مجتمع

عصيد: نظام الإرث في الإسلام عادل والمدونة تهدر كرامة المرأة المغربية

عصيد: نظام الإرث في الإسلام عادل والمدونة تهدر كرامة المرأة المغربية

على نحو لافت، أقرّ الناشط الحقوقي والأمازيغي أحمد عصيد، المعروف بمواقفه الحداثية المعارضة للتوجهات الإسلامية، بأن الإرث هو العلم الوحيد في القرآن الذي تكفّل الله سبحانه وتعالى بتفصيله، وحذر من يتعدى حدوده، وأن جميع الآيات الخاصة بالميراث متبوعة بصفة الخالق لأن الله قسم الأنصاب والمواريث لحكمة يعلمها.

واعتبر عصيد، الذي حل ضيفا على برنامج “مع يوسف بلهايسي” بث على قناة “مدار21” الرقمية، أن نظام الإرث الإسلامي، “نظام عادل”، قبل أن يستدرك “ولكن مع استحضار الواقع الذي ظهر فيه، لأن المشكل يكمن في أن الواقع الذي نزلت فيه هذه النصوص القرآنية لم يعد قائما وفلسفة القانون تقول إن: التشريع يظهر من رحِم المجتمع ويتغير بتغيرات أحواله وأنتم تريدون أن تفرضوا قانونا ثابتا على واقع متحرك وهذا غير ممكن”.

وأردف قائلا: “نحن لا نقول بأن الشريعة أو الدين يظلم النساء، بل نقول للناس هذا النص القرآني أو الحديث النبوي له سياق، إذا لم يعد قائما يجب التعاطي معه وفق المستجدات، لأن أهل الاختصاص يرفضون استخدام عقولهم لإخراج الحلول، مضيفا “لكن اليوم هناك من يناضل لكي لا تفتح القلعة التي أغلقها الفقهاء، من أجل أن يتنفس الناس هواء الحرية ويحظوا بحقوقهم”.

وتابع: الفقهاء المسلمون، حدّدوا معيار تولّي مناصب الدولة والخروج إلى الحياة العامة في “الذكورة” كأوّل شرط “أن يكون ذكرا عاقلا وأغلقوا القلعة المظلمة وظلوا حراسا عليها طيلة 1400 عام ولم تبدأ هذه القلعة تفتح نوافذها ليدخل بعض الشعاع من الضوء إلا في نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة”.

وكشف الناشط الحقوقي أن المرأة اليوم تُعيل 19 في المئة من الأسر المغربية لوحدها إضافة إلى عدد الأسر الأخرى، التي تقتسم أعباءها بين الرجل والمرأة، حيث يمكن أن تبلغ النسبة 70 في المئة، “وبالتالي هذا واقع غير مسبوق في تاريخ الإسلام”، على حدّ قوله.

واسترسل عصيد: الواقع تغيّر والآيات التي يستدل اليوم بكونها قطعية الدلالة، هناك لائحة طويلة من الآيات القرآنية المشابهة الواضحة والثابتة التي تم تجاوزها ولم يعد أي أحد يأخذ بها، من ضمنها حدّ السرقة وفرض مكوث المرأة في البيت وعدم خروجها إلا للضرورة.

وأشار عصيد إلى أن الآية القرآنية التي يُقال إنها قطعية الدلالة والمؤطرة للإرث (للذكر مثل حظ الأنثيين) ظهرت في إطار العشيرة العربية والعائلة الممتدة لـ1400 سنة، حيث كان الرجل هو الذي ينفق وكان يحمل السّيف ويركب الفرس، وهو وجه اعتراض العرب ساعتها على توريث النساء لكونهن لم تكن تحملن السيف ولا تركبن الفرس”.

وبالموازاة مع ذلك، تساءل الناشط الحقوقي، هل هذا المنطق الذي كان يحكم هذا النص ما يزال قائما إلى اليوم، وهل الرجل ينفق لوحده؟ وألا تُعِين المرأة الزوج في أعباء البيت، وهل هناك نص يمكن أن يحيط بواقع متحرك يغلي بالتحولات اليومية؟.

واعتبر أنه  يجب أن يكون المرء دون عقل  لكي يعتقد أن هناك نصًّا كيفما كان نوعه يمكن أن يحيط بالواقع البشري، مشيرا إلى أن نابليون حاول إحصاء جميع الجرائم والأخطاء والحالات التي يمكن أن يقع فيها المجتمع من أجل وضع نصوص قانونية تؤطرها لكن مع ذلك فشل في الإحاطة بكل التحولات الجارية في سياق التغييرات المتسارعة للأحداث والمستجدات.

وشدد عصيد على أن المدونة الحالية للأسرة، تهدر كرامة النساء المغربيات، وأوضح أنه “على سبيل المثال بالنسبة لنظام الإرث، إذا كانت لديك بنات أفنيت حياتك كلها لضمان عيشهن الكريم، ولم تضع لهم هيبة قبل وفاتك، غادي يلوحهم في الشارع لأنه سيأتي أناس ربما كانوا يرفضون حتى الحديث معك أو القاء السلام وسيطالبون هذه الفتيات بييع البيت لكي يأخذوا نصيبهم من الأموال (..) هل هذا عدل؟”.

ويرى الناشط الأمازيغي أن “الدين هو وسيلة لخدمة الكرامة الإنسانية وأنه ليس غاية في حد ذاته، وأن الفقهاء يرفضون الاجتهاد وجعل الإسلام دين الحلول الحديثة المواكبة للعصر ودينا حيويا، وهذا هو سبب جمود الفقه الإسلامي، لأننا نحن نريد فقها جديدا لدولة حديثة و لمجتمع جديد”.

وسجل عصيد أن الخطاب الملكي، كان واضحا بهذا الشأن و نفس الأمر بالنسبة للوثيقة الدستورية التي تؤكد أن حقوق الإنسان كل غير قابل للتجزيء وأنها أسمى من التشريعات الوطنية مع التنصيص على المساواة بين النساء والرجال في الحقوق المدنية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News