موقف

في العلاقة مع الجزائر.. الأقدام في رصانة

أتلاتي

في السياسة نظريات واقعية تقبل التنزيل والممارسة شريطة الإمساك بقواعد وأدبيات الفهم وإحكام المنهج تحقيقا لمقاربة التجانس في القول والفعل.

كما تمة نظريات هلامية لا تستوعبها بالمطلق مقومات المنطق، وبالتالي غالبا ما تحسب اعتباطا على ترف “المنطق” لفقدانها الأسس والآليات والمفاهيم، ما يدفع المتعصبين لهذه النظريات إلى إعمال منهجية التدليس لتصريف منظومة تزوير الحقائق نظير خلق واقع مزيف على الجانب الآخر المنتصب بكافة شموخ مقوماته الأدبية والتراثية والسياسية والتاريخية والجغرافية داحضا وماسخا لكافة مظاهر التزييف والتزوير والتدليس، بخاصة إذا ما كان الأمر في مثل هذه النظريات الاختلاقية يتعلق بما يعرف ب “التحويرات الترابية” التي تروم محاولة تهريب وتغيير المعطيات الجغرافية الملتصقة بطبيعة الأرض، كما هي الحالة المتجسدة في النظام العسكري الجزائري الذي بنى عقيدته الوجودية والسياسية التي أسس لقواعدها التآمرية الهواري بومدين في أبرز عملية تزوير شهدها تاريخ البشرية على وحدة الشعوب، وذلك منذ فجر الاستقلال إلى اليوم عبر بوابة تكريس أوسخ فصول العداء المصطنع ضد المملكة المغربية من خلال زرع كيان انفصالي وهمي ينازع المغرب في حقوقه التاريخية والشرعية والجغرافية بأقاليمه الجنوبية.

محطات في التاريخ المعاصر طويت وأجيال تعاقبت وسياقات تغيرت، لتظل الحالة السيكولوجية للقيادة العسكرية في الجزائر على حالها ثابتة على اللامنطق بفعل إصرارها على مواصلة تغذية العداء ضد المملكة المغربية عبر توسيعها لدائرة الإشاعات والافتراءات والأكاذيب المروجة لتهديداتها، والإمعان في وصمها بالعدو الكلاسيكي والتسويق لصورتها السوداء وغير المؤتمنة لجوارها في تكريس لعمليات تدجين واسعة النطاق بصفوف المواطنين عبر تسخير ممنهج لكافة وسائل الإعلام الرسمية العازفة على نغماته، إلى جانب التجنيد المفرط للذباب الإلكتروني المكلف بخدمة نفس الأجندات بغرض نسف أي تقارب بين الشعبين المغربي والجزائري، وتبخيس كافة المبادرات الأخوية للمملكة المغربية الرامية إلى طي صفحة الخلافات السياسية بالقفز على المزايدات الإعلامية والديبلوماسية المسممة للعلاقات الانسانية والروابط التاريخية، وفتح آفاق جديدة خالية من كل أشكال الحقد والضغينة والكراهية والاحتكام لمنطق الجوار السليم المبني على الاحترام المتبادل وترسيخ قيم التضامن واستشراف مستقبل إطار لمصير مشترك. لكن يبدو واضحا وبجلاء أن نظام العسكر بالجزائر متشبت بمنطق تقعيد العداء ضد المملكة المغربية، بالرغم من الدعوات الصريحة التي كان آخرها خطاب الملك بمناسبة عيد العرش الذي لخصه في رفع الحجر عن النظام العسكري الجزائري للمضي قدما نحو بناء تاريخ مشترك أساسه التآخي وخدمة الشعبين.

رد فعل جزائري كانت سمته هستيريا مبنية على رفع منسوب المخاوف والتهديدات التي لا توجد إلا في مخيال قيادات النظام العسكري لسنين يخبرها المغاربة جيدا يتمثل في الإبقاء على سياسة العدو الافتراضي المجسد في الجار المغرب.

وهناك سبب آخر لا يعرفه إلا الراسخون في الشأن الدولي يجعل الآلة العسكرية الجزائرية تتخبط ببلاغات رئاسية تذكي النعرات في محاولة لرسم خارطة إطالة عمر العسكر؛ فهل فعلا سيطول عمر العسكر بحكم الجزائر وسيشكل النظام بها استثناء على السياق الدولي بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليظل نظام الجزائر النظام العسكري الشمولي الوحيد الذي لم يسقط إلى حدود الساعة؟

 

رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث الاستراتيجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News