سياسة

النقابات تتمسك بإصلاح شامل لأنظمة التقاعد وترفض المسّ بجيوب الأجراء

النقابات تتمسك بإصلاح شامل لأنظمة التقاعد وترفض المسّ بجيوب الأجراء

عبرت المركزيات النقابية عن رفضها لما أسمته بـ”الحلول الترقيعية” لإصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس، معلنة في المقابل تمسكها بإصلاح شامل لأنظمة يتجاوز الإصلاح المقياسي الذي بدأته حكومة بنكيران، دون المس بحقوق وجيوب الموظفين والأجراء، عبر اللجوء إلى الرفع من سن المعاشات وإقرار الزيادة في نسب الاقتطاعات.

وقالت النقابات في تصريحات صحفية متطابقة أدلت بها على هامش الاجتماع الأول للجنة إصلاح أنظمة التقاعد برئاسة وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، إنها تتنتظر عرضا حكوميا واضحا حول الإصلاح الشامل لأنظمة التقاعد، يراعي من جهة ضرورة الحفاظ على المكتسابات والحرص على استدامة الصناديق المهددة بنفاد احتياطتها خلال السنوات المقبلة من جهة ثانية.

وترأست نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، اليوم الأربعاء 5 أكتوبر 2022 بمقر وزارتها، الاجتماع الأول للجنة إصلاح أنظمة التقاعد التي تندرج في إطار تنفيذ مخرجات الاتفاق الاجتماعي والميثاق الوطني للحوار الاجتماعي الموقعين في 30 أبريل الماضي ما بين الحكومة والمركزيات النقابية والمنظمات والجمعيات المهنية للمشغلين.

وأوضحت مصادر نقابية حضرت الاجتماع، أن المسؤولة الحكومية أطلعت النقابات على السيناريوهات المرتقبة للمضي في إصلاح أنظمة التقاعد بعد الاتفاق على المنهجية مع الشركاء الاجتماعيين، ومن المقترحات التي قدمتها نادية فتاح الرفع من سن الحصول على المعاشات إلى 65 سنة بالإضافة إلى زيادة في نسبة الاقتطاعات لم يتم بعد الحسم في مقدارها.

وأشارت نادية فتاح إلى أن إنشاء هذه اللجنة نابع من إرادة الحكومة والنقابات والجمعيات المهنية للمشغلين إطلاق حوار مفتوح وبناء ما بين مختلف الشركاء بهدف العمل على  وضع منظومة التقاعد من قطبين “عمومي” و “خاص”، وفقا للتوصيات المنبثقة عن اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد سنة 2013.

وفي هذا الصدد، أوضح يوسف علاكوش عن نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، أن اللقاء الذي جمع اليوم الأربعاء النقابات والاتحاد العام لمقاولات بالمغرب والحكومة ممثلة بوزارة الاقتصاد والمالية، تم خلاله التطرق إلى المنهجية مع تحديد الأولويات المتعلقة بالشروع في إصلاح أنظمة التقاعد، وهو اللقاء الذي يأتي في إطار تفعيل الجولة الثانية من الحوار الاجتماعي.

وسجل علاكوش، في تصريح لـ”مدار21″، أن نقابته تعتبر أن إصلاح أنظمة التقاعد “أمر أساسي وملح”، لكن ينبغي أن يتم ذلك دون المسّ بالمكتسابات مع الحرص على استعجالية اتخاذ الإجراءات الضرورية لإنقاذ الصناديق المهددة بالإفلاس، مشددا على صورة “مراعاة الفئات الأخرى غير المعنية بأنظمة الحماية الاجتماعية، التي تعتبر متضررة من الأنظمة نظرا لهزالة المبالغ المقدمة عند نهاية الحياة المهنية”.

وأكد أن نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، تنتظر أن تقدم تصورا واضحا لا يعتمد على الحلول “السهلة والمقياسية”، لكن يستند إلى “حلول ابتكارية” لا تستهدف فقط الحل الذي يذهب رأسا إلى الزيادة في السن وفي نسبة الاقتطاع، مضيفا “اليوم هناك تحدّ كبير من أجل الحفاظ على استدامة الصناديق، لاسيما في سياق رهانات تنزيل الدولة الاجتماعية وتعميم التغطية الصحية، لكن تعزيز الثقة يمر حتما عبر الإشراك الفعلي في كل القرارات وليس فقط تقاسم المعطيات”.

وتابع علاكوش، أن نقابته، تعتبر أن “الإصلاحات المقياسية دون الإصلاحات الهيكلية ودون البحث عن مصادر للتمويل بعيدا عن جيوب الأجراء وعن الرفع من السن، سيكون هو الأصل في حل الإشكال”، لأن الطبقة الشغيلة المغربية دائما وفية لأداء مستحقاتها، مشددا على أنه “يتعين على الحكومة الحالية في سياق عدم وفاء الطرف الذي كان سباب إفلاس الصناديق عن الوفاء بالتزاماته، أن تصلح ما تم إفساده خلال السنوات الماضية”.

من جهته، أكد مصطفى شناوي عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن هذا الاجتماع الأول بعد حالة الجمود التي عرفها ملف إصلاح أنظمة التقاعد منذ 2013، لافتا إلى أن الحكومة جاءت بمجموعة من الاقتراحات خصوصا بالنسبة لعمل اللجنة المكلفة بإصلاح الأنظمة، انطلاقا من مرحلة التشخيص مرورا بوضع التصور بخصوص استراتجية إصلاح أنظمة التقاعد.

وسجل شناوي، في تصريح لـ”مدار21″، أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ترفض “الحلول الترقيعية” لإصلاح أنظمة التقاعد التي تتم على حساب الأجراء، وتطالب في المقابل بإصلاح شامل يتضمن محاربة الهشاشة وتحسين قيمة المعاشات وضمان استمرارية الأنظمة، لكن دون أن يمتد ذلك ليمس بحقوق المأجورين والموظفين.

وشدد المسؤول النقابي ذاته، على أن نقابته ستناضل من داخل هذه اللجنة للدفاع عن حقوق ومكتسبات الموظفين، وستقدم اقترحات وأفكار وتصورات، وستسعى إلى إقناع الحكومة من أجل الأخذ بها، للشروع في إطلاق إصلاح عميق يكون في صالح الشغيلة المغربية.

من جانبه، قال سعيد خير الله، عن نقابة الاتحاد المغربي للشغل، إن هذا الاجتماع هو أول لقاء تعقده اللجنة المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد تحت رئاسة وزارة الاقتصاد والمالية، مشيرا إلى أن نقابته لبت الدعوة وحضرت الاجتماع من أجل الاتفاق على المنهجية والجدولة الزمنية والمبادئ العامة لشروع في إصلاح أنظمة التقاعد.

وكشف خير الله، في تصريح لـ”مدار21″، أن العرض الذي تقدمت به وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، خلال هذا الاجتماع، تضمن بعض عناصر التشخيص المتعلقة بوضعية صناديق التقاعد مع التلميح لأمكانية الزيادة في سن التقاعد، مسجلا أن هذا اللقاء شكل فرصة من أجل تحديد الخطوات الأولى لبدء المشاورات من أجل الاتفاق على الخطوط العريضة لمباشرة العمل.

وأكد أن ملف إصلاح أنظمة التقاعد ليس ملفا تقنيا يمكن معالجته بإجراءات مالية، وحتما ستعرف جولات الحوار مع الحكومة التطرق للمقاربات المالية والحفاظ على توازنات الصناديق، لكن المقاربة التي يتبناها الاتحاد المغربي للشغل تختلف عن مقاربة الحكومة، حيث نعتبر أن الملف ذو بعد اجتماعي وسياسي يهم المواطنين بصفة عامة سواء الخاضعين منهم لأنظمة التقاعد أو حوالي 54 في المائة ممن لا يشملهم النظام.

ولفت عضو أمانة الاتحاد المغربي للشغل، إلى أن هاجس الحكومة هو المقاربة المالية وبالتالي نعتقد بأن الإصلاحات المقياسية لا يمكنها أن تجيب عن معضلة صناديق التقاعد ولا تحول الخطر الذي يتهددها، إذا لم يكن هناك إصلاح شمولي ذو بعد اجتماعي، نعتبر بأن أي إصلاح سيكون معرضا للفشل وسيكون محدودا في الزمن وسنعمل فقط عن توريث الإشكالات المتراكمة إلى الأجيال القادمة.

وخلص خير الله، إلى أن نقابة الاتحاد المغربي للشغل، طلبت من الحكومة أن تمنح النقابات الوقت الكافي في إطار الحوار الاجتماعي، من أجل الوصول إلى إصلاح شمولي، يتجاوز دور تسوية الوضعية القائمة، إلى مقاربة شمولية لحماية صناديق التقاعد ببعد اجتماعي، من أجل انقادها بصفة عامة.

تعليقات الزوار ( 1 )

  1. لا يمكن أبدًا لأية نقابة يسيرها متقاعدون ضالعون في ملفات فساد أن يقرروا في قضايا تهم الشغيلة النشيطة.
    ولذلك وجب أولًا تنزيل قانون النقابات وعدم السماح لأي متقاعد أن يتحدث باسم الموظفين/ت والمستخدمين/ت والعمال/ت الذين لم يحالوا بعد على التقاعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News