سياسة

بعضها يخدم أجندات سياسية.. أوجار: ليست كل التقارير الحقوقية المتعلقة بالدول العربية “مسيسة”

بعضها يخدم أجندات سياسية.. أوجار: ليست كل التقارير الحقوقية المتعلقة بالدول العربية “مسيسة”

قال محمد أوجار، رئيس البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، إنه “من الصعب الجزم بأن كل التقارير الحقوقية المتعلقة بالدول العربية “مسيسة”، إذ هناك في الوقت الراهن تضخم في عدد التقارير التي تستهدف خدمة أجندات سياسية معينة، أو استراتجيات لدول معينة، مشيرا إلى أنه في المقابل ثمة أيضا تقارير سياسية “تتوفر على الحد الأدنى من “الصدقية والنزاهة”، على اعتبار أن عالم اليوم أصبحت من تشكيلاته الأساسية منظمات غير حكومية دولية لها تأثير واسع في العالم”.

وأكد أوجار، خلال استضافته في برنامج “حديث العرب” على “سكاي نيوز عربية” للتطرق إلى موضوع حقوق الإنسان في الدول العربية وتسييس الدول الغربية لتقارير حقوق الإنسان حول الدول العربية، أن هناك “اختراقا سياسيا رفيعا من طرف أجهزة غربية لهذه التقارير، تتأسس أولا على الطابع الجديد لهذه الثقافة، على كون أغلبية الفاعلين والنشطاء والمؤثرين ذات خلفيات ثقافية غربية”.

وأوضح الفاعل السياسي ذاته أن التشكي من هذه التقارير “ليس اختصاصا ولا احتكارا عربيين، حيث إن هناك العديد من الدول التي تشتكي أيضا مثل دول إفريقيا والصين الشعبية وغيرهما، مردفا: “لا يمكن أن ننكر وجود اختراق وتوظيف سياسيين لهذه التقارير، ولا بد أن نُقر بأن هذه التقارير تأتي بانتقادات وأحيانا بمعاينات لوضع لا يجوز أن يستمر في كثير من الدول العربية، فنحن أمة إسلامية علينا أن نفخر بكون الدين الإسلامي الحنيف أول من أسس لمنظومة حقوق الإنسان الأساسية، فالغرب لم يأت بجديد، إلا من حيث تنميط هذه الحقوق ووضعها ضمن اتفاقيات ومعاهدات دولية”.

وشدّد أوجار، في معرض حديثه، على “ضرورة اهتمام المنطقة العربية بالثقافة الجديدة، وأن تستدمج القيم، وتتعاطى مع الحقوق من زاوية حقوقية لا سياسية”، حيث إنه “يُفترض على منظمات حقوق الإنسان أن تشتغل بمنهجية صارمة، تحكمها ضوابط أممية ودولية”.

ولفت رئيس البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، في السياق نفسه، الى “وجود تطرف في فرض قيم معينة من قبل بعض المقاربات الحقوقية”، مشددا على أن ثقافة حقوق الإنسان هي “المشترك بين كل الثقافات والديانات، ولا يمكن للحضارة الغربية وحدها لإيمانها بقيمة من القيم أن تفرض رؤاها على كل الحضارات، وإنما على العرب أن يصبحوا منتجين للقيم، وليس فقط مستهلكين لقيم يفرضها الغرب”، حسب تعبيره.

واستطرد أوجار بالقول إنه “لا يمكن تأمين الفضاء القانوني بوسائل القانون لجميع أطياف المجتمع المختلفة إلا على يد الدولة”، عادا إياها “أرقى أشكال التنظيم البشري”.

ويرى المتحدث عينه أن الحق في الحياة يتصدر قائمة الحقوق، والذي يرتبط بالأساس بالأمن، والاستقرار، وهو الحق الذي لا توفره إلا دولة قوية عادلة، مضيفا: “علينا اليوم العمل على تقوية دولنا الوطنية ومؤسساتها، وأن نسعى إلى إنضاجها، وتجويد العمل داخلها”.

وبيّن العضو المؤسس للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أن مصطلح “حقوق المرأة” يثير الكثير “من اللغط، والكثير من الارتباك الفكري والمواقف المتطرفة أو المواقف الشعبوية، خاصة في منطقتنا العربية”، مؤكدا أن “الفكر الإسلاموي خلق صورة نمطية للدين لا علاقة لها بالإسلام وجوهره”.

