اقتصاد

تفعيل خارطة الطريق السياحية.. خبير: أهملت السياحة الداخلية وأهدافها متواضعة وسهلة التحقيق

تفعيل خارطة الطريق السياحية.. خبير: أهملت السياحة الداخلية وأهدافها متواضعة وسهلة التحقيق

بعد توقيع خارطة الطريق  لقطاع السياحة للفترة 2023-2026، بغلاف مالي يصل إلى 6,1 ملايير درهم، بعد أن طال انتظارها منذ أشهر، يرى الخبير السياحي الزوبير بوحوت أنه تضمنت مجموعة من الإشارات الإيجابية، إضافة إلى بعض النقائص من قبيل تهميش السياحة الداخلية، والميزانية الضعيفة، والأهداف المتواضعة مقارنه مع حجم الطموحات.

وتتوخى خارطة طريق السياحة، التي خُصص لها غلاف مالي يناهز 6.1 ملايير درهم على مدى 4 سنوات استقطاب حوالي 17.5 مليون سائح في أفق 2026، وتحقيق 120 مليار درهم من المداخيل بالعملة الصعبة في أفق 2026، وخلق 200 ألف فرصة شغل جديد مباشر وغير مباشر في أفق 2026، وإعادة تموقع السياحة كقطاع أساسي في الاقتصاد الوطني.

17 مليون سائح.. هدف سهل التحقيق

وقدم الزوبير بوحوت في تصريح لجريدة “مدار21” مجموعة من الملاحظات حول خارطة الطريق السياحية، مؤكدا أنه فيما يخص الأهداف المرقمة وما يتعلق بـ17.5 مليون سائح في أفق 2026، فإن هذا الرقم يشمل كذلك مغاربة العالم الذين يمثلون حوالي 7 ملايين من هذا الرقم، وأن الباقي بالتالي سيناهز 10.5 مليون سائح أجنبي يمكن استقطابهم.

وأورد الخبير السياحي نفسه أن “المغرب أنهى سنة 2022 بـ5 مليون سائح أجنبي، وسنة 2023 هي سنة الاسترجاع مقارنة مع الأربعة أشهر الأولى من سنة 2022، التي عرفت الرفع التدريجي للقيود”، مشيرا إلى أن “أرقام الشهور الأولى من 2023 ستكون قوية، إضافة إلى أنه ينبغي تسريع النمو خلال الشهور المتبقية حتى نصل إلى 7 مليون سائح أجنبي”.

وأورد “إذا وصلنا إلى هذا الرقم سنة 2023 معناه أن ما يفصلنا عن تحقيق هدف 2026، باستحضار مغاربة العالم، هو ما يناهز 3.5 مليون سائح، ما يعني أنه يجب إضافة هدف مليون و200 ألف سنويا، الأمر الذي يفيد أنه من السهل تحقيق الهدف”، مضيفا أنه “بعد الأزمات تزداد الرغبة في السفر، إضافة إلى الصدى الكبير الذي حققه المغرب بدءا من كأس العالم ثم الموندياليتو والترشيح المشترك لتنظيم كأس العالم 2030”.

وقال إن المكتب الوطني المغربي للسياحة “قام بعمل متميز تجلى في إطلاق المغرب أرض الأنوار والمشاركة في المعارض الدولية وتوقيع اتفاقيات كبيرة مع شركات طيران والمواقع العملاقة، ما يبدو معه أن الاسترجاع سنة 2023 سيكون قويا، ما سيجعلنا نعود إلى مستويات ما قبل الأزمة، سنة 2019”.

وأفاد أن تحقيق الأهداف تلزمه شروط، أولها أن اتفاقيات النقل الجوي يجب الزيادة منها، لأن تقوية الربط الجوي، سواء الدولي أو الداخلي، لا تزال مطلوبة، إضافة إلى أن الترويج يجب أن يستمر، ويجب تقوية الرقمنة كذلك.

ميزانية ضعيفة وهدف “العملة” سهل

وأضاف أن الميزانية المرصودة لخارطة الطريق البالغة 6 مليار و100 مليون درهم، على مدى أربع سنوات، ما يعني حوالي مليار و500 مليون في السنة، وهو مبلغ موزع على مجموعة من الأهداف منها النقل الجوي والترويج والرقمنة والتكوين وإعادة هيكلة الفنادق وإضافة أخرى جديدة، ما يجعل هذا الرقم ضعيف أمام هذه الطموحات.

وبخصوص رقم 120 مليار درهم من العملة الصعبة في أفق 2026 أكد الخبير السياحي أنه رقم سهل جدا ويمكن أن نتجاوره، موضحا أنه سنة 2022 رغم عدم فتح الحدود كاملة إلا في شهر ماي منه حققنا 91 مليار درهم، لكن ما تغافلت عليه الوزارة أيضا هو مساهمة مداخيل السياحة الداخلية، التي رجح بوحوت إمكانية تحقيقها 50 مليار درهم في أفق سنة 2026.

وأورد أن السياحة  الداخلية هي التي كانت صمام الأمان في وقت الأزمات وهي التي أنقذت القطاع، مضيفا أنه من أوجه النقص في خارطة الطريق السياحية أنها لم تتضمن السياحة الداخلية، رغم مساهمتها الكبيرة، واعتراف الوزيرة بذلط من خلال تدخلاتها في البرلمان.

وبخصوص الرقم المتعلق بمناصب الشغل المباشرة وغير المباشر، قال بوحوت “أظن أنه سهل التحقيق، وإذا أضفناه إلى ما يناهز 2.5 مليون عائلة تعيش من القطاع السياحي، ففي أفق سنة 2026 سيؤكد القطاع في إطار الدولة الاجتماعية على مكانته الحقيقية وأنه يشغل ويوصل مداخيله إلى جميع الجهات وجميع الفئات الاجتماعية”.

وتابع أنه مما ينبغي تسجيله كذلك أنه خلافا لما تم ترويجه أوساط المهنيين حول تخصيص 2 مليار درهم سنويا للترويج والنقل الجوي، اليوم ما يوجد هو حوالي مليار و525 مليون درهم ولكن يدخل فيها كذلك التكوين وإعادة الهيكلة للفنادق وغيرها، ما يعني أن الرقم الذي قدمت وعود بشأنه لم يعد موجودا.

حكامة خارطة الطريق

ولفت الخبير السياحي إلى أنه “مما يمكن التنويه به بخارطة الطريق السياحية هو أنها جاءت بثلاثة لجن وطنية، الأولى بين وزارية يترأسها رئيس الحكومة، ما يعني أن القطاع السياحي يلزمه جهاز قوي تحت إشراف رئيس الحكومة ومساهمة خمسة وزارات، ثم لجنة الطيران التي تبقى ضرورية لتنافسية القطاع، ثم لجنة أخرى تهتم بالمنتوج وفق قاعدة العرض والطلب”.

وأورد بوحوت أن “أجهزة الحكامة متوفرة، ولكن الأهم كذلك هو اللجن الجهوية التي يذكرها البلاغ، وهو لجنة كل جهة يرأسها الوالي، مؤكدا على أن هذه اللجن الجهوية سيكون لها عمل أساسي، لأن اللجن الوطنية يجب أن تتغذى من المعطيات التي توفرها اللجن الجهوية، مؤكدا على أن هذه الأخيرة لا يجب أن تنتظر التعليمات الفوقية بل يجب أن تتحرك أكثر بحكم الاختصاصات التي لدى الجهات ومعرفة المسؤولين الجهويين بالخصاص في الجهة.

وأبرز الخبير السياحي أن اللجن الجهوية يجب أن تتأسس في أقرب وقت وأن تستمر في الاشتغال، لتطوير التنشيط والنقل والعرض الفندقي وتطوير الاستثمار لتوفير مختلف الحاجيات، عبر الاستفادة من ميثاق الاستثمار، مؤكدا أن “دور اللجن الجهوية محوري، وكذلك العمل الميداني واللامركزية، لأن نجاح أو فشل خارطة الطريق رهين باللجن الجهوية والميزانيات التي يجب أن تنفذ”.

