فن

الدراما والسينما الأمازيغيتان.. إكراهات وعراقيل في الطريق ومهنيون يشرّحون الوضع

الدراما والسينما الأمازيغيتان.. إكراهات وعراقيل في الطريق ومهنيون يشرّحون الوضع

ما يزال صناع الأعمال الأمازيغية يناضلون من أجل أن تتبوأ موقعها في المشهد الفني المغربي، وتحظى باهتمام الجهات المعنية بمنح الدعم وتخصيص الميزانيات للمسلسلات والأفلام السينمائية، ويطالبون أيضا بالتمتع بمساحة من الحرية في الإبداع، وعدم سيطرة المنتجين وتحكمهم في السيناريوهات، والسعي إلى إنتاج أعمال بإمكانيات أقل.

معضلة الدعم والأجور وأزمة تكوين وسيناريو

في هذا الإطار، قالت الممثلة الأمازيغية، نورة الولتيتي، إن إكراهات الدراما الأمازيغية تتعلق بالدرجة الأولى بالدعم، ثم السيناريو، وكذلك خيال المخرج والممثلين، الذين ينقصهم، في نظرها، التكوين، مردفة: “أفضل وجود فنانين أكاديميين، كي يواكب الفن الأمازيغي العصر، وما ينقص الفنان الأمازيغي هو التأطير”.

وترى الولتيتي، في حديث إلى جريدة مدار21، أن السيناريو “لا يواكب أمازيغ اليوم، بالإضافة إلى أنه ليس هناك بعد فني لدى معظم المخرجين، إلا القليل منهم”، مستشهدة بـ”عبد العزيز السايح، وإبراهيم الشكيري، ورشيد الهزمير، الذين نلمس الإبداع في أعمالهم”، وفق تعبيرها.

وشدّدت المتحدثة ذاتها، على “وجوب منح الدعم والمساحة الكافيين، إضافة إلى إنتاج أفلام سينمائية أمازيغية، التي من شأنها أن تخلق منافسة مع التلفزيون للتمكن من الارتقاء بالفن الأمازيغي”، مبرزة بالقول: “ألاحظ أن الأعمال باللهجة الريفية تخطو خطوات متقدمة أكثر منا، فهم لديهم سيناريوهات جيدة، ويواكبون التطورات الحاصلة”.

وتابعت الولتيتي، في سياق حديثها إلى الجريدة: “هناك أزمة دعم وسيناريو، وممثلين انطلاقا مني، حيث إنه يجب أن تكون هناك دورات تكوينية، لنطور معارفنا ونتعرف على الجوانب التقنية، من أجل النهوض بالفن الأمازيغي”.

ونبّهت المتحدثة عينها إلى ضرورة “إعادة النظر في الأجور التي تمنح للفنانين الأمازيغ، وعلى الفنان أيضا أن يعطي قيمة لنفسه، ولا يقبل الأجور “البخسة”، حسب وصفها، مضيفة: “فمثلا عُرض علي أخيرا المشاركة في سلسلة مكونة من أربع حلقات مقابل سبعة آلاف درهم، وطُلب مني أيضا إحضار ملابسي معي من أجل التصوير بها”.

وأكدت الولتيتي أن “المنتجين يتحججون بضعف الدعم المخصص للعمل، لكن الأزمة الحقيقة، في رأيها، تتجلى في حصول الممثل البطل، الذي قد تكون له مشاهد أقل من مشاهد الممثلة بطلة العمل، على أجر أعلى منها”، وواصلت قائلة: “نحن مازلنا نعاني أزمة فكر التي لم تنته بعد، غير أنني حريصة على تقدير نفسي، وعليهم تقديرنا”.

“المُنتج” يبحث عن الربح وليس الفن

لكن، بخلاف الممثلة نورة الولتيتي، التي تقرّ بأن الدراما والسينما الأمازيغية تعيش أزمة سيناريو وممثلين ومخرجين، يؤكد المخرج الأمازيغي عبد العزيز أوسايح، أنه “ليست هناك أزمة على هذه المستويات”، بل تتمثل الأزمة الحقيقية، من وجهة نظره، في “الإنتاج رغم وجود الميزانيات”، لافتا إلى أنه ثمة “فئة قليلة من المنتجين الذين يشتغلون فنيا، في حين أن الفئة الكبيرة منهم تختار مخرجين يخضعون لهم”، تبعا لتصريحه لمدار21.

وقال أوسايح إن “السيناريست” يكتب سيناريو جيدا، لكنه يخضع لتغييرات بمجرد وصوله إلى المخرج، الذي “يشتغل بتعلميات من المنتج”، موضحا أن “يتم حذف اللقطات المتطلبة للوقت والإمكانيات التقنية والمالية، من قبيل “الأكشن” الذي قد يحتاج إلى حيز زمني، لذلك يرفضها المنتج عادة لاعتبارات مادية، ويعوضها بحوار شفوي، وهو ما يكسر السيناريو”، وفق تعبيره.

وأضاف المخرج نفسه، في تصريحه للجريدة، أن الذي يقول “إنه ليس هناك سيناريوهات أمازيغية جيدة لا يعلم عملية إنتاج هاته الأعمال”، إذ أفاد بأنه بمجرد وصولها إلى أيادي بعض المنتجين يتم “التخلي عن أهم المشاهد المدعمة للعمل”، مؤكدا بالقول “المنتج يبحث عن الربح وليس الفن، في المقابل هناك بعض الفنانين مخرجون وفي الوقت ذاته منتجون، يشتغلون على الأعمال بشكل مميز، بخلاف المنتج التجاري”.

أوسايح: قناة الأمازيغية لم تساهم في زيادة الإنتاج

وعن أسباب قلة الأعمال الأمازيغية مقارنة بالأعمال الناطقة بالدارجة، أوضح المخرج عبد العزيز أوسايح أنه “قبل سنة 2011، أي قبل إطلاق قناة أمازيغية، كانت الأعمال الأمازيغية تُعرض بواسطة “vcd” و”dvd”، أي أن المشاهد كان يتابع الأعمال بحرية، لكن ذلك تغير مع انطلاق القناة المذكورة، التي تشتغل لمدة 8 ساعات في اليوم، باللهجات الثلاث الريفية والسوسية والزيانية.

واستطرد أوسايح، في تصريحه لمدار21، قائلا: “في الوقت الذي كنا ننتظر فيه الزيادة في إنتاج الأعمال الأمازيغية، لخلق فرص عمل أكثر، تم التخلي هذه السنة على أكثر من سلسلة قصيرة في الأعمال المخصصة لرمضان، واعتماد عمل مخصص لكل جهة”.

ولفت المتحدث ذاته، إلى أن القناتين الأولى والثانية “لا تعرضان الأعمال الناطقة بالأمازيغية، بطريقة محفزة على مشاهدتها”، وأبرز أن ما جاء في دفتر التحملات ينص على “تخصيص 30 في المئة من هاته الأعمال في القناتين، كما هو مفروض على القناة الأمازيغية عرض 30 في المئة من الأعمال الناطقة بالدارجة”، مشيرا إلى أن “القناة الثانية عادة ما تعرض الأفلام الأمازيغية في وقت متأخر من الليل في الرابعة والخامسة صباحا”.

وصرح أوسايح بأنه لم يشتغل مع القناة الأمازيغية منذ خمس سنوات، مبررا هذا الأمر بالقول: “لأنك تكون خاضعا للمنتجين، ما يحد من الإبداع، لأن الهدف هو إنتاج عمل بأقل الإمكانيات، دون الاهتمام بجودته، والبحث عن ممثلين لا يتقاضون أجورا كبيرة، ما يعرض المبدعين للإقصاء، لكننا الآن متفائلون مع قدوم مدير الجديد للقناة، فنحن متأكدون بأن خريطة الاشتغال في القناة الثامنة ستتغير، وستشهد تطورا ملحوظا”، وفق تعبيره.

وكشف المخرج نفسه أنهم التقوا أخيرا بوزير الثقافة، وتطرقوا إلى إشكالية إنتاج الأفلام السينمائية الناطقة بالأمازيغية من حيث ضرورة منح الدعم المستحق والكافي مثل الأفلام الناطقة بالدارجة، خاصة وأن المركز السينمائي يعد في مقام شركة إنتاج مدعمة للأعمال، مؤكدا أن المنتجين الأمازيغ “يعانون قلة الدعم المخصص لأعمالهم أو غيابه”.

أشاور: الدراما الأمازيغية تشهد تطورا ملحوظا

في المقابل، يرى المخرج الأمازيغي مصطفى أشاور، في تصريح سابق لجريدة مدار21، أن الدراما الأمازيغية في تطور ملحوظ ودائم، “فبعدما كنا في مرحلة الإنتاج الذاتي، جاءت مرحلة جديدة ما بين 2005 و2010 تخص المشروع الذي أطلقته الإذاعة والتلفزة المغربية، الذي اكتشف من خلاله العديد من الممثلين والتقنيين والمخرجين، وساهم أيضا إطلاق القناة الأمازيغية في تطورها”، مشيرا إلى أن “المسلسل الأمازيغي أصبح ينتج بالتكلفة نفسها للأعمال الأخرى، برصد ميزانيات مهمة للإنتاجات الأمازيغية”.

ويكمن الإشكال الوحيد بالنسبة للفن الأمازيغي، حسب أشاور، في “الكم من حيث إنتاج  الأعمال سنويا”، مضيفا في هذا الصدد: “يسمح لنا بإنتاج 3 مسلسلات أمازيغية فقط خلال السنة، وهو رقم ضعيف جدا، وهذا ما يفسر اهتمام المشاهد المغربي بالعمل الأمازيغي عند عرضه في رمضان، نظرا لحرمانه منه طوال السنة”.

وبخصوص عدم رصد ميزانيات مهمة للأعمال الأمازيغية، أكد المخرج ذاته ذلك راجع إلى أننا “لا نرى في الفن قطاعا ينتج وينقذ من البطالة، بل ما زلنا نعدّه قطاعا ترفيهيا، لذلك لا يتطور”، مشدّدا على ضرورة رصد ميزانيات مهمة للنهوض به.

وواصل بالقول: “أظن أن المسألة تحتاج إرادة سياسية، آمنت بها بعض الدول الأخرى التي أصبحت تعتبر الفن صناعة واستثمارا شأنها شأن باقي القطاعات الأخرى مثل تركيا وكوريا وبلدان أخرى”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News