فن

السينما الإيرانية تنعتق من أصفاد القمع بحثا عن الحرية والتألق

السينما الإيرانية تنعتق من أصفاد القمع بحثا عن الحرية والتألق

يربط العديد الفن بالحرية، فلا يمكن للفن أن يقدم رسالته ومراده دون إتاحة الحرية للفنان اختيار مواضيع مشروعه والطابوهات التي سيسلط عليها الضوء من خلاله فنه كيفما كان، فكلما ازداد اتساع رقعة الفن تحسنت جودة الفن، هذا الشرط لم يكتب له الحضور في السينما الإيرانية إذ عملت الرقابة على الحد من استقلال الفن السابع بإيران، غياب لم يمنع صناعها من تجاوز كل التوقعات وإنتاج أعمال حلقت في سماء المحافل السينمائية العالمية ومثلت بلاد فارس أفضل تمثيل.

سينما بلا جنس، وبلا سياسة، وبلا أي مشاهد، أو شخصيات، أو حوارات تسيء للدين والدولة، كما لا يسمح بظهور جسد المرأة إلا الوجه والكفين، ولم يسلم من الرجل إلا شعره والقليل من يده وقدمه، قيود أثقلت كاهل الصناعة السينمائية الإيرانية التي وجدت نفسها في منافسة شرسة أمام صناعات لها رقابة تكاد أن توصف بشبه الغائبة رغبة في حفر اسمها من ذهب على جبل السينما العالمية.

نجاح منقطع النظير حققته السينما الإيرانية كان ورائه عدة أسباب وعوامل ستتعرف على أهمها في هذا المقال

بعيدا عن التعقيد .. البساطة هي الحل

أثناء مشاهدتك لأشهر الأفلام الإيرانية من قبيلA Separation 2011  وThe Salesman 2015 وChildren of Heaven 1997  وAbout Elly 2009  وThe Stoning of Soraya M 2008  ستتذوق تشارك كل من بناء الأحداث، والشخصيات، والإخراج، والأزياء، والديكور في طعم البساطة الذي نجح صناع السينما الإيرانية في مزجه مع مواضيع يجدها كل مسلم حاضرة في حياته اليومية، دون خلقهم لشخصيات أو أحداث خيالية، أسلوب اختارته لضرب عصفورين بحجر واحد للابتعاد عن مشاكل الرقابة، ولكسب اهتمام ومتابعة كل محب لطابع التنوع في السينما العالمية.

جعلت منها الرقابة خبيرة في المجاز

لم يعمد المكلفون برقابة الأعمال السينمائية الإيرانية على تحليل كل كبيرة وصغيرة، متناسيين أن كثرة الاختناق تدفع للبحث عن حلول موازية للإبداع وإيصال الرسائل بطرق خفية يسهل كشفها من قبل المتتبعين الأوفياء لهذه الصناعة، فكم من مخرج وكاتب سيناريو وجد نفسه يبدع وهو يختنق من دون أن يقتله ذلك الاختناق، ففي السينما الإيرانية عليك أن تقول الأشياء دون قولها، ويتوجب عليك عرض الحياة دون أن تعرضها، وهذا ما ساهم كذلك في تفرد هذه الصناعة عن نظرائها ودفع الكثيرين لمتابعتها رغبة في استنباط النقاط الخفية ومحاولة استيعاب المراد من إقحامها في الأفلام.

حضور الأطفال في الأفلام الإيرانية

للطفل مكانته الكبيرة داخل الأفلام الإيرانية، فلم يمنع تغليب الصناعة السينمائية الأمريكية والهندية كذلك لكفة الكبار على حساب الصغار من أن تمنحهم الصناعة الإيرانية حقهم، وتركز في أفلام عدة لها على إدانة العنف الذي يتعرض له الأطفال، كفيلم الجرب الذي أخرجه أبو الفضل جليلي سنة 1987، وقد عاد المخرج بالزمن إلى عهد الشاه محمد رضا بهلوي حيث ألقي القبض على طفل صغير بتهمة بيع جرائد محظورة، وأرسل إلى إصلاحية في انتظار محاكمته، ومن خلال تلك القصة، يرسم لنا الفيلم لوحةً كئيبةً عن واقع السجون في عصر الشاه، بأسلوب شبه وثائقي، وقد لاقى هذا الفيلم قبول الرقابة بالطبع لأنه أدان بطريقة صدامية عصر الشاه وما كان يحدث فيه، أي أنه يناقش أحداثًا ولت بالفعل مع زمن الثورة.

ويعرض أمير ناضري في فيلمه الماء والرياح والغبار صورة للطفولة المسلوبة، من خلال طفل يعمل في المدينة، ويعود ليجد أبويه ذهبا كباقي سكان القرية سعيًا وراء شربة ماء، وسيفقد الطفل الأمل في الالتحاق بوالديه اللذين ظلا يبحثان عنه، حيث سيتيهان في الصحراء، ويركز هذا الفيلم من خلال حكاية الطفل على قضية الجفاف التي لحقت وأتلفت محاصيل منطقة البلوشستان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News