وتطرق أوجار، أيضا إلى أهمية الدولة الوطنية، أمام فشل ما سماه بـ”الأطروحات الإسلاموية”، وما لحقته من خراب، في نظره، في كثير من المناطق، لعدم الوعي بشكل الدولة، وطريقة هيكلة ومأسسة مؤسساتها، والاتجاه إلى تحييد الدين، وعدم الزج به في الملاسنات والمناقشات والفوضى الفكرية العارمة، التي أنتجها جزء من الذين قادوا الربيع العربي، الذي أدى إلى ميلاد مفهوم الدولة المدنية وانتشاره.

وفي الإطار عينه، أفاد أوجار بأن “الحركات الإسلاموية”، استغلت غضب المواطنين من واقعهم الاجتماعي، والاقتصادي وفشل مشاريع الأحزاب القومية والليبرالية في كثير من الأقطار العربية لنشر أفكارها، إذ لم يجد هذا الغضب الشبابي من يؤطره، ويقوده ويؤججه، إلا هذه التيارات التي ركبت الموجة، ووصلت عبر صناديق الاقتراع إلى ممارسة الحكومة”، تبعا لقوله.

وأضاف، المتحدث نفسه أن المملكة المغربية شهدت خلال الحراك العربي، مظاهرات صاخبة، ومطالب بالحرية والكرامة والتنمية، شأنها شأن باقي الدول العربية، لكن شجاعة الملك أنقذت المغرب من نكسة مشابهة لبعض الدول، فعوض أن يأمر الجيش وقوات الأمن بالنزول إلى الشوارع، تبنى هاته المطالب، بإنتاج دستور 2011، مشيرا إلى أن “المغرب نجح في إغلاق قوس الإسلاميين بشكل سلمي، وأن المغاربة عاقبوا حزب العدالة والتنمية في الانتخابات السابقة”، وفق تعبيره.

وتابع أوجار في السياق ذاته قائلا: “المغاربة هم من أوصلوا حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم، وهم من أخرجوه من دائرته عبر صناديق الاقتراع، وأغلقوا القوس الإسلاموي، والآن هذا الحزب صغير داخل البرلمان، وأتمنى أن يستخلص العبر من هذه التجربة، وأن تتحلى “الأحزاب الإسلاموية” بالنزاهة والتواضع الفكري”، مؤكدا أن “الإسلام السياسي تعبير من التعبيرات السياسة لا علاقة له بالدين، وهذا الدين هو المشترك، ولا يمكن لأي جماعة من الجماعات احتكاره لتمثيلية الإسلام، أو تحدثها باسم الإسلام”.

باستثناء التجربة المغربية، التي “مرت بسلام وحسمت فيها الاختيارات الديمقراطية”، من وجهة نظره،  يرى أوجار أن “الإسلام السياسي يجب عليه أن يمارس نقدا ذاتيا نزيها وعميقا، إذ لم ينته الإسلام السياسي في مناطق أخرى بالطريقة ذاتها”، وواصل قائلا: “إذا أراد “الإسلام السياسي” أن يمارس دوره المجتمعي عليه أن يُطلّق الكثير من القناعات والممارسات التي أدت إلى إنتاج فكر متطرف، وأن ينخرط في بنية الدولة العربية وينتج فكرا قادرا على استقطاب الاستثمارات، وتشجيع البحث العلمي، وتنويع الزراعة، وأن يكون له عرض سياسي اجتماعي، اقتصادي قابل للتطبيق، أما الاستنجاد بالدين وركوب الموجة الدينية لدغدغة عواطف الناس بالشعارات لم ينتج في عالمنا العربي إلا الكثير من المآسي”، حسب قوله.

وكشف المتحدث ذاته، أن “الشعبوية” التي تعانيها المجتمعات العربية وصلت إلى مراحلها الأخيرة، لأنها اصطدمت في كثير من الدول بجدار العقل”، ودعا إلى الانتباه إلى “دور النخبة والعلماء” في هذا الإطار، مردفا: “نحن اليوم في مرحلة لا يمكن أن نتواطئ في جبن فكري لتمكين هاته الشعبوية من مواصلة فعلها التدميري والتخريبي عبر وسائل الإعلام واستغلال الوسائط الرقمية وشبكات التواصل الاجتماعي”.

يذكر أن محمد أوجار شغل منصب وزير العدل ووزير حقوق الإنسان سابقا، ويشغل منصب رئيس البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، ورئيس مركز الشروق للديمقراطية والإعلام وحقوق الإنسان ومؤسس منشورات الشروق ومديرها، وهو عضو في المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري وخبير دولي في قضايا الانتقال الديمقراطي، إضافة إلى كونه عضوا في المكتب التنفيذي لحزب التجمع الوطني للأحرار، وعضو مؤسس للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وعضو مؤسس لنادي الصحافة بالمغرب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News