مجتمع

دخول “باهت”.. الغلاء والملفات المطلبية المتراكمة يفسدان عودة التلاميذ للمدارس

دخول “باهت”.. الغلاء والملفات المطلبية المتراكمة يفسدان عودة التلاميذ للمدارس

تستقبل العائلات المغربية والأطر التربوية الموسم الدراسي لهذه السنة بنَفس مختلفٍ عن السنوات السابقة، بعد أن اختفت مظاهر الاحتفاء بالدخول المدرسي الجديد، وتراجعت صور التلميذات والتلاميذ التي ينشرها الآباء والأمهات فرحا على وسائل التواصل الاجتماعي، لتحل محلها تدوينات غاضبة بسبب الظروف التي تطبع هذا الدخول.

وترجع أسباب الجو المشحون الذي يرافق هذه السنة إلى الارتفاع المسجل في تكاليف التسجيل وأثمنة المقررات والدفاتر والأدوات المدرسية، بالإضافة إلى تراكم العديد من الملفات المطلبية التي ترفعها الشغيلة التعليمية، ما يجعل الموسم الدراسي الحالي يبدأ على وقع الاحتقان.

وبينما كانت الانتظارات أن تشكل بداية الموسم الدراسي مناسبة لتجاوز التعثرات السابقة، تشير العديد من المؤشرات إلى أن البداية الحالية لا تختلف عن سابقاتها، بل أنها أشد احتقانا بسبب ظروف السياق العام التي توازيها، وعلى رأسها ما يسجل من ارتفاع في الأسعار وغلاء.

نقص الأطر يفاقم الازدحام

شهدت مختلف المؤسسات الدراسية هذا اليوم، وفق إفادات متطابقة ل”مدار21″ حالة ازدحام كبيرة، بسبب توافد الآلاف من التلاميذ والتلميذات رفقة عائلاتهم من أجل التسجيل، مما خلق ارتباكا في السير الطبيعي للعملية.

وأكدت المصادر أن النقص الكبير في أطر الدعم والأطر الإدارية داخل المؤسسات التعليمية أدى إلى تفاقم حالة الازدحام الكبيرة بهذه المؤسسات، خاصة بالمؤسسات التي لا تتوفر على حراس عامين، ما أدى إلى اللجوء إلى أساتذة أو أعضاء من جمعيات آباء وأولياء أمور التلاميذ لتغطية حالة الخصاص المسجل.

ومن جانبه أكد يونس فيراشين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، في تصريح ل”مدار21″، وجود خصاص كبير في الأطر الإدارية والتربوية، مشيرا إلى أن هناك “بعض المؤسسات التي يدرس بها أكثر من ألف تلميذ ولا يوجد بها إلا مدير المؤسسة”.

وأورد فيراشين أن هذا “الخصاص سيزداد خلال سنة 2023 التي ستعرف أكبر عدد من الإحالة على التقاعد خلال العشرية الأخيرة”.

غلاء الأسعار

وأوضح فيراشين، عضو اللجنة التنفيذية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن الدخول المدرسي الحالي يأتي “في سياق اجتماعي واقتصادي صعب، بعد مرور الجائحة وأزمة ارتفاع الأسعار، والأزمة التضخمية التي يعيشها المغرب”، مضيفا أن هذه الأوضاع “انعكست على أسعار وتكاليف الدخول المدرسي”.

وسجل فيراشين وجود ارتفاع مهول في أثمنة الدفاتر والأدوات المدرسية، مؤكدا أن الأمر “سيكون له تأثير على المزيد من ضرب القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين”.

وفي نفس السياق سجلت مصادر من أولياء الأمور وجود زيادات في الدفاتر تراوحت بين درهمين وثلاثة دراهم، والأمر نفسه بالنسبة للأقلام وباقي الأدوات المدرسية.

احتقان وسط الشغيلة

واستحضر يونس فيراشين كذلك الاحتقان الذي تعيشه الشغيلة التعليمية نتيجة تراكم مجموعة من الملفات، وعدم تسوية الترقيات، وعدم ظهور نتائج الامتحان المهني، إضافة إلى غياب الترقيات سواء في الرتبة أو الدرجة لنساء ورجال التعليم، رغم الوعود المتكررة للحكومة من خلال قانون المالية أو وزارة التربية الوطنية، يضيف المتحدث.

وحول هذه النقطة، أورد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، أن الأمر كان موضوع رسالة احتجاجية أرسلتها النقابة الوطنية للتعليم للوزارة الوصية على القطاع.

ويذكر أن ملفات عديدة تخص قطاع التربية الوطنية والتعليم موضوعة على طاولة الحكومة، وأبرزها ملف “التعاقد”، خاصة مع الإعلان عن خطوات احتجاجية وإضرابات وطنية مع بداية الموسم من طرف هذه الفئة المطالبة بالإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية.

ويتزامن الدخول المدرسي، وفق فيراشين، مع النقاش حول النظام الأساسي الجديد، مؤكدا على أن نقابته “ستُصر على أن يكون نظام أساسي منصف ومحفز للشغيلة التعليمية، وأن يعيد الاعتبار للمدرس لأنه المدخل الأساسي لإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية”.

الخصاص والاكتظاظ

وأشار الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم إلى وجود خصاص مهول في عدد الأستاذة، مرتقبا أن يسجل اكتظاظا في مجموعة من المؤسسات التعليمية، إضافة إلى “استمرار ظاهرة الأقسام المشتركة التي لا زالت تشكل حوالي 20 في المئة في مستوى الابتدائي من مجموع الأقسام على المستوى الوطني، خاصة في العالم القروي، مما يضرب مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص”.

وأوضح فيراشين أنه تم “طرح هذا الإشكال في الحوار الاجتماعي مع وزير التربية الوطنية، مؤكدين على ضرورة تجسيد شعار الإنصاف من خلال توفير ظروف مناسبة للجميع ليحظى بفرصة تعليم جيد ولائق ومجاني”.

الهروب نحو الخصوصي

وأفاد فيراشين أن تراجع المدرسة العمومية اضطر الأسر إلى التوجه نحو المدرسة الخصوصية، “ليس اختيارا لكن نظرا لتراجع القيمة الاعتبارية للمدرسة العمومية، وذلك راجع لمجموعة من الاعتبارات من ضمنها الأوضاع التي يعيشها المدرس، ولاعتبارات مرتبطة بالبنيات والتجهيزات ووسائل العمل”.

وقال فيراشين أن المطلوب هو “رصد استثمار عمومي لتوفير مؤسسات عمومية بإمكانها أن تضمن تعليم جيد للمتعلمين وظروف مهنية للأساتذة لتكون مردوديتهم جيدة”.

وتابع المتحدث نفسه “يتطلب إرادة سياسية، ليس فقط من وزارة التربية الوطنية ولكن أيضا من الدولة والحكومة، لإعادة الاعتبار للمدرسة العمومية وضمان الحق الدستوري والكوني لكافة بنات وأبناء الشعب في تعليم عمومي مجاني وجيد”.

مطالب برلمانية

وفي سياق الدخول المدرسي الجديد، طالب الفريق الحركي بمجلس النواب بعقد اجتماعين عاجلين للجنة التعليم والثقافة والاتصال في الغرفة الأولى، بحضور كل من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، لتدارس موضوع “الدخول الدراسي الجديد لموسم 2022-2023”.

وأكد الفريق أن الدخول الحالي يفرض نفسه أخذا بعين الاعتبار الطابع الاستثنائي لهذا الدخول المدرسي، باعتباره محكا لأجرأة الالتزامات الحكومية المتعلقة بالنهوض بقطاع التعليم في إطار “مدرسة ذات جودة للجميع”.

ودعا الفريق الحركي الوزارة الوصية على قطاع التربية الوطنية لتُطلع ممثلي الأمة، ومن خلالهم الرأي العام، على الإجراءات المتخذة لتأمين موسم دراسي وفق الرهانات المعقودة عليه، وعلى خارطة الطريق المتعلقة بقطاع التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والتدابير الإجرائية لتحقيق تعليم جامعي منصف وذي جودة.

وشدد الفريق على ضرورة “تجاوز مختلف الاختلالات التي تعيق هذا القطاع، “لا سيما إشكالية الاكتظاظ في الكليات ذات الاستقطاب المفتوح، خاصة بعد التراجع عن إحداث الأنوية الجامعية التي كانت مبرمجة سلفا”.

ولفتت المراسلة إلى ما وصفته بـ”ندرة المناصب المالية المخصصة للجامعة”، علاوة على “التلكؤ في التفاعل مع المطالب المشروعة للأساتذة الجامعيين، خاصة إخراج نظام أساسي متوافق على مقتضياته يضمن الإنصاف ويساهم في تحفيز الأساتذة الجامعيين”، يضيف الفريق البرلماني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News