اقتصاد

خبير يوضح دلالات إطلاق السيارة المغربية الصنع وأهمية مساهمة القطاع في الاقتصاد الوطني

خبير يوضح دلالات إطلاق السيارة المغربية الصنع وأهمية مساهمة القطاع في الاقتصاد الوطني

ظل دخول المغرب إلى الصناعات الثقيلة، ومنها صناعة السيارات، متوقفا على الاستثمارات الأجنبية، رغم النجاح المهم الذي حققته هذه الصناعة، غير أن صفحة جديدة فُتِحت يوم أمس، الاثنين 15 ماي 2023، صفحة جديدة، بإطلاق نموذج سيارتين من صنع مغربي، خلال حفله ترأسه الملك محمد السادس.

ويتعلق الأمر، بمشروعين مبتكرين من شأنهما تعزيز علامة “صُنع في المغرب”، وتدعيم مكانة المملكة كمنصة تنافسية لإنتاج السيارات. والسيارة الأولى من تصنيع شركة “نيو موتورز”، وهي شركة برؤوس أموال مغربية، في حين أن السيارة الثانية هي نموذج أولي لمركبة الهيدروجين لشركة NamX “نامكس”، الذي أطلق عليه اسم مركبة الهيدروجين النفعية.

وكشف رئيس ومؤسس شركة “نامكس” فوزي نجاح، في تصريح للصحافة، أن مركبة الهيدروجين النفعية لشركة “نامكس” ستوفر كافة الامتيازات لسيارة رفيعة عادية لكن من دون التلوث، مؤكدا أن الغاية وراء ابتكار هذه المركبة الجديدة هو إنتاج سيارة رياضية نفعية SUV، رباعية الدفع يبلغ طولها 5 أمتار وعرضها مترين، تتمتع بكافة الامتيازات التي توفرها سيارة رفيعة عادية لكن من دون التلوث الذي تخلفه هذه الأخيرة.

وأشار نجاح إلى أن هذه السيارة التي “نعتزم إنتاجها في متم 2026″، أشرفت على تصميمها الداخلي كفاءات مغربية شابة، لافتا إلى أن عمر بطارية المركبة الجديدة يصل إلى 800 كلم، مع مدة شحن لا تتجاوز 4 دقائق.

ومن جهته، أكد نسيم بلخياط المؤسس المدير لشركة “نيو موتورز”، أن السيارة التي ابتكرتها شركته المصنعة، بمصنع عين عودة (جهة الرباط-سلا- القنيطرة)، تشكل ثمرة التميز والابتكار الذي يعرفه المغرب اليوم، مضيفا أن السيارة المغربية المزودة بمحرك “بي اس اي” المصنع بالمغرب، والتي تم تصنيع 60 بالمائة من أجزائها بالمملكة، ستوفر للمغاربة كافة امتيازات السيارات الأكثر أمانا، لافتا إلى أنها ثمرة عمل فريق طموح.

وتشرف على هذا المشروع، الذي يعد إيذانا بميلاد أول علامة سيارات مغربية للعموم، كفاءات وطنية، ويعتمد خصوصا على منظومة محلية لتجهيز السيارات تطورها المملكة، وفق بلخياط.

دلالات إطلاق السيارة المغربية

نوفل الناصري، خبير اقتصادي ومالي متخصص في السياسات الحكومية والاستراتيجيات التنموية، أشار في تصريح لجريدة “مدار21” إلى أن إطلاق السيارة المغربية الجديدة بترأس من الملك محمد السادس هو دليل إشراف وانخراط عملي لأعلى سلطة في البلاد في استراتيجية المغرب التي تهدف لكي تصبح المملكة المنصة الأولى الأكثر تنافسية في العالم بقطاع السيارات.

وأكد الخبير الاقتصادي أن إطلاق السيارتين هو دليل واضح على تميُّز الإنتاج المغربي وتطور المنظومات الصناعية المحدَثة، وهو تتويج لتحل علامة “صُنِعَ في المغرب” إلى مرجع دولي مُعتمد، مستحضرا أن “منصة المغرب الصناعية للسيارات تصدر إنتاجها إلى أزيد من 74 بلداً عبر العالم، بنسبة اندماج محلي في حدود 69 %، ويتم تصدير 90 % من الإنتاج إلى كل أنحاء العالم”.

وتابع نوفل الناصري أنه “بفضل مقوماته التنافسية، وهذا السبق العربي والإفريقي في مجال صناعة السيارات من الجيل الجديد، دخلت منظومة الصناعة المغربية منعطفا تاريخيا أصبح المغرب بفضله حاضرا في خطط كبريات الشركات الصناعية العالمية، وهو مؤهل لأن يصبح المركز الأكثر تنافسية في العالم في صناعة السيارات”.

تقرير “الانتعاش الاقتصادي في المغرب”، الصادر عن مجموعة “أكسفورد بيزنس غروب” أوضح، وفق الناصري، أن القرب الجغرافي بين المملكة المغربية وأوروبا، أكبر شريك تجاري لها، “حوّل المغرب إلى مركز عالمي لتصنيع السيارات على مدار العقود الأخيرة”.

بدورها، المجلة الأمريكية المتخصصة في صناعة السيارات “أوتوموتيف إنداستريز” أكدت أن المغرب مؤهل لأن يكون مركزًا لصناعة السيارات، وأنه يتجه لإنتاج مليون سيارة في المدى المتوسط، يردف الناصري.

المساهمة الاقتصادية للقطاع

وأفاد الخبير الاقتصادي أن قطاع صناعة السيارات بالمغرب أكد “مساهمته ومكانته المركزية في الاقتصاد الوطني ومحوريته في تحقيق دفعة قوية ونقلة تاريخية للمنظومة الصناعية”، مشيرا إلى أنه “حسب بيانات مكتب الصرف، ظل هذا القطاع ومنذ 7 سنوات، المُصَدّر الرئيسي للمغرب، بتحقيق صادراته لرقم معاملات بلغ 80 مليار درهم سنة 2019 و72 مليار درهم سنة 2020 و84 مليار درهم (8 ملايير دولار) في سنة 2021، بقيمة مضافة بلغت 31,7 مليار درهم، تساوي مرة ونصف القيمة المضافة التي يحققها اليوم المكتب الشريف للفوسفاط” حسب الناصيري.

ويتطلع المغرب، وفق الخبير نفسه، إلى “تحقيق صادرات في حدود 111,2 مليار سنة 2022 درهم؛ وقد بلغت طاقته الإنتاجية 700 ألف سيارة، بقوة عاملة تُقدر بأكثر من 220 ألف عامل في أزيد من 250 مصنع في جميع أنحاء البلاد؛ بفضل هده الإنجازات غير المسبوقة، أصبح المغرب يتصدر منتجي السيارات بالقارة الأفريقية منذ سنة 2017، وأصبح ثاني أكبر مصدر إلى أوروبا مند منتصف 2021”.

ثلاثة ركائز للتنافسية المغربية

وأشار الخبير الاقتصادي نوفل الناصري إلى أن تقديم المغرب للنموذج الأولي لسيارة تعمل بالهيدروجين يندرج في إطار استراتيجية المغرب لكي يتحول إلى مركز عالمي أكثر تنافسية لصناعة السيارات، مشددا على أن هذه الاستراتيجية تقوم على 3 ركائز.

أول هذه المرتكزات، وفق الناصري، هو “رفع مستوى الاندماج المحلي إلى 80% (80% من أجزاء السيارات ستكون مصنعة في المغرب بمصانع مغربية) عن طريق تحسين تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة وتعزيز قدراتها التقنية والتدبيرية وتوفير الوعاء العقاري الصناعي الخاص بها وتسهيل حصولها على التمويلات المالية الكافية لتطوير استثماراتها وتحديث أنظمتها الإنتاجية لمواكبة التحولات العالمية وللاستجابة لمتطلبات المصنعين الكبار”.

ثاني المرتكزات هو “رفع القيمة التنافسية للمنتوج المغربي بتحقيق الحياد الكربوني في القطاع، على اعتبار أن المغرب يتوفر على أقوى الاستراتيجيات في التنمية المستدامة عالميا ويزخر بطاقات متجددة هائلة ومتنوعة وهو مؤهل للعب أدوار إقليمية وعالمية في هدا المجال على المدى المتوسط والبعيد، ويمثل نزع الكربون من المنظومة الصناعية الوطنية الميزة التنافسية الكبرى للمغرب أمام الهند والصين، سيسمح هذا الأمر للمصدرين المغاربة بولوج الأسواق الأوروبية التي تستعد لتطبيق ضريبة الكربون في الأشهر المقبلة”، وفق الناصري.

ويؤكد الخبير نفسه أن المرتكز الثالث هو “دمج رأس المال المغربي في هذه الصناعة المتطورة ودفع الاستثمارات المحلية للانخراط بشكل كبير في العمليات الإنتاجية، في إطار المشروع الرائد للإنعاش الصناعي لمرحلة ما بعد كوفيد -19”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News