وفي السياق نفسه، أضاف بوحوت “لو أن كل جهة آمنت بأمكانياتها وأرادت أن تكون لها مساهمة في القطاع السياحي يمكن أن ترتفع مداخيل القطاع”، مضيفا أن اللجن الجهوية يجب أن تدرس طبيعة الجهة لتحديد الأولوية، فمثلا أولوية مراكش ليست هي الفنادق بل الترويج السياحي والنقل الجوي، كما أن أولوية درعة تافيلالت التي تتوفر على بنية استقبال ضعيفة.

وأفاد بوحوت أن الحكامة تتطلب أن تكون لدينا محطات للتقييم، وفي نهاية كل سنة يجب أن تكون على المستوى الوطني مناظرات سياحية، لتقييم إلى أين وصلنا، وما أنجز ننوه به ونقويه، وما لم يتحقق نبحث عن أسباب الاختلالات لمعالجتها”، مضيفا أن “التتبع على المستوى الوطني سيكون تتبع حتى على المستوى الجهوي، من خلال عقد مناظرات جهوية تتوج بمناظرة وطنية.

إدماج وزارة الفلاحة

وأثار الخبير السياحي ملاحظة حول أهمية إضافة وزارة الفلاحة إلى اللجنة بين وزارية التي تضم خمس وزارات، وذلك في إطار الدولة الاجتماعية والاهتمام بالعالم القروي، مسيرا إلى أنه يجب كذاك تقوية السياحة القروية، لأن المقاولة السياحية بالقرى يمكن مساعداتها كذلك من طرف وزارة الفلاحة.

ووقع على الاتفاقية الإطار، كل من عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، وفاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ومحمد عبد الجليل، وزير النقل واللوجيستيك، ومحمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب، والثقافة والتواصل، وفوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، إضافة إلى حميد بن الطاهر، رئيس الكنفدرالية الوطنية للسياحة.

أهداف الخطة

ولبلوغ هذه الأهداف، تروم خارطة الطريق المعتمدة تحويل القطاع السياحي عبر العمل على كل الروافع الأساسية، من خلال اعتماد تصور جديد للعرض السياحي يتمحور حول تجربة الزبون عبر 9 سلاسل موضوعاتية و5 سلاسل أفقية، ووضع مخطط لمضاعفة سعة النقل الجوي، وتعزيز الترويج والتسويق مع إيلاء اهتمام خاص للرقمنة، وتنويع منتجات التنشيط الثقافية والترفيهية مع انبثاق نسيج من المقاولات الصغرى والمتوسطة النشطة والعصرية، وتأهيل الفنادق وإحداث قدرات إيوائية جديدة، وتعزيز الرأسمال البشري، عبر إطار جذاب للتكوين وتدبير الموارد البشرية، من أجل الارتقاء بجودة القطاع وإعطاء آفاق مهنية أفضل للشباب.

ولضمان نجاح خارطة طريق السياحة وتجسيدها على أرض الواقع، تم اعتماد حكامة جديدة من خلال إحداث لجنة وطنية بين وزارية مكلفة بالسياحة تحت رئاسة رئيس الحكومة، تتكون من الأطراف الموقعة على الاتفاقية الإطار، ولجنتين وطنيتين، الأولى مكلفة بالنقل الجوي، والثانية بالمنتوج السياحي “العرض-الطلب”، و12 لجنة لتتبع المخططات الجهوية، تحت رئاسة السادة ولاة الجهات، وهيئة مركزية للتنشيط، وهيئات تنشيط جهوية على المستوى المحلي، ومختبرات الدفع كإطار مؤسساتي للحوار بين القطاعين العام والخاص، مكونة من فرق متعددة التخصصات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News