مجتمع

استطلاع يكشف أسباب ارتفاع منسوب الكراهية لدى الشباب المغاربة تجاه المهاجرين الأفارقة

استطلاع يكشف أسباب ارتفاع منسوب الكراهية لدى الشباب المغاربة تجاه المهاجرين الأفارقة

بعد أن انتشرت في الآونة الأخيرة حملات على مواقع التواصل الاجتماعي يقودها بعض المغاربة، يدعون من خلالها إلى عدم السماح بتوطين الأفارقة جنوب الصحراء بالمغرب، مروجين لأخبار ومقاطع فيديو حول مخاطر استقرار المهاجرين بالبلاد، كشفت نتائج استطلاع آراء مغاربة حول هجرة الأفارقة من دول جنوب الصحراء إلى المغرب، تنامي خطاب الكراهية تجاه المهاجرين لدى الشباب، حيث رفضت نسب مهمة منهم السماح باستفادة المهاجرين من الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم.

وأوضح الاستطلاع، الذي تم إنجازه من طرف العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والمركز المغربي للمواطنة، تم الإعلان عن نتائجه اليوم الأربعاء، أن مشاركة الفئة العمرية دون 30 عامًا “تظهر بعض مؤشرات ارتفاع منسوب عدم التسامح لديها تجاه المهاجرين مقارنة مع باقي الفئات العمرية المشاركة في الاستطلاع”، إذ “رفض 53 في المئة من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا تمكين المهاجرين من الولوج إلى الخدمات الاجتماعية من قبيل الصحة والتعليم، في حين أن هذه النسبة لا تتجاوز 26 في المئة بالنسبة لباقي الفئات العمرية”.

وأوضح الاستطلاع أن 58 في المئة من المشاركين دون 30 سنة “لا يقبلون بإدماج المهاجرين كمسـتخدمين أو عمال في المقاولات والشركات بالمغرب في حين أن هذه النسبة لا تتعدى 32 في المئة لدى الفئات العمرية الأخرى”، فيما أفاد “58 في المئة من المشاركين دون 30 سنة لا يقبلون أن يجاورهم في السكن مهاجر، مقابل 37 بالمئة لدى الفئات العمرية الأخرى”.

وعلى العكس من ذلك، أوضح الاستطلاع أن 70 في المئة من المشاركين الذين يتجاوز عمرهم 30 سنة قدموا “مساعدات مادية للمهاجرين مقابل 46 في المئة فقط بالنسبة للأشخاص دون 30 سنة”. ويرى 79 في المئة من المشاركين دون 30 سنة أن “العدد الحالي للمهاجرين بالمغرب مرتفع في حين أن هذه النسبة تنخفض إلى 59 في المئة لدى باقي الفئات العمرية الأخرى”.

ويعتقد 71 في المئة من “الفئات العمرية التي تقل عن 30 سنة، أن المهاجرون يساهمون في ارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب، في حين أن هذه النسبة تصل إلى 48 في المئة لدى باقي الفئات العمرية”. وسجلت الدراسة أن هناك “تنامى خطابات الكراهية لدى الشباب (أقل من 30 سنة) والبعيدة عن قيم التسامح التي يتميز بها الشعب المغربي”.

وفسر الاستطلاع أسباب هذه الظاهرة في كونها “ردة فعل ضد الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهونها خصوصا البطالة المنتشرة بين الشباب، حيث أن العديد من التعليقات المرافقة لمنشور الاستطلاع على مستوى الفيسبوك تم التعبير عنها بشكل مباشر، وبحسابات فيسبوكية مكشوفة الاسم والهوية، مع التأكيد على أن البعض من تلك التعليقات كانت قاسية أو محرضة على الكراهية”.

وأوردت الدراسة أن “موقف بعض الشباب المغربي، جاء كردة فعل ضد خطابات بعض المهاجرين الذين يدعون أن شمال إفريقيا هي للأفارقة من جنوب الصحراء. بحيث أن العديد من هؤلاء الشباب برر موقفه المتشدد بتطرف خطاب بعض المهاجرين”.

واستحضر العديد من المشاركين أطروحة كون المغرب “بلد مصدر للمهاجرين ويتوفر على جالية مهمة في الخارج، وبالتالي وجب معاملة المهاجرين المقيمين بالمغرب بنفس الطريقة التي يريد المغاربة ان تعامل بها جاليتهم بالخارج”.

ووفق الاستطلاع نفسه “أتاح التعامل السطحي لبعض المجالس المنتخبة مع مشكلة احتلال المهاجرين للفضاءات العامة في مناطق حساسة، مثل منطقة أولاد زيان بالدار البيضاء، فرصة لرافضي الهجرة لتشويه صورة المهاجرين وتخويف المغاربة من خطر الهجرة، وقد ساهم كذلك ضعف التعامل مع ظاهرة التسول المنظم في بعض المدن في نشر صورة سلبية عن المهاجرين بين المغاربة”، تضيف نتائج.

وأبرز الاستطلاع أنه “رغم ترحيب العديد من المغاربة بالمهاجرين على أرض المغرب للاستقرار والعيش فيه، إلا أنهم يطرحون مجموعة من الأسئلة بخصوص قدرة المغرب على تلبية حاجيات شبابه، فما بالك بهذا العدد من المهاجرين المفروض عليهم الاستقرار بالمغرب دون إرادتهم”.

واعتبر الاستطلاع أن “تدبير مسألة الهجرة لا يجب أن تنحصر في الحكومة فقط بل هي مسؤولية مشتركة بين الفاعلين العموميين والجمعويين والاقتصاديين والاعلاميين، نحو ضمان الحماية الاجتماعية للمهاجرين وإدماجهم في النسيج الاقتصادي الوطني وتحسين عملية ولوجهم إلى الخدمات العمومية”.

وأوصت الدراسة بـ”ضرورة العمل على عدم ظهور نقط بؤرية تعطي الانطباع على أن هناك احتلال لبعض الأماكن العمومية من طرف المهاجرين خصوصا في المجال الحضري”، و”العمل على نشر قيم التسامح والعيش المشترك وثقافة حقوق الإنسان، مع ضرورة إشراك هيئات المجتمع المدني في السياسات العمومية الهادفة الى إدماج المهاجرين من جنوب الصحراء”.

وأوضى منظمو الاستطلاع ب”العمل على إقرار قانون يجرم كل أشكال التمييز والعنصرية تماشيا مع الدستور ومع التزامات المغرب الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان”.

وتزامن إنجاز الاستطلاع، وفق المنظمين، مع مجموعة من الأحداث الإقليمية والوطنية المرتبطة بشكل مباشر بموضوع الهجرة ولاسيما بالنسبة للمهاجرين الافارقة المنحدرين من جنوب الصحراء، ومنها “ظهور بعض المجموعات ضمن شبكات التواصل الاجتماعي تتبنى خطابات العنصرية والكراهية من قبيل الدعوة الى عدم توطين المهاجرين وعدم تزويجهم من النساء المغربيات. غالبية أعضاء هذه المجموعات من مجهولي الهوية”.

وفي الإطار نفسه تزامنت الدراسة مع “انتشار مقاطع “فيديو” لبعض الأفارقة من دول جنوب الصحراء تتضمن خطابات عنصرية ضد سكان شمال إفريقيا، مدعية أن أراضي هذه المنطقة تخص الافارقة من جنوب الصحراء، وانتشار مقاطع “فيديو” لممارسات بعض المهاجرين خصوصاً بمنطقة ولاد زيان بالدار البيضاء، والتي تظهر “احتلال” هذا الفضاء العمومي من طرفهم، وفي غياب أي تدخل للمجالس المنتخبة التي فضلت لعب دور المتفرج”.

وبالإضافة إلى ما سبق تزامن الاستطلاع مع “تصريح رئيس تونس في 21 فبراير 2023 المتبني لحمولة عنصرية ضد المهاجرين الافارقة المقيمين في تونس والذي استنكر من خلاله تدفق  “جحافل المهاجرين غير النظاميين” من إفريقيا جنوب الصحراء، مؤكدا أن هذه الظاهرة تؤدي إلى “عنف وجرائم”، وحيث زعم قيس سعيد من خلالها إلى ما أسماه بـ “ترتيب إجرامي تم إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديموغرافية لتونس”، هذا التصريح قوبل بالرفض من طرف الاتحاد الافريقي، وعدد من المنظمات الحقوقية والنخب السياسية في المنطقة المغاربية وفي إفريقيا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News