سياسة

بنلياس: انسجام المرجعيات سيغيب عن الحكومة المقبلة والجائحة ستؤثر بالاقتراع

بنلياس: انسجام المرجعيات سيغيب عن الحكومة المقبلة والجائحة ستؤثر بالاقتراع

توقع أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بجامعة محمد الخامس بالرباط، عبد العالي بنلياس، ألا تخرج الحكومة التي ستنبثق عن الاستحقاقات التشريعية لثامن شتنبر المقبل عن قاعدة عدم الانسجام المرجعي والإيديولوجي التي ميزت تشكيل الحكومات في المغرب على الأقل منذ حكومة التناوب التي قادها الاتحاد الاشتراكي عام 1998.

وقال الخبير السياسي، في حديث ل”مدار21″، “من الصعب جدا الحديث عن حكومة منسجمة من الناحية المرجعية والايديولوجية بحكم ان تاريخ تشكيل الحكومات في المغرب على الاقل منذ حكومة التناوب التي قادها الاشتراكي الراحل عبد الرحمان اليوسفي يشهد على عدم الانسجام الفكري، وحكومة اليوسفي لم تكن هي نفسها منسجمة لا من الناحية الايديولوجية ولا من حيث الاختيارات التي تتبناها”.

وذكر، في هذا السياق، بأن حكومة اليوسفي “كانت تضم بجانب أحزاب الكتلة حزب الحركة الشعبية، نفس الشيء الذي ينطبق على حكومة التقنوقراطي ادريس جطو التي كانت تضم أحزاب تنتمي إلى اليسار واليمين والوسط وهي نفس المكونات التي ستحضر بحكومة الاستقلالي عباس الفاسي عام 2007”.

حكومتا الإسلاميين لم تشكلا استثناء من القاعدة

أستاذ علم السياسة أكد أن هذا الوضع الموسوم بالتداخل المرجعي والفكري في تشكيلة الائتلافات الحكومية لم يتغير في المشهد السياسي الذي أعقب دستور 2011 حيث “تضمنت التركيبة الحكومية حزبا من مرجعية إسلامية والذي كان يقود الحكومة وحزبا يساريا هو التقدم والاشتراكية وتوجها يمينيا يتمثل في حزب الاستقلال والحركة الشعبية وسيبقى نفس المشهد يطبع حكومة العدالة والتنمية مع انتخابات 2016 “.

هذه الملامح التاريخية التي وسمت تركيبة الحكومات بالمملكة ستقود الخبير الدستوري إلى استبعاد أي استثناء قد يظهر في هذه الاستحقاقات الوشيكة، مفسرا ذلك بعوامل من بينها “نمط الاقتراع الذي لا يسمح بحصول أي حزب على الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة أو يقترب منها على الأقل”.

الأحزاب تتفادى التقيّد بتحالفات ملزمة

كما يساهم في هذا الوضع  “أن الاحزاب السياسية  الممثلة في البرلمان بمختلف تلاوينها تتفادى الدخول في تحالفات انتخابية وسياسية قبل الانتخابات حتى لا تقيد نفسها بعد ظهور نتائج الانتخابات، ناهيك عن كون أغلب وإن لم أقل كل الاحزاب السياسية تريد المشاركة في الحكومة سواء تعلق الأمر بالاحزاب الكبيرة أو الصغيرة”.

ومن العوامل المساهمة في إعادة إنتاج حكومات بلا خطوط فاصلة مرجعيّا، وفقا للخبير في علم السياسة، أن “أحزاب المعارضة لا تقدم نفسها كبديل للأغلبية المنتهية ولايتها بل نشاهد بعض التقارب بين بعض مكوناتها والحزب الذي يقود الحكومة الحالية” أي حزب العدالة والتنمية.

الجائحة ستقلص منسوب التواصل مع الناخبين

وجوابا على تقديره لنسبة المشاركة في الاستحقاقات المقبلة بالنظر إلى الظرفية الصحية وما تفرضه من تدابير وإجراءات على الحملات الانتخابية، اعتبر بنلياس أن “جائحة كوفيد بتداعياتها المختلفة وخاصة الصحية ستقلص من منسوب التواصل التقليدي والمباشر بين الاحزاب والناخبات والناخبين مما قد يؤثر على نسبة المشاركة”.

وأبرز أن نسبة المشاركة ظلت تحديا يشغل الدولة والاحزاب السياسية ارتباطا بانخفاض منسوب الثقة في الاحزاب السياسية وفي العملية الانتخابية الذي يجد جذوره في انفصال “الاحزاب السياسية عن المجتمع والهيئة الناخبة “.

التقنوقراط مشكل مستمر

وعن ظاهرة الكفاءات المستقلة أو التقنوقراط التي ظلت تطبع التشكيلات الحكومية وامتداداتها في المشهد السياسي المقبل، أرجع أستاذ القانون العام بكلية الحقوق السويسي حصولها إلى “غياب البروفيلات المطلوبة عند مرشحي الاحزاب السياسية التي تشكل الحكومة”.

وذكر بأن الأحزاب “تلجأ إلى خدمات بعض الكفاءات خارج مناضليها ومناضلاتها وتلبسها ألوانها الحزبية للحفاظ على الطبيعة السياسية للحكومة”، معتبرا أن “هذا المشكل يطرح إشكالية انفتاح الاحزاب السياسية على الاطر والكفاءات ومحاولة استقطابها لتعزيز القوة الفكرية والتنظيرية لهذه الاحزاب وتطويرها وتجديد نخبها”، الأمر الذي سيمكن قياس أثره  بشكل أدق بعد إعلان تفاصيل الحكومة المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News