مجتمع

ذكرى 16 ماي.. كيف حوّل المغرب أزمة يوم أسود إلى فرصة شراكات مثمرة مع دول عظمى؟

ذكرى 16 ماي.. كيف حوّل المغرب أزمة يوم أسود إلى فرصة شراكات مثمرة مع دول عظمى؟

في كل عام وبحلول السادس عشر من ماي، تتجدد ذكرى يوم أسود، اهتز فيه المغرب على وقع أحداث إرهابية بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء قبل عشرين عاما، والتي راح ضحيتها 45 شخصا.

هذا اليوم الأسود، جعل المغرب يحول “أزمة إلى فرصة”، ويصبح بعد عقدين من الزمن، واحدا من بين الدول الأكثر نجاعة في محاربة الإرهاب، وشريكا لعشرات من الدول، أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية، في ذلك.

ونهج المغرب ومباشرة بعد أحداث 16 ماي، سياسة أمنية حازمة ضد التطرف والجماعات والخلايا الإرهابية، توجت في عام 2005 بتأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، والذي أثبت وبعد 18 عاما أنه “عين المغرب التي لا تنام”.

وتمكن منذ إنشائه من تفكيك 90 خلية إرهابية، أكثر من 80 منها موالية لداعش، مما أدى إلى توقيف 1514 شخصا، وهو ما جعل “مؤشر الإرهاب العالمي” الصادر في مارس الفارط، يضع المغرب في خانة البلدان ذات التهديد الإرهابي المنخفض جدا، باحتلاله الرتبة 83 عالميا، على اعتبار أن الدول التي تحتل المراتب الأولى هي الأكثر تهديدا.

وتمكنت المملكة ضمن المؤشر الصادر عن “معهد الاقتصاد والسلام” من كسب 7 مراتب مقارنة مع نسخة السنة الماضية التي حلت فيها البلاد في الرتبة 76 دوليا، وحازت معدل 0.757؛ على اعتبار أن البلدان التي تحرز نقطة الصفر هي الأكثر أمانا.

الباحث في السياسات والحوكمة الأمنية، إحسان الحافيظي، يؤكد نجاعة المغرب في مكافحة الإرهاب، معتبرا أن أحداث 16 ماي كانت بمثابة تنبيه إلى أن الاستثناء المغربي لا يعني الارتكان إلى عدم تقدير المخاطر المبكرة فيما يتعلق بالتهديدات الأمنية تحديدا.

كما شدد المتحدث ذاته في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية أن هذه الأحداث الإرهابية كانت فرصة لإعلان استراتيجية مبنية على البعد الوقائي أولا والزجري ثانيا في مجال مكافحة الأرهاب، والتي أبانت على نجاعتها “حدت فعلا من منسوب التهديدات الأمنية التي كانت تحدق بالمملكة”.

كما أكد الحافيظي أن المملكة نجحت في مرحلة لاحقة في تسويق هذه الاستراتيجية باعتبارها متكاملة على المستوى الإقليمي، مستحضرا المشاركة بتحقيقات تلت هجمات إرهابية في الكوديفوار وبوركينا فاسو وفي أوروبا وتحديدا في مدريد.

وبحسب الباحث في السياسات والحوكمة الأمنية، نجاعة المغرب في مكافحة الإرهاب جعلته يبني عددا من الشراكات همت تحديدا الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ودول عربية، وهو ما جعل الاستراتيجية المغربية “استراتيجية وطنية قادرة على الحد من التهديدات الناشئة”.

كما نوه الباحث المغربي بالجوانب المصاحبة لهذه الاستراتيجية والمصاحبة للبعد الأمني، سواء على مستوى المقاربة الاجتماعية والاقتصادية والمصاحبة التشريعية من خلال مجموعة من التعديلات، فمنذ 2003 (صدور قانون الإرهاب) إلى اليوم، طرأت على هذا القانون نحو ثلاثة تعديلات أساسية.

واعتبر أن الشراكة بين المغرب ودولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تؤكد هذه النجاعة، وهو ما جعل جهاز استخبارات قوي في دولة قوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية يراهن على دور أكبر للمملكة المغربية في مجال محاربة الإرهاب.

ويسجل الحافيظي أن القراءة في البلاغات الصادرة بعد اجتماعات ثنائية جمعت مسؤولين أمنيين من المملكة وبلاد العم سام، سواء تلك التي كانت قد جمعت بين المدير العام للأمن الوطني ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالية أو مع مدير جهاز المخابرات المركزية الأمريكية، يؤكد هذا الرهان.

كما أشار في نفس السياق، أن كل البلاغات كانت تستحضر منطقة الساحل، حيث أن إعادة الانتشار التي قام بها تنظيم داعش في بؤر التوتر التقليدية في سوريا والعراق نحو الساحل وبناء على تقارير استخباراتية دولية نبهت إلى مخاطر تحول إفريقيا إلى نفوذ ترابي جديد لداعش دفعت هذه الدول إلى تحرك الولايات الأمريكية وإسرائيل إلى المغرب باعتباره فاعلا أساسيا وعامل استقرار في المنطقة.

وقال إن الشراكة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية في مكافحة الإرهاب تأخذ بعين الاعتبار التحولات الجيوستراتيجية في المنطقة وتحديدا الفشل الفرنسي في محاربة الإرهاب في الساحل.

“كما يفرضها (الشراكة) وجود أنظمة عسكرية لا دولاتية، ويتعلق الأمر بالجماعات المتطرفة في المثلث الحدودي في الساحل تحديدا (بين بوركينا فاسو وتشاد والنيجر) وأيضا وجود قوات عسكرية مثل قوات فاغنر” يضيف الباحث في حديثه للجريدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News