سياسة

وساطة محتملة مع إيران ومصالح اقتصادية.. هل يؤثر التقارب الصيني المغربي على العلاقات مع أمريكا؟

وساطة محتملة مع إيران ومصالح اقتصادية.. هل يؤثر التقارب الصيني المغربي على العلاقات مع أمريكا؟

إذا كانت دول أوروبية قد بسطت نفوذها على دول إفريقية بقوة السلاح خلال القرن الـ19، فإن الصين استطاعت أن تدخل القارة السمراء ومن باب الاقتصاد والتجارة، مستعينة بقوة “ناعمة”، جعلتها ترقى لمرتبة حليف لعدد من دول المنطقة، لعل أبرزها المغرب.

تقارب الصين والمغرب، وخاصة في ظل لعبها دور الوسيط في عدد من المصالحات في منطقة الشرق الأوسط، بين حلفاء المملكة (السعودية) وإيران، وتداول أخبار تفيد أن دول الخليج قد تقرب وجهات النظر بين طهران والرباط، يجعل السؤال عن تأثير ذلك في العلاقات الأمريكية المغربية، مشروعا.

المحلل السياسي حسن بلوان، يستبعد في حديثه لجريدة “مدار21” الإلكترونية أن يؤثر التقارب الصيني المغربي على علاقات الرباط بواشنطن، ويؤكد أن المملكة تحرص على الحفاظ على علاقاتها بالولايات المتحدة الأمريكية بشكل تفضيلي، إذ هناك تعاون كبير يشمل الاقتصاد والمجال العسكري، كما يجمع البلدين حوار استراتيجي دائم.

ويرى المحلل أن ما يقوم به المغرب هو تنويع لعلاقاته الخارجية السياسية والاقتصادية بناء على مبدإ الربح المشترك، معتبرا أن العقيدة الدبلوماسية الجديدة للمملكة وفقت إلى حد كبير في نهج سياسية تنويع الشركاء الدوليين والتعامل مع الشرق والغرب بما يتماشى مع مصالحها العليا خاصة فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية.

وقال بلوان إن العلاقات المغربية الأمريكية تعرف تطورا متزايدا منذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء أواخر سنة 2020، مسجلا تزايد وتيرة هذا التقارب والتنسيق الأمني العالي المستوى والشراكة العسكرية الاستراتيجية بالإضافة إلى التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين “حتى أضحت المملكة شريكا استراتيجيا موثوقا للولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة المغاربية والإفريقية”.

ويضيف المحلل السياسي “لكن مع دخول قوى منافسة للمنطقة وعلى رأسها الصين بدت الخيارات متزاحمة بالنسبة لمعظم الدول الإفريقية ومن بينها المغرب الذي يسعى جاهدا إلى تحقيق التوازن الصعب بين الانفتاح على قوى دولية جديدة مثل الصين وروسيا وفي نفس الوقت الحفاظ على علاقاته التقليدية مع الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية”.

واعتبر أنه من حق الولايات المتحدة الأمريكية أن تقلق على نفوذها التقليدي داخل القارة، خاصة مع البروز اللافت للصين كقوة منافسة للغرب في إفريقيا.

ورغم أن الصين تنأى بنفسها عن الأمور السياسية وتتخذ البوابة الاقتصادية سلاحا ناعما للتغلغل داخل القارة وهو ما حصل بالفعل، يشدد حسن بلوان، على أنه لا يمكن إنكار أن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تمثل قوة نافذة داخل القارة السمراء.

وتعد الصين أكبر شريك تجاري رئيسي لقارة إفريقيا، ومستثمرا بارزا في مشروعات البنية التحتية والتعدين، حيث أظهرت بيانات الهيئة الوطنية العامة للجمارك أن التجارة بين الصين وإفريقيا وصلت إلى 254.3 مليار دولار في 2021، بزيادة 35.3 بالمئة على أساس سنوي.

وفي نفس السياق، توقعت “وكالة ماكنزي” الأميركية أن تصل قيمة الأرباح المالية التي تجنيها الصين من إفريقيا بحلول عام 2025 إلى 440 مليار دولار، أي بزيادة قدرها 144 في المئة.

ويؤكد بلوان أن محاولة الصين وعلى غير العادة أن تدخل من بوابة دبلوماسية جديدة تهم المصالحة بين إيران ومجموعة من الدول العربية والإفريقية ومن بينها المغرب عن طريق المملكة السعودية، سيشكل تحديا إضافيا للولايات المتحدة الأمريكية داخل منطقة مهمة واستراتيجية ومدخلا أساسيا للقارة الإفريقية.

ويخلص المحلل السياسي إلى أن المغرب طور آليات ووسائل التعامل مع القوى الدولية في إطار مبادئ دبلوماسية تركن للتعاون البناء وتنويع الشركاء والمصالح المشتركة وعدم التفريط في الحلفاء الغربيين المساندين لمغربية الصحراء خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، مع محاولة تحييد الحلفاء الشرقيين لاتخاذ مواقف أكثر توازنا من ملف الوحدة الترابية المغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News