هل يؤثر تصويت المغرب على قرار أغضب إسرائيل في العلاقات بين البلدين؟

أثار تصويت المغرب إلى جانب مجموعة من الدول بالجمعية العامة بالأمم المتحدة، ومنها الدول العربية، بما فيها التي اتخذت خيار التطبيع، على قرار يطلب من محكمة العدل الدولية إبداء رأيها بشأن آثار انتهاك إسرائيل المستمر لحق الفلسطينيين في تقرير المصير، تساؤلات حول تأثير ذلك على جودة العلاقات بين البلدين.
القرار الذي جاء بناء على تقرير اللجنة الرابعة للجمعية العامة المعنية بالمسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار، صوت عليه المغرب إلى جانب 86 دولة، فيما اعترضت عليه 26 دولة، وامتنعت عن التصويت 53 دولة، أغضب دولة إسرائيل، التي شن رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو هجوما على الجمعية العامة للأمم المتحدة، واصفا القرار بـ”الحقير”.
وقال نتنياهو تفاعلا مع القرار إن “الشعب اليهودي ليس محتلا على أرضه، وليس محتلا في عاصمتنا الأبدية القدس، ولا يوجد قرار للأمم المتحدة يمكن أن يشوه تلك الحقيقة التاريخية”، مشددا على أن القرار الأممي لا يُلزم إسرائيل.
وطرح الغضب الإسرائيلي على القرار، وتصويت المغرب عليه، تساؤلات حول الانعكاسات المحتملة للقرار على علاقات البلدين، لا سيما في ظل صعود حكومة يمينية في إسرائيل، وهو الأمر الذي استبعده أحمد نور الدين، الخبير في العلاقات الدولية، في حديثه لـ”مدار21″، معتبرا أن إسرائيل لن تجازف بعلاقاتها مع المغرب بناء على هذا القرار.
إسرائيل “الخاسر”!
وحول انعكاسات التصويت المغربي على العلاقات بينه وبين إسرائيل، يؤكد أحمد نور الدين، أنه “ليس من مصلحة الدولة العبرية ولا الحكومة الجديدة اليمينية أن تعود بالعلاقات بين البلدين إلى ما قبل 2020″، مضيفا “ربما قد لا يرضون على الموقف المغربي، لكن أن يصل الأمر إلى اتخاذ إجراءات تؤثر على العلاقات مستبعد، لأنهم سيكونون الخاسر الأكبر، فالدولة العبرية هي التي تبحث عن تطبيع علاقاتها مع الدول العربية وليس العكس”.
وأورد نور الدين أن الحكومة اليمينية الجديدة سبق لها أن “أعلنت في برنامج عملها في الكنيست الإسرائيلي، أنه من أولوياتها تطبيع العلاقات مع كل الدول العربية”، مضيفا لهذا فإن “تصويت المغرب على قرار الجمعية العامة رغم أنه لن يرضي إسرائيل، لكن من المستبعد أن تصدر عنها تصرفات تعكر العلاقات، بل على العكس هم أحرص من أي طرف آخر في تطوير العلاقات مع كل الدول العربية”.
وأورد الخبير في العلاقات الدولية أن “طرح التطبيع في مقابل المواقف من القضية الفلسطينية، فهذا الأمر غير مطروح بالنسبة للمغرب منذ البداية، فالمغرب منذ أول الخطوات التي اتخذها تجاه الدولة العبرية كانت على أساس حل الدولتين، الذي تتبناه السلطة الفلسطينية والجامعة العربية منذ قمة بيروت عام 2002”.
كما أن المغرب، يضيف نور الدين، حرص على إخبار السلطة الفلسطينية بكل خطواته، والمغرب قام بما قام به في احترام تام لخيار السلطة الفلسطينية بقبول حل الدولتين منذ اتفاقات أوسلو على عهد الراحل ياسر عرفات الذي أقر بحل الدولتين، فالموقف المغربي يتماشى مع موقف السلطة الفلسطينية التي وقعت على اتفاقية أوسلو وما تلاها.
وضوح الموقف المغربي
وأضاف نور الدين: “الموقف المغربي يتماشى كذلك مع قرارات الجامعة العربية التي وافقت عليها كل الدول العربية بما فيها “الجارة الشقية” الجزائر التي تمارس الازدواجية في المواقف، فقد أشادت الجزائر بحل الدولتين في بيان القمة العربية الاخيرة بالعاصمة الجزائرية، على غرار القرارات السابقة، كما أن موقف المغرب يتماشى كذلك مع الشرعية الدولية وقرارات التقسيم”.
وتابع المتحدث “هذا موقف الدولة المغربية الذي لا يمكن أن نقارنه إلا مع موقف السلطة الفلسطينية ومواقف الدول، أما مواقف الشعوب والاحزاب فذلك شيء آخر ويمكنها أن ترفض التقسيم وتطالب بكل فلسطين التاريخية وهذا حقها”.
وأفاد نور الدين أن “المغرب يميز ما بين إقامة علاقات مع الدولة العبرية وفقا لحل الدولتين، وما بين واجبه في دعم نضال الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه، ذلك أنه يدعم الحق في إقامة دولته المستقلة على الأراضي التي احتلها الكيان العبري منذ 1967، وهي الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وعلى هذا الأساس فالموقف الذي اتخذه المغرب في الأمم المتحدة، وأغضب إسرائيل، يصب في هذا الاتجاه، بإدانته تصرفات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية ويدين الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والسيطرة والسطو على الأراضي الفلسطينية، والمضايقات التي يتعرض لها الفلسطينيون سياسيا وحقوقيا واقتصاديا واجتماعيا”.
تصويت المغرب منسجم مع مواقفه
ويؤكد الخبير نفسه: “تصويت المغرب يؤكد أنه منسجم مع مواقفه، وكونه وقع اتفاقات مع الدولة العبرية لا يلغي حقه في دعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، والمغرب على هذا المستوى يعد من أكثر الدول العربية التي تدعم القضية الفلسطينية، من الناحية السياسية من خلال آلية لجنة القدس التي يترأسها المغرب، ومن الناحية العملية من خلال المشاريع التي يقوم بها ميدانيا لدعم صمود الفلسطينيين من خلال بيت مال القدس أو من خلال المشاريع التي أقامها المغرب في غزة، منها كلية الزراعة بجامعة غزة، ومطار غزة، والمستشفى الميداني الذي أقيم لسنوات عدة في غزة.
وفي السياق ذاته أشار الخبير “للدعم المادي المقدم من المغرب للسلطة الفلسطينية، دون أن ننسى الوساطة التي يقوم بها المغرب لدى الدولة العبرية للتخفيف من معاناة الفلسطينيين كما حدث منذ شهور قليلة حين تدخل لفتح معبر اللمبي والسماح للفلسطينيين بالتنقل والسفر إلى الاردن، وغيرها من الوساطات الدولية لصالح القضية الفلسطينية وفقا لاختيارات السلطة الفلسطينية”.
وأوضح أحمد نور الدين أن “الفلسطينيين في السلطة والمقاومة يشيدون بما يقدمه المغرب لقضيتهم العادلة”.