دولي

خبير يستقرئ مستقبل الوساطة العربية بين المغرب والجزائر ويدعو الدبلوماسية المغربية لقبول “هدايا” الجنرالات

خبير يستقرئ مستقبل الوساطة العربية بين المغرب والجزائر ويدعو الدبلوماسية المغربية لقبول “هدايا” الجنرالات

بينما أوضحت عدد من التقارير وجود مساع حثيثة تقودها السعودية ومصر للمصالحة بين المغرب والجزائر خلال قمة جامعة الدول العربية المزمع انعقادها في الرياض في شهر ماي القادم، يرى خبراء أن حظوظ نجاح الوساطة ضئيلة إذ يجب إسنادها بالتوجه لفرض عقوبات عربية على الجزائر في حال رفضت الوساطة.

وفي الوقت الذي تشير فيه المؤشرات إلى أن المفاوضات جارية من أجل أنهاء الأزمة بين الجارين، عبر الجلوس إلى طاولة الحوار لحل مختلف الإشكالات العالقة، لا سيما في ظل سياسة اليد الممدودة من طرف المغرب، يذهب خبير العلاقات الدولية أحمد نور الدين إلى أن الدبلوماسية المغربية ينبغي أن تتحرك لحشد أصدقائها للضغط أكثر على الجزائر للجلوس على طاولة الحوار ورفع يدها عن ملف الصحراء المغربية نهائيا، وأن تغتنم هذه الدبلوماسية “هدايا” النظام الجزائري، لا سيما مع التصعيد الأخير.

حظوظ الوساطة غير المستبعدة

واعتبر الخبير أحمد نور الدين أن الوساطة المصرية السعودية بين المغرب والجزائر في إطار الجامعة العربية “تبقى غير مستبعدة، بالنظر إلى سوابق المملكة العربية السعودية التي حاولت مرارا وتكرارا، وإلى وقت قريب، الوساطة بين البلدين”.

وتابع الخبير بخصوص جديد وجود وساطة مصرية سعودية “ربما يكون لها وزن أكبر، ومثل هذه الوساطات أمر طبيعي في الظروف العادية للجامعة العربية التي الأصل فيها أن تلعب دورا في حل الخلافات بين البلدان العربية”.

وحول شروط نجاح الوساطة من منطلق القانون الدولي، أورد أحمد نور الدين أن “يكون الطرفان المعنيان بالنزاع قابلين للوساطة، وهذا الشرط للأسف تتوفر 50 في المئة منه فقط، فمن الجانب المغربي، لا أحد على المستوى العربي أو الدولي سيشكك في رغبة المغرب بحل النزاع مع الجزائر بأي وسيلة، بين من جانب هذه الأخيرة فهي ترفض الوساطة بالمطلق”.

وأكد أنه بالنسبة للمغرب “ليس هناك مرجعية أكبر من الخطابات الملكية التي أكدت في أكثر من مناسبة مد اليد للجزائر، والاستعداد لحل الأزمة بأي طريقة لمناقشة المشاكل دون طابوهات أو أي سقف، كما أن الحوار يمكن أن يفتح على صعيد جميع المستويات، سواء بين الرئيس الجزائري والملك المغربي، أو بين رئيس الحكومة المغربية ورئيس الوزراء الجزائري، أو بين وزيري خارجية البلدين، أم مشاورات موسعة”.

لكن الوساطة المصرية السعودية، يضيف خبير العلاقات الدولية، تبقى “مرفوضة من الجانب الجزائري، وذلك ما يبدو من خلال خطابات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الذي قال في حوار مع “الجزيرة” كلام خطير حول وصول العلاقات بين البلدين إلى نقطة اللاعودة، وهذا كلام خطير، معناه أنه لم تبق إلا خطوة الحرب”.

وفي السياق نفسه، أكد نور الدين أن خطوة الحرب هي الأخرى ذكرها الرئيس قبل ما يناهز شهرين في حوار مع “لوفيغارو” الفرنسية، الذي قال فيه أن العلاقات مع المغرب وصلت إلى مستوى إما أن يتم قطعها أو أن تكون الحرب، مضيفا “معنى ذلك أن المسكوت عنه في الخطاب الجزائري أنها تستعد للحرب مع المغرب، وهي كذلك لأنها قامت بحشودات عسكرية على الحدود ومناورات بالذخيرة الحية وغيرها من المؤشرات”.

وضمن ما يعيق هذه الوساطة، حسب الخبير في العلاقات الدولية “خطابات رسمية للرئيس الجزائري على التلفزيون الرسمي يقول فيها أنه يرفض أي وساطات مع المغرب، وهناك بيان للخارجية الجزائرية تم تعميمه يرفض أي وساطة مع المغرب”.

المعاقبة العربية للجزائر

وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “شروط نجاح الوساطة منتفية منذ البداية، ما دامت الجزائر ترفضها من الأساس، لكن ربما ما تملكه المملكة السعودية ومصر، من خلال وزنيهما على صعيد الجامعة العربية والمنظومة العربية، بإمكانهما الضغط على الجزائر لقبول الوساطة”.

وفي هذا السياق، أورد أحمد نور الدين أن “مصر، رغم المشاكل التي تعيشها، إلا أن وزنها يبقى ثقيلا ضمن المنظومة العربية والجامعة العربية التي تحتضن مقرها، وكذلك الأمر بالنسبة للمملكة السعودية من خلال رصيدها المعنوي كبلاد الحرمين الشريفين، أو وزنها الاقتصادي الذي لا يخفى وتأثيره على السياسة، ما يجعل البلدين قادرين على تجنيد الجامعة لممارسة ضغوط على الجزائر بالرجوع إلى ميثاق الجامعة العربية الذي يتضمن فصول عدة عن حل الخلافات، وبما أن الجزائر عضو بالجامعة فهي مضطرة لقبول القانون الأساسي للجامعة العربية”.

وأكد الخبير أنه “يمكن ممارسة الضغط على الجزائر لترضخ للوساطة عبر الجامعة العربية، تحت طائلة تجميد عضويته في الجامعة إذا رفضت الوساطة العربية التي يقودها البلدين تحت مظلة الجامعة العربية، لأن القانون الداخلي للجامعة واضح في المصالحة بين الدول وفتح الحدود وتشجيع المبادلات بين الدول، وكذا آليات حل الأزمات”.

ورغم استبعاده أن تصل المملكة السعودية أو مصر إلى هذ المستوى من فرض عقوبات عربية على الجزائر أو تجميد عضويتها، إلا أن نور الدين أكد أن هذه العقوبات “حتى لو كانت بدون أثر اقتصادي، ولكن من الناحية المعنوية فإن هذه العقوبات الرمزية ضد خوض الجزائر حرب شاملة على المستوى الدبلوماسي ضد المغرب، يمكن أن تشكل ضغطا معنويا يمكن استثماره حتى على المستوى الأوروبي والإفريقي ومجلس الأمن، ذلك أن مثل هذا القرار يمكن أن يكون له وقع كبير على المستوى الدولي، وأن يحدث بداية التغيير في الموقف الجزائري”.

رفض الدبلوماسة المغربية للهدايا

وأكد نور الدين أن “النظام الجزائري الحالي أعطى هدايا ترفضها الدبلوماسية المغربية، لأن هذا النظام يخوض منذ نشأته حربا إما مباشرة أو بالوكالة ضد المغرب، مباشرة مثل تورطه في أمغالا 1976 حيت تم أُسر ضباطه داخل التراب الوطني، والحرب بالوكالة مثل التي يخوضها عبر البوليساريو أو داخل الإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة”.

وأوضح أن “الهدية التي قدمتها الجزائر، منذ تنحية بوتفليقة، هو أن قادة الجيش الجزائري عبر واجهتهم تبون لا يحسنون التلاعب السياسي، مثلما كان يحسنه الرؤساء السابقون، والأن ما كانوا يضمرونه لعقود ماضية باتوا ينطقون به اليوم”، مشيرا إلى أنهم “عندما يتحدثون على المغرب كعدو كلاسيكي ويلوحون بخوض الحرب ضده فهم يقدمون هدية للمغرب لتتحرك الدبلوماسية المغربية نحو تحريك الإدانات الدولية تجاه هذا النظام، سواي من الجامعة العربية أو الاتحاد الإفريقي أو المنظمات الدولية”.

وأشار أحمد نور الدين إلى أن “الدبلوماسية المغربية لم تستغل كما ينبغي لا هذا الانزلاق الخطير في التصريحات الرسمية لرئيس الجزائر وقاداتها”.

أما دور الوساطة في تخفيض التصعيد فيرى نور الدين أنه لصالح الجزائر استراتيجيا، لأنها كانت مرتاحة في سياستها العدوانية تجاه المغرب وبقاء العلاقات جيدة.

وأضاف أن المغرب “يجب أن يشتغل مع أصدقائه على إدانة الجزائر في حال رفضت الوساطة العربية، وأن تتقدم الدول العربية بمقترحات لتجميد عضوية الجزائر بالجامعة العربية، لأن قرارات من هذا النوع ستكون سابقة وستشكل ضغطا دبلوماسيا على الجزائر يمكن توظيفه آنذاك على المنتظم الدولي”.

وأكد أن المطلوب من “الجزائر ليس أن تسحب اعترافها بالجبهة الانفصالية بل أن ترفع يدها عن الملف وأن تمنع التسليح وخروج الهجمات من الجزائر، وأن تمتنع خارجيتها عن شن حملات ضد المغرب، والامتناع عن تمويل جمعيات انفصالية تعاكس المصالح المغربي، وليس فقط أن تخفض التصعيد”.

وأول ما ينبغي أن تقوم به الجزائر في هذا السياق، وفق الخبير في العلاقات الدولية، هو أن “تسمح للمفوضية العليا للاجئين بالأمم المتحدة بإحصاء اللاجئين وإعادتهم إلى أرض الوطن، وليستمر قيادات البوليساريو في المعارضة من الجزائر، لكن الساكنة المحتجزة ينبغي السماح بإحصائها للاستفادة من حقوق اللاجئين”.

وذهب الخبير إلى أن “التصعيد الأخير لو عرف المغرب كيف يستغله فهو جزء من الحل، لأنه كشف أن خصم الوحدة الترابية المغربية ليست هي الجبهة الانفصالية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News