ثقافة

صراع “الجيران” يصل ساحة التراث.. وعصيد: تجاوز المعقول والشعوب دخلته بشكل خاطئ

صراع “الجيران” يصل ساحة التراث.. وعصيد: تجاوز المعقول والشعوب دخلته بشكل خاطئ

بعد الجدل الذي أثارته انتقادات وزارة الشباب والثقافة والتواصل لشركة الملابس العالمية “أديداس” حول استخدام رمز “الزليج” المغربي على أقمصة المنتخب الجزائري، وما رافقه من جدل على مواقع التواصل الاجتماعي، بات من الواضح أن التراث تحول إلى ساحة حرب جديدة بين المغرب والجزائر، خاصة مع إصرار هذه الأخيرة على محاولة تسجيل مجموعة من الرموز باسمها.

النقاش حول التراث همّ مجموعة من المكونات والرموز، منها “القفطان” وطبق “الكسكس” و”الأركان” والعديد من أصناف الفنون وغيرها من الرموز التراثية، إذ يطفو إلى السطح في كل مرة على مواقع التواصل الاجتماعي نقاش حاد يسعى فيه كل طرف إلى الدفاع عن انتساب رمز ما إلى بلاده.

ومن جانبه أكد أحمد عصيد، الكاتب والباحث المغربي، في تصريح ل”مدار21″، أن النقاش حول التراث “جزء منه مغلوط أساسا وجزء آخر يمكن تطارحه بدون تشنج وبروح حضارية”.

وأفاد عصيد أن الجزء المصطنع والمفتعل في الموضوع هو “عندما نتنكر للتاريخ المشترك والجوار وللحضارة المشتركة وللعناصر المشتركة بيننا وبين جيراننا، لأن المغرب والجزائر بلد واحد في الأصل ولم يسبق أن كانت الحدود بهذا الشكل، ولهذا من الطبيعي أن تكون رموز تاريخية مشتركة”.

وأكد عصيد أنه ينبغي أن يكون استعمال هذه الرموز طبيعيا سواء من المغرب أو من الجزائر”، مضيفا “لكن هناك تجاوزات تقع من طرف الإعلام ومن طرف بعض الأشخاص في الإعلام الجزائري، عندما يأخذون ظواهر معروفة أنها نشأت في المغرب فقط، وأنها خصوصية مغربية فقط، ويتم تقديمها بأنها تراث جزائري فقط، وهنا يقع المشكل”.

جذور سياسية للصراع

ويضيف الباحث نفسه أن “هذا نوع من الصراع هو من التداعيات والمضاعفات للصراع الأصلي، المتجلي في صراع سياسي حول قضية الصحراء”، مشيرا إلى أن الصراع حول الوحدة الترابية للمغرب ألقى بظلاله على العلاقات.

وتابع عصيد بأن الشعب دخل في هذا الصراع بشكل خاطئ، مضيفا أنه لا معنى مثلا لقول سيدة تقدم برنامج طبخ على قناة جزائرية عبارة “نصُب القليل من زيت أركان تندوف”، فهي تقوم بتغليط الناس، لأن الأركان معروف أنه مغربي، وإضافة “تندوف” إلى الكلام من أجل أن لا يفكر الناس في المغرب.

واسترسل المتحدث أنه “عندما تجد شباب يغني لناس الغيوان في أحد الأماكن ثم تجد من يقول إنه الفن الغيواني وهو فن جزائري عريق، فهذا تغليط للرأي العام الجزائري، إذ يجب أن يقال أن الأغاني هي لمجموعة مغربية تدعى ناس الغيوان”.

وقال عصيد “هنا نتجاوز حدود المعقول إلى اللامعقول، لأن بعض الأمور المنتسبة إلى بلد ما يجب أن تنسب له”.

وشائج وروابط

وأفاد الكاