مجتمع

مكافحة الإثراء غير المشروع ومكافأة مالية للمبلغين عن الفساد.. هيئة النزاهة تستعرض توصياتها

مكافحة الإثراء غير المشروع ومكافأة مالية للمبلغين عن الفساد.. هيئة النزاهة تستعرض توصياتها

قدمت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، مجموعة من التوصيات للقطع مع الفساد وتطوير آليات مكافحته، وذلك بعد أن رصد تقريرها لسنة 2021 تغلغل الفساد بقوة في المغرب والصعوبات الكبيرة التي تعيق مكافحته، وانعكاس الفساد السلبي على التنمية وتمتع المواطنين بمختلف حقوقهم، بما فيها توصيات تهم تغيير قانون الهيئة، ومكافحة الإثراء غير المشروع ومكافأة المبلغين عن الفساد وحمايتهم.

وتوقفـت الهيئـة، في تقريرها، الذي عرض بمناسبة أول اجتماع لها بعد التعيين الملكي لأعضائها، عـند التقاطعـات بين ارتفـاع معدلات الفسـاد، وانتهـاك الحقـوق والحريات وتراجع الأداء الديمقراطي، منبهة إلى أن الفساد يساهم في تقويض أسس سيادة القانون بما يؤدي إلى المساس بالثقة وشيوع مظاهر المحسوبية والزبونية والامتيازات وتدمير أسس التماسك الاجتماعي والاستقرار وتكريس الفوارق الاجتماعية والمجالية، وتبديد وهدر الموارد وتوسيع دائرة اقتصاد الريع، وضرب مبدإ الاستحقاق، وهي دعامات أساسية لا يمكن الاستغناء عنها في أي استراتيجية تتوخى النهوض بالتنمية الشاملة والرفع من مستويات النمو.

وأشار التقرير إلى محدودية آليات الكشف عن جرائم الفساد، فالحالة الوحيدة لتحقيق التلبس القانوني في جرائم الفساد هي التي يبلغ فيها أحد الأطراف المعنيين بهذه الجرائم ضباط الشرطة القضائية، وهذه الحالة تكاد تقتصر على جريمة وحيدة من جرائم الفساد وهي الرشوة.

مراجعة قانون الهيئة

وأكدت الهيئة، ضمن توصياتها، على ضرورة مراجعة القانون رقم 113-12 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها الصادر بتاريخ 9 يونيو 2015.

وقالت الهيئة أنه تبين من خلال تقييم مقتضيات هذا القانون، أن الاختصاصات المخولة لهذه الهيئة لا ترقى للتجاوب موضوعيا مع الالتزامات المعيارية لمكافحة الفساد، بما من شأنه أن يكبح قدرتها على المكافحة الناجعة لآفة الفساد.

وطالبت الهيئة بمراجعة هذا القانون، الذي يتضح أن مقتضياته مفتقرة لمجموعة من الآليات القانونية التي تضمن للهيئة القدرة على تصريف صلاحيتها الأفقية في الوقاية والمكافحة، مشيرة إلى التفاعل الباهت للقانون مع الاختصاصات الدستورية للهيئة.

ورصدت الهيئة تقييد حقها الدستوري في “المبادرة” بإبداء الرأي للحكومة، وإضعاف موقع الهيئة الاستشاري في المسار التشريعي، وغياب أي تصريف لصلاحيتها الدستورية ما جعلها فاقدة للدور المنوط بها.

كما وقفت الهيئة عند وجود مس بمبدإ الاستقلالية الممنوح دستوريا للهيئة، وتضييق مفهوم الفساد المشمول بتدخل الهيئة، وتعطيل صلاحية “المبادرة” من خلال عدم تمكينها من التصدي التلقائي والمباشر لحالات الفساد، وكذا تحجيم نطاق التشكي والتبليغ لدى الهيئة، من خلال إلزام المشتكين بإثبات هوياتهم كشرط لقبول تبليغاتهم من طرف الهيئة، بالإضافة إلى غياب الضمانات لتمكين مقرري الهيئة من أجل التحري.

ومن بين النواقص الموجودة في القانون عدم تقرير جزاءات لمواجهة الحالات المحتملة لكل رفض أو عرقلة لمهام المقررين، وعدم التنصيص على الحجية الثبوتية لمحاضر الهيئة، وغياب آلية تلزم النيابة العامة بتحريك المتابعة بموجبها، وغياب صلاحية انتصاب الهيئة كمطالب بالحق المدني.

الإثراء غير المشروع

قدمت الهيئة الوطنية مجموعة من الملاحظات حول النواقص التي تشوب اختيارات مشروع تجريم الإثراء غير المشروع في صيغته الحالية.

ومن بين النواقص، وفق الهيئة، تطويق تجريم الإثراء غير المشروع داخل إطار قانوني أثبتت التجربة أنه غير قادر على اكتشاف ورصد التطور المشبوه للثروة، إضافة إلى إرجاء عملية مراقبة التطور المشبوه للثروة إلى غاية نهاية وظائف أو مهام الأشخاص المعنيين، إضافة إلى تنصيب المجلس الأعلى للحسابات جهة وحيدة وحصرية لرصد حالات الإثراء غير المشروع، وغياب العقوبة السالبة للحرية.

وأكدت الهيئة على أن الاختيار التشريعي الأنسب هو اعتبار هذه الجريمة جريمة مستقلة لها مقوماتها الجرمية، ومحدداتها المسطرية الكفيلة بإثباتها، والعقوبة الحبسية والمالية المتناسبة مع خطورتها.

مكافأة المبلغين عن الفساد

دعت الهيئة إلى حماية مثيري الانتباه لجرائم الفساد، ومكافأتهم ماليا، مشيرة إلى أن إثارة الانتباه تتم عبر موافاة الإدارة التي يشتغل بها الموظف العمومي بالمعلومات عن حالات الفساد، إذ إن مفهوم “إثارة الانتباه” يقتصر على الموظف العمومي الذي تربطه علاقة نظامية مع الإدارة مما يقصي أشخاص متعددين اعتبرهم القانون ضمن المفهوم الواسع للإدارة.

وأكدت الهيئة على ضرورة إعادة تعريف الفساد المشمول بإثارة الانتباه ليستوعب مختلف تمظهرات وتفاعلات الفساد الواقعة أو المحتملة، سواء كانت جرائم ضرر أو جرائم خطر، وسواء تعلقت بأفعال تعاقَب في إطار القانون الزجري أو القضاء المالي أو التأديب الإداري، وذلك ضمانا للإحاطة الشمولية بمظاهر الفساد وتوفير إمكانيات رصدها وإثارة الانتباه إليها.

ودعت الهيئة إلى اعتماد التعريف المنبثق عن الفصل 36 من الدستور والذي تبناه مشروع المراجعة التشريعية لقانون الهيئة، بالنظر بشموليته، والذي يدخل في حكم الفساد المخالفات الإدارية والمالية، والمتعلقة بتنازع المصالح واستغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه المتعلقة بنشاط الإدارات والهيئات العمومية وباستعمال الأموال الموجودة تحت تصرفها وبإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها، وكذا مخالفات الشطط في استغلال مواقع النفوذ والامتياز.

وفي إطار تشجيع الموظفين على التبليغ، وتعميق الوعي لديهم بالضرر العام لجرائم الفساد، كان مناسبا جدا، وفق الهيئة، إقرار آليات التشجيع بما فيها نظام المكافأة المالية للمبلغين الذين تؤدي تبليغاتهم إلى استرداد عائدات الجرائم.

هذا وقدمت الهيئة، ضمن توصياتها، أرضيات حول مواضيع ذات أهمية في مجال الحكامة والوقاية ومكافحة الفساد، عبر الدعوة إلى وضع لإطار يلزم ويقنن التصريح بحالات تضارب المصالح، والنهوض بآليات الإحالة المؤسسية لجرائم وأفعال الفساد، وتعزيز الحق في الولوج إلى المعلومة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News