مجتمع

الحكومة تفرج عن مشروع مقايسة أثمنة النقل الطرقي لمواجهة تقلبات أسعار المحروقات

الحكومة تفرج عن مشروع مقايسة أثمنة النقل الطرقي لمواجهة تقلبات أسعار المحروقات

بالتزامن مع استمرار صرف الدعم الاستثنائي الموجه لمهنيي النقل والذي وصل إلى 400 مليار سنتيم، أفرجت الحكومة، عن مشروع القانون المتعلق بمقايسة أثمنة النقل الطرقي وأسعار المحروقات، الذي أشرفت وزارة النقل واللوجستيك، على  بلورة مضامينه ومبادئه بالتشاور مع عدد من الهيئات المهنية، حيث ينتظر أن يعرض قريبا على أنظار مجلس الحكومة من أجل التداول بشأنه قبل إحالته على البرلمان.

وكانت وزارة النقل واللوجستيك، أعلنت أنها ستعمل على إعداد مشروع قانون يتعلق بمقايسة أثمنة النقل الطرقي وأسعار المحروقات وعرضه على مساطر المصادقة، مؤكدة أن هذا الإجراء يندرج في إطار مسلسل الإصلاح، في ظل التقلبات التي تعرفها أسعار المحروقات على الصعيد الدولي وانعكاساتها على سوق النقل الداخلي.

ويحدد مشروع هذا القانون، الذي اطلع “مدار21” على مضامينه، الالتزام بمراجعة سعر النقل البري المتفق عليه في البداية بين أطراف النقل ضمن “عقد” من خلال تطبيق تباين أسعار تكاليف الوقود في مؤشر تكلفة الوقود، المشار إليه في المادة 4 من نفس القانون، بين تاريخ إبرام عقد النقل وتاريخ إتمامه ، عندما يتجاوز هذا التغيير في القيمة المطلقة عتبة 5 في المائة.

تحديد أسعار الوقود

وتحدد السلطة الحكومية المكلفة بالنقل واللوجستيك، مؤشر أسعار الوقود على أساس شهري لكل نوع من أنواع المركبات، مع الالتزام بنشر هذا المؤشرة، و تحدد الهيئة الحكومية المسؤولة عن النقل وتنشر ما كل نوع من المركبات، وفق تواتر تحدده اللائحة، حصة تكاليف الوقود ، معبراً عنها كنسبة مئوية ، في سعر النقل. على أن يتم تحديد أطراف العقد أنفسهم حصة تكاليف الوقود في سعر النقل، وذلك بالرجوع إلى حصة تكاليف الوقود المنشورة وفقًا للشروط المحددة في الفقرة( 2) من المادة 4 من نفس القانون.

ووفق أحكام المشروع الحكومي، تتم مراجعة سعر النقل المتفق عليه في البداية تلقائيًا عن طريق تمرير التغيير في الرسوم المرتبطة بالتغير في سعر الوقود بين تاريخ العقد وتاريخ اكتمال عملية النق ، مع الإشارة إلى مؤشر أسعار الوقود المنشور بموجب الشروط المنصوص عليها في الفقرة (1) من المادة 4 أعلاه وحصة تكاليف الوقود المحددة بموجب الشروط المنصوص عليها في المادة 5 أعلاه.

وينص المشروع، على  تحديد منتج سعر النقل المتفق عليه في البداية ، والحصة من تكاليف الوقود والتغير في مؤشر أسعار الوقود بين تاريخ العقد وتاريخ إتمام عملية النقل، على  أن يتم  تغيير رسوم الوقود بالرفع أو التخفيض، حسب تطور سعر الوقود المذكور في “سفح الفاتورة”.

عقوبات وغرامات

ويعاقب بغرامة من 10000 إلى 50000 درهم كل من يخالف بأي صفة كانت أحكام هذا القانون أو النصوص المعتمدة لتطبيقه، وتصبح أحكام عقد النقل التي تنص على مقايسة سعر النقل البري على سعر الوقود خلافا لأحكام هذا القانون لاغية .ويعمل بهذا القانون بعد انقضاء مدة ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية لهذه اللوائح.

وتسري أحكام هذا القانون على عقود النقل المنصوص عليها في النقل البري المنفذ على التراب الوطني ، والعقد المشار إليه في المادة 443 من القانون رقم 15-95 المتعلق بقانون التجارة الصادر. بموجب الظهير الشريف رقم 1-96-83 الصادر في 15 ربيع الأول 1417 (1 أغسطس 1996) والمادة 11 مكررًا ثالثًا من الظهير رقم 1.63.2 قانون رقم 60 بتاريخ 24 جمادى الثانية 1383 (12 نوفمبر 1963) يتعلق بالنقل بالسيارات على الطريق.

كما يشمل المشروع أيضا عمليات النقل التي تتم بواسطة المركبات ذات المحركات التالية. المركبات الآلية لنقل البضائع لصالح الغير المشار إليها في المادة 11 من الظهير رقم 1-63-260 المشار إليه أعلاه. 2.63.363 مؤرخ في 17 رجب 1383 (4 ديسمبر 1963) يتعلق بتنسيق النقل بالسكك الحديدية والطرق. المركبات الآلية المشار إليها في الفقرة 2 من المادة 2 من الظهير السالف الذكر رقم 1-63-260 عندما تكون هذه المركبات متاحة للدفع حصريًا ، بما في ذلك الوقود ، إلى الشخص الذي يقوم بعملية النقل.

تباين آراء المهنيين

وأثار مشروع القانون المتعلق بمقايسة أثمنة النقل الطرقي وأسعار المحروقات،  آراء متباينة في أوساط النقابات المهنية والآمرين بالشحن.فبينما يعتبر الشاحنون أن الآلية الجديدة كفيلة بتلافي النزاع بين الناقل والمنقول له وتتوافق مع قواعد السوق الحرة والمنافسة، يطالب التنسيق النقابي الرباعي لقطاع النقل الطرقي بالمغرب، المكون من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، بتحديد تكلفة ثابتة للنقل بنص قانوني.

وقد أوضح وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، أن مشروع القانون هذا يتوخى إلزام الناقل والشاحن بمراجعة أثمنة النقل بينهما عندما يتغير سعر المحروقات بين التاريخ الذي تم فيه الاتفاق على ثمن النقل والتاريخ الذي تم فيه تقديم خدمة النقل.

ولا يشمل مشروع القانون، الذي يعتبره الوزير آلية قانونية من شأنها أن تساعد على التأقلم مع تقلبات أسعار المحروقات، عقود النقل الفورية التي يتم التوافق حولها وتنفيذها داخل آجال قصيرة، كما أنه لن يشمل أنماط النقل التي تحدد أثمنتها من طرف الدولة (النقل الحضري – نقل المسافرين بين المدن).

وتفاعلا مع خطوة الوزارة، دعا التنسيق النقابي إلى تجاوز “مشجب تقلبات الأسعار في السوق الدولية”، مشددا على أن مقايسة الأسعار ستضر بالقدرة الشرائية للمواطنين و”تهدد الأمن الاجتماعي”.

وفي هذا الصدد، يرى الكاتب العام لمهنيي النقل الطرقي بالمغرب، منير بنعزوز، أن مشروع القانون الخاص بمقايسة أسعار النقل بأثمان المحروقات “ليس بالحل الآني، إذ سيستغرق مساره التشريعي سنتين على الأقل”.

وأوضح بنعزوز أن الحكومة مطالبة باتخاذ كل الإجراءات الممكنة التي من شأنها وقف الزيادات المهولة في سعر المحروقات، قصد التخفيف من وطأة الارتفاع المهول للأسعار على مهنيي القطاع، والذي دفع بنسبة كبيرة من مقاولات النقل إلى التوقف الاضطراري.

علاوة على ذلك، يلاحظ عدد من مهنيي النقل الطرقي أن نص القانون الجديد لا يخدم مصلحة الناقلين المتوسطين والصغار، ذلك أنهم يعملون وفق عقود سريعة تنتهي بنهاية “الرحلة”، وأنه يناسب وضعية الناقلين العاملين بالأوراش الكبرى فحسب.

كما دعوا إلى تحديد تكلفة ثابتة للنقل يؤطرها نص تنظيمي زجري يمنع النزول عن عتبة التكلفة، مع تحديد نسبة مئوية للربح تتغير بتغير أثمنة المحروقات.

في المقابل، يؤكد الآمرون بالشحن أن مقترح الوزارة منصف للطرفين معا، إذ يكفل تفادي الإشكالات الناجمة عن تقلب الأسعار، مشددين على أن تحديد تكلفة النقل يعتبر تقييدا للتعاملات في السوق الحرة.

وفي هذا الإطار، أكد رئيس نادي الفاعلين الاقتصاديين المعتمدين، المعتمد عباد الأندلسي، أن هاته الآلية معمول بها في مجال النقل البحري منذ سنوات، وأنها الحل الذي انتهت إليه الدول الأوروبية للتعامل مع تقلبات الأسعار.

وقال الأندلسي، “نحن كنادي الفاعلين الاقتصاديين المعتمدين انخرطنا مع الوزارة الوصية في مشروع المقايسة هذا، الذي سيستغرق مساره التشريعي ما بين ستة أشهر وسنة ونصف، سواء في مرحلة اقتراح المهنيين أو دراسة الواقع الدولي أو مرور القانون بالأمانة العامة للحكومة وغرفتي البرلمان”.

وأبرز أن تفعيل القانون سيتم من خلال تحديد معامل يأخذ بعين الاعتبار صنف النقل ونوع المحروقات وطول أو قصر مسار الرحلة، ومن ثمة يتم تحديد التكلفة التي ازدادت في عملية النقل.

وفي ظل السجال الحاد بين من مهنيي النقل المتخوفين من أن يكون مشروع القانون “عقد إذعان” يخدم مصالح الآمرين بالشحن فحسب، والمقاولات التي لا ترى بدا من مقايسة الأسعار باعتبارها التجربة الأنجع عالميا، يبرز من جديد نقاش تسقيف أسعار المحروقات واستئناف تكرير المحروقات، كحل يكفل نوعا من الاستقلالية في أوقات الأزمات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News