مجتمع

احتجاجات المهن الحرة ضد مقتضيات الضريبة تتواصل.. والحكومة: هدفنا نظام ضريبي عادل

احتجاجات المهن الحرة ضد مقتضيات الضريبة تتواصل.. والحكومة: هدفنا نظام ضريبي عادل

مع دخول قانون المالية لسنة 2023 إلى الغرفة الثانية من البرلمان، واقترابه من إكمال المسطرة التشريعية، خرجت مجموعة من الفئات المهنية للاجتجاج رفضا للمقتضيات الضريبية التي تضمنها، وخاصة لإجرءات الضريبة على القيمة المضافة وإجراء الاقتطاع من المنبع المطبق على أصحاب المهن الحرة.

وخرجت، اليوم الخميس 17 نونبر للاحتجاج، مجموعة من المهن الحرة، منها الهئية الوطنية للمهندسين المعماريين، والهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، والمنظمة المهنية للمحاسبين المعتمدين، إضافة إلى النقابة الوطنية للأطباء البيطريين الخواص، وهيئة المحاماة بالدار البيضاء، وقبلهم مجموعة من المهن من قبيل الموثقين والعدول وغيرهم، ما يعني أن المقتضيات الضريبية مست مجموعة من المهن.

وحول موقف الحكومة من الاحتجاجات ضد المقتضيات الضريبية، أفاد مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، في الندوة الصحفية التي أعقبت المجلس الحكومي اليوم الخميس، أن مجموعة من المهنيين والأجراء الموظفين وأجراء القطاع الخاص للدولة يد عليهم من خلال وسيلة الاقتطاع من المنبع، مضيفا أن هناك مهن كثيرة أخرى ينبغي أن تؤدي الضرائب لأن الجميع يؤديها.

وأوضح الناطق الرسمي أن الحكومة طبقت القانون الإطار للضرائب، وطبقت توصيات المناظرات، خاصة المناظرة الأخيرة حول الضرائب، مشيرا إلى أنها تهدف إلى إقرار عدالة ضريبية من خلال توسيع قاعدة المؤدين للضرائب.

وأورد بايتاس أنه يحيي المهنيين لأنه لم يسمع مهني واحد لا يريد أن يؤدي الضرائب، “فالجميع يريد تأدية الضرائب وهذا مؤشر كبير على المواطنة”، وفق المتحدث الحكومي نفسه.

وأفاد بايتاس أن الحكومة “حينما أرادت تنزيل المقتضيات ناقشتها من قبل مع المهنيين، واستمر النقاش في الغرفة الأولى، وكانت نقاشات مفتوحة بعد ذلك، مضيفا أن البرلمان في غرفته الثانية لا يزال يشتغل على الموضوع”.

من الجهة المقابلة، أفاد خالد يوسفي، رئيس الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين، في تصريح ل”مدار21″ على هامش الاحتجاجات المنظمة هذا اليوم أمام البرلمان أن “الهدف من الوقفة هو المطالبة بحذف بعض المقتضيات الجبائية التي تضمنها قانون المالية، وخاصة المواد التي تنص على الاقتطاع من المنبع”، مضيفا أن هذا الإجراء الضريبي “سيشكل عبئا على المقاولات وعلى استقرارها وكذا على الاستثمار ومناصب الشغل”.

وقال يوسفي “نريد حوارا مسؤولا لإيجاد حلول تناسب الجميع”، مؤكدا أن هذه المهن تدلي بتصريحاتها بانتظام وتساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا.

ومن جانبه، أورد الفكاك شناني الكاتب العام للمحاسبين المعتمدين، أن “المقتضيات الضريبية أثارت حفيظة المهنيين”، مؤكدا أن مقتضى الاقتطاع من المنبع “غير دستوري ويخالف النظام التصريحي الضريبي ويبتعد عن توصيات المناظرة الأخيرة حول الجبايات، كما يبتعد عن خلاصات المندوبية السامية للتخطيط التي أكدت أن ثلاثة ملايين من مغاربة الطبقة المتوسطة نزلوا إلى الطبقة الفقيرة”.

وأشار الفكاك إلى أن هذه المقتضيات “ستساهم أكثر في التهرب الضريبي عوض الزيادة في مدخول الضريبة”.

ومن جانبه كشف عزيز منان، نائب رئيس الهيئة الوطنية للمهندسين المعمارين، بأن الاحتجاج المنظم هذا اليوم جاء من أجل التنديد بقانون المالية الجديد الذي “يضرب في الصميم المهن الحرة”، مضيفا أن المهندسين المعماريين يعيشون الاقتطاع من المنبع بشكل يومي.

وأورد منان أن أي ملف يقومون بدفعه يؤدون من أجل الرخص، ويؤدون للوكالة الحضرية، إضافة إلى باقي الاقتطاعات الأخرى عن الأرباح وليس رقم المعاملات، مضيفا أن الحكومة اليوم تريد اليوم فرض 20 في المئة على رقم المعاملات.

وأكد المتحدث أن هذا “الإجراء سيسبب في أزمة للمقاولات، وفي تسريح العاملين لأن أجورهم ليست عادية، إذ تصل إلى 20 ألف درهم”، مشيرا إلى أن هذا الإجراء ليس في مصلحة الأجراء ولا المكاتب وكذلك الحكومة التي ستساهم بضغطها في القضاء على الاستثمار.

وفي سياق الاحتجاجات نفسها، أفاد نعيم عبد الكريم أمين، رئيس النقابة الوطنية للأطباء البيطريين الخواص، أنهم يطالبون بعدالة جبائية وحذف الاقتطاع من المنبع، لأن هذا الاقتطاع على أساس رقم المعاملات هو “حيف وظلم، لأنه يعتبر الفاتورة كاملة ربح صافي”، وفق تعبيره.

وأفاد نعيم أن “الطبيب البيطري يشتغل في المجال الفلاحي الذي هو ميدان هش ويعاني وهو غير مهيكل وغير قابل للضريبة”، مطالبا بإعفاء الخدمات الطبية البيطرية من الضريبة على غرار المهن الطبية.

وشدد نعيم على ضرورة “اعتماد المقاربة التشاركية لأن المبدأ هو أنه عندما تفكري ولا تفكر معي فأنت تفكر ضدي، وبالتالي يجب مراعاة خصوصية كل مهنة وأخذ بعين الاعتبار الحد الأدنى المهني”.

ومن جهتهم عاد المحامون للإحتجاج من جديد بالرغم من مراجعة العديد من المقتضيات الضريبية بعد اجتماعاتهم مع الحكومة. وقال فؤاد مفتاح، رئيس جمعية المحامين الشباب بالدار البيضاء، على هامش احتجاجهم بالبيضاء، أنهم يرفضون مخرجات الاجتماع بين جمعية هيئات المحامين والحكومة، لأن المخرجات “حافظت على مبدأ التطبيق الضريبي رغم خفض المبلغ”، مشيرا إلى أن المحامين يرفضون مبدأ التطبيق الضريبي من أساسه.

وأبرز مفتاح أن المحاماة قطاع اجتماعي وليس قطاع تجاري حتى يتم فرض الضريبة على القيمة المضافة به، مشيرا إلى أن مخرجات الاجتماع جاءت “مخالفة لمطالب المحامين”، موردا أن المحامين مستمرون في التوقف عن العمل إلى حين سحب هذه المقتضيات الضريبية الواردة في مشروع قانون المالية.

وأكد بلاغ الاحتجاج المنظم من طرف المهندسين المعماريين والمساحين الطبوغرافيين والمحاسبين المعتمدين على هامش احتجاجهم اليوم أن “سن هذا التشريع الضريبي المجحف في حق مقاولات المهن الحرة في ظرفية اقتصادية قاسية أثرت سلبا عليها والتي بالكاد توازن بين مصاريفها وتحملاتها ومداخيلها، ناهيك عن تحملاتها الضريبية الجاري بها العمل لينضاف لها الاقتطاع من المنبع حسب رقم المعاملات”.

وأوضحت الهيئات الثلاثة أن المقتضيات الضريبية المحجوزة في المنبع “لا تحترم مبدأ دستوريا وخاصة الفصل 39 منه الذي ينص على أن كل المواطنين يتحملون قدر استطاعتهم التكاليف العمومية”.

وستغير هذه المقتضيات، وفق الهيئات المذكورة، “بشكل مجحف النظام الضريبي في المغرب والذي هو نظام تصريحي خاضع للمراقبة”، مضيفة أنها “ستنعكس سلبا على السيولة المالية لتسيير مكاتب ومقاولات المهن الحرة التي تصرح التي عن دخلها بانتظام، وحيث لا تأخذ بعين الاعتبار المصاريف التي تثقل كاهلها”.

وأشارت إلى أن هذه المصاريف تتمثل “في توجيه 40 في المئة من رقم معاملاتها إلى الموارد البشرية، و30 في المئة نحو المصاريف الثابتة، إضافة إلى ما بين 15 و20 في المئة موجهة للاستثمارات”، مشيرة إلى أن هذه المقتضيات “تعتبر أن رقم معاملات مقاولات المهن الحرة كله أرباح وتخضعه لسعر الضريبة بقدر 15 في المئة عوضه احتسابه على السعر الصافي”.

وأوردت الهيئات أن هذه المقتضيات “ستشكل تكلفة إدارية إضافية ثقيلة على هذه المقاولات”، مفيدة أنها تعني تضريبا مزدوجا أو ما مفاده أداء الضريبة على الدخل مرتين، أولها المحجوزة في المنبع عند استلام مبلغ الخدمات، ثم أنه عند التصريح برقم المعاملات نهاية كل سنة والذي يتضمن الخدمات في طور الاستخلاصات.

وقالت الهيئات إن “نظام الضريبة المحجوزة في المنبع لـ15 في المئة يعني نهاية المقاولة بحيث سنلاحظ ضرب الاستثمار، ومضاعفة تكاليف الخدمة بحيص سيتأثر منها المرتفق ومؤدي الخدمات على حد سواء”، مضيفة أنها “ستحدث أزمة في السيولة المالية لتسيير مكاتب أو مقاولات المهن الحرة”.

وتطالب الهيئات بإلغاء “مبدأ التضريب بالحجز في المنبع، وحذف وإلغاء الفصلين 15 مكرر و45 مكرر من مشروع قانون المالية لسنة 2023، وفتح حوار جاد ومسؤول حول نظام جبائي عادل ومنصف للمهن الحرة، ونهج مقاربة تشاركية للدفع باستقرار مقاولات المهن الحرة واستثماراتها وكذا الحفاظ على مناصب الشغل”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News