياه حلا ترقيعيا لأمراض مضرة يجب علاجها داخل الفم، إذ لا يمكن اعتباره حلا يعالج مشاكل الأسنان من الأصل، بل هو فقط يغطيها، وعلاج أمراض الأسنان يتطلب علاجا دقيقا وإرشادا من مختصين في المجال، وليس مجرد عمليات تجميلية.

في السياق ذاته، أكد دالي الطبيب السوري التركي أن “الفينير المتحرك الموظف في عمليات الهوليود سمايل عبارة عن طبقة بلاستيكية يفترض وضعها فوق الأسنان بشكل مؤقت لزيادة جماليتها سيما في فترة المناسبات والتقاط الصور، بيد أن أغلب الناس يستعملونها بشكل خاطئ إذ يبقون عليها طوال اليوم، وهذا أمر خاطئ علميا، لأن الفينير بكونه قطعة بلاستيكية فهو لا ينطبق بشكل صحيح مع اللثة، ما يؤدي بالتالي إلى تكدس الأكل بين اللثة والأسنان والحواف، مسببا التهابات لثوية بشكل دائم”.

وتابع المتحدث ذاته أن خطورة الفينير تكمن أيضا في “قابليتها للكسر ما يفضي إلى شقوق وصدوع تشكل مرتعا للجراثيم” إضافة إلى أن سعرها غال مقابل فائدة لا تذكر.

وذكر إلياس القبايلي، اختصاصي في جراحة الأسنان، أن “هوليود سمايل” قد تسبب أضرارا على الأسنان من قبيل “موت لب الأسنان، ما قد يفضي إلى آلام كبيرة فيما بعد”.

متطفلون يمارسون المهنة دون ترخيص

في المغرب، لا تبقى المشاكل المتعلقة بعمليات تبييض الأسنان بما فيها “هوليود سمايل” محصورة في الجانب الصحي فقط، إذ يقع العديد من الأشخاص ضحايا عمليات نصب واحتيال من طرف ممارسين “غير مهنيين” يعملون دون التراخيص اللازمة، يشتكي منهم الأطباء والمختصون المهنيون.

في هذا الصدد، قال محمد حجيرة، رئيس المجلس الوطني لهيئة أطباء الأسنان بالمغرب إن الهيئة تعمل بشكل مستمر على التواصل مع السلطات الحكومية لمحاربة “مشكلة التطفل على مهنة طب الأسنان” والتي استفحلت بشكل كبير في المغرب، سيما مع “انتشار أوكار تمارس المهنة في البوادي والمدن من طرف من أشخاص لا يملكون أي تراخيص لمزاولة المهنة، فضلا عن انتشار صالونات للحلاقة حيث تمارس عمليات تبييض الأسنان دون الالتزام بالمعايير العلمية والطبية، ما يشكل خطرا على صحة المواطنين”.

من جانبه، دعا أمين توفيق، رئيس المجلس الجهوي للجنوب لهيئة أطباء الأسنان الوطنية، السلطات المختصة إلى “وضع حد لهذه الصالونات” مشيرا إلى أن أي طبيب أسنان ثبت تورطه مع “المتطفلين على المهنة” سيتم إحالته على المجلس التأديبي من طرف الهيئة، مؤكدا على أن هذه الظاهرة نادرة ومع ذلك يجب التجند لمحاربتها.

وشدد على ضرورة تعاون كل من “الهيئة ووزارة الصحة ووزارة الداخلية” ومساهمتهم في إنجاح الورش الملكي المتعلق بـ”تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية”.

جدير بالذكر أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية كان أوقف 7 أشخاص ينشطون بمدينتي سلا ومكناس، من بينهم معتقلان سابقان بموجب قانون مكافحة الإرهاب، وذلك للاشتباه في ارتباطهم بشبكة إجرامية متخصصة في التزوير واستعماله والنصب والاحتيال وانتحال صفة طب الأسنان، متسببين في إصابة العديد من المرضى بأمراض ومضاعفات خطيرة، إضافة إلى القيام بعمليات تزوير لعدة ملفات تهم تكاليف استشفاء وهمية، بهدف استرداد مبالغ مالية عن طريق النصب على شركات التأمين الصحي وصناديق الاحتياط والضمان الاجتماعي.

ماذا يقول القانون؟

في تصريح لجريدة مدار 21، أكد عبد العالي الصافي، وهو محام بهيئة القنيطرة أن هناك فراغا قانونيا “رهيبا” بخصوص تنظيم مهن صناع الأسنان، مشيرا إلى أن هناك فرقا بينها وبين مهنة طب الأسنان التي لا يمكن ممارستها إلا بعد الحصول على دبلوم مؤهل وترخيص من “هيئة أطباء الأسنان الوطنية”.

علاوة على ما سبق، ذكر المتحدث أن مهن صناع الأسنان كانت موجودة حتى قبل تنظيم مهنة طب الأسنان بالمغرب، وبالتالي وجد المشرع نفسه اضطرارا، بعد تنظيم المهنة، أمام حوالي 17 ألف صانع أسنان بالمغرب، مبرزا أن هناك جملة من الأسئلة حول وضعهم والتي لم تلق بعد جوابا، إذ “لا وجود لأي جهة يخضعون لها، تمارس عليهم الرقابة، وتقوم بدورها التأديبي في حالة حدوث خطأ مهني” مشيرا إلى وجوب “تقنين مهنة صناع الأسنان وولوجها وفق شروط معينة”.

وتابع المتحدث ذاته أن “هناك مشروع قانون 14-25 من شأنه سد هذا الفراغ القانوني ويتعلق بمزاولة مهن محضري ومناولي المنتجات الصحية، وكان أثار عند صدوره احتجاجات ونقاشا عموميا بين أطباء الأسنان من جهة والصناع من جهة أخرى”، مؤكدا أن هناك بالفعل “حاجة لمثل هذا القانون من أجل ألا تتكرر المآسي، إذ هناك صناع أسنان يقومون بعمليات جراحية تشمل قلع الأسنان وعمليات تجميلية مثل الهوليود سمايل وغيرها، في وقت يجب أن تبقى هذه العمليات تبقى حكرا على أطباء الأسنان المتخصصين”، وبأن على المشرع “التدخل بحزم لترتيب جزاءات جنائية في حالة مخالفة القوانين والضوابط”.

وكشف عبد العالي الصافي، أنه في “حالة مخالفة الضوابط من أطباء الأسنان تتدخل الهيئة الوطنية لأطباء الأسنان، بيد أنه في المقابل، ليس هناك أي هيئة مخول لها أن تتابع من أخل بالنظم من صناع الأسنان”.

وعن المرضى المتضررين بسبب أخطاء طبية من طرف صناع الأسنان، أشار المحامي إلى أن بإمكانهم “ولوج القواعد العامة للقانون، وذلك في إطار جرائم الخطأ المندرجة ضمن القانون الجنائي، إذ يمكن أن يلتمس تعويضا” زيادة على إمكانية “سلك المسطرة المدنية في إطار طلب التعويض عن المسؤولية التقصيرية أو المسؤولية العقلية إن وجدت شروطها”.

كما أشار إلى أنه حتى في حالة الضرر مع وجود فراغ قانوني فـ”هناك قاعدة قانونية تقضي بعدم السماح للقاضي برفض البت ولو في موضوع فيه فراغ قانوني وإلا اعتبر ناكرا للعدالة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News