دولي

المغرب وتونس.. ماذا يعني الصمت المُخيم على العلاقات منذ أزمة استقبال سعيّد لغالي؟

المغرب وتونس.. ماذا يعني الصمت المُخيم على العلاقات منذ أزمة استقبال سعيّد لغالي؟

منذ الأزمة التي خلقها الرئيس التونسي قيس سعيّد باستقباله زعيم البوليساريو إبراهيم غالي على هامش مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا (تيكاد8)، وردود الفعل القوية من طرف الجانب المغربي بسحب السفير ورد تونس بالمثل، دخلت العلاقات بين البلدين مرحلة صمت حيث لم تظهر أي مستجدات سواء في اتجاه التصعيد أو البحث عن حلول.

غير أن الصمت داخل العلاقات الدولية عامة، وما بين تونس والرباط خاصة، لا يحمل وجها واحدا، فكما يمكن أن يعني بحثا عن الحلول ومراهنة على مرور الوقت لإصلاح المواقف، يمكن أن يعني بالمقابل أنه تعميق للأزمة بينهما وأن جميع أرضيات تسوية الخلافات غائبة.

الصمت حكمة

ويفسر صبري لحو، الخبير في العلاقات الدولية، في حديثه مع “مدار21″، الصمت المخيم العلاقات بين المغرب وتونس بأنه حكمة، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة تتجلى في “استيعاب الطرفين أن أسباب الأزمة عابرة ولا يمكن أن تعمر طويلا”، مضيفا أن الصمت هو “فرصة للأطراف من أجل مراجعة الموقف، وخاصة بالنسبة لتونس من أجل محاولة لملمة الشرخ الذي أحدثته بعد استقباله لزعيم انفصاليي البوليساريو”.

وبخصوص الصمت من الجانب التونسي، يضيف الخبير في العلاقات الدولية، أنه يعتبر دليلا وحجة على “أنها لم تكن مقتنعة بالفعل بما أقدم عليه الرئيس قيس سعيّد، وأنه لم يكن ناتجا عن إيمان واقتناع للمؤسسات الرسمية بتونس، وبالتالي فهو مجرد سلوك وتصرف معزول من الرئيس الذي يتهم داخليا من طرف التونسيون بأنه استبدادي وطاغية وأنه أجهز على كافة المؤسسات الديمقراطية، والموقف لا يعبر عن قناعة المؤسسات التونسية”.

وأورد صبري لحو أن تونس اتخذت موقف الاستقبال المذكور “تحت الضغط والإكراه الجزائري لأن تونس كانت تجتاز مرحلة صعبة واستغلت الجزائر هذه المرحلة من أجل دفعها للإقدام على هذه الخطوة التي لا تتلاءم مع موقف المؤسسات الديمقراطية، فالجزائر مارست جريمة تعد بمثابة جريمة للاتجار بالبشر، وهي في هذه الحالة تاجرت بدولة من خلال استغلال حاجتها إلى السيولة والعملة الصعبة”.

استقبال تحت الإكراه

هذا الفعل غير ناتج عن قناعة ولا يعبر عن الموقف الصحيح والتاريخي لتونس، وفق الخبير في العلاقات الدولية صبري لحو، الذي أشار إلى أنه موقف “اتخذ تحت الإكراه والإجبار الممارس من طرف السلطة الجزائرية، وهذا ما يفسر موقف الصمت الذي دخلته العلاقات بين البلدين، وفق المتحدث.

وأضاف لحو في السياق نفسه “وكأن تونس تحاول مراجعة هذا الموقف والخروج منه بطريقة أو أخرى كما أنها تتفادى التصعيد مع المغرب لأنها تفطنت إلى الخطأ الفادح الذي سقطت فيه والذي أضر بالدولة المغربية التي طالما دعمت وآزرت وتضامنت مع تونس في أحلك أوقاتها التي اجتازتها خاصة خلال الضربات الإرهابية”.

وتابع الخبير في العلاقات الدولية أن “عدم مراعاة الرئيس التونسي هذا الموقف المغربي هو الذي أنتج هذه الأزمة”، مشددا على أن “سلوك المؤسسات التونسية المتجلي في الصمت دليل على عدم رضاها عن ما أقدم عليه الرئيس وأنها تبحث عن الحل”.

المغرب ينظر إشارات تونس

وأضاف صبري لحو أن المغرب أيضا “التزم الصمت لأنه لا يريد إعطاء الفرصة أكثر للجزائر، لأنه يعلم أنه قرار خاطئ وأن تونس تعلم أينه كذلك وستراجعه من تلقاء نفسها وينتظر أن تقوم بالإشارات اللازمة لتجاوز خطأ عرضي ومؤقت أملته الحالة الاقتصادية لتونس والتي استغلتها الجزائر في هذه الظرفية”.

وأشار الخبير في العلاقات الدولية إلى أن “السكوت حكمة ولكنه أيضا موقف ولهذا نرجو أن تحتكم تونس إلى صوت الحكمة وأن تمتلك الشجاعة للتراجع عن سلوك خاطئ وأن تعطي الدليل للمغرب بأنها أدركت خطأها، وفي الإقرار بالخطأ فضيلة والعيب هو الاستمرار في الخطأ مع العلم المسبق به، مع أن الصمت فيه تراجع واعتراف ضمني بالخطأ”.

وأورد لحو أن الذي ارتكب الخطأ وألحق ضررا بالمصالح المغربية وبالتالي فالذي هو مجبر على إصلاح هذا الوضع بالدرجة الأولى هو تونس، وكل الخطوات التي يمكن أن يتخذها المغرب، المتجلية في حفظ التمثيلية الدبلوماسية أو استدعاء السفير، فهذا ترف طبيعي وتعبير من المغرب عن عدم رضاه وعن القلق وأنه لا زال ينتظر من تونس أن تصلح الخطأ الذي ارتكبه رئيسها.

تخفيض التمثيلية

وبخصوص مشاركة المغرب في القمة الفرنكوفونية بتونس بتمثيلية مخفضة، أورد أن كل ردود فعل المغرب هي تصرفات معترف بها في القانون الدولي الدبلوماسي للتعبير عن الاحتجاج والتظلم وعلى أنه غير راض عن الموقف الرئاسي التونسي، وبالتالي فما يقوم به المغرب هو امتثال للشرعية الدولية وممارسة لحقوقه التي تنتج عن الاتفاقيات والندوات التي تقام، فحق المشاركة بالنسبة للمغرب يؤول إليه بمقتضى انتمائه للدول الفرنكوفونية ومن حقه أن يستغل جميع المنابر من أجل تسجيل الغضب وتسجيل أن تواجده أملته الاتفاقية التي بموجبها حضر لتونس.

وأشار إلى أن المغرب استغل هذه الفرصة للتعبير عن استمرار عدم رضاه وأنه لا زال هناك تعثر بينه وبين المغرب لم يتم إصلاحه، والموقف المغربي الدبلوماسي مطابق للأعراف الدولية في التعبير عن عدم الرضا والتظلم والاحتجاج المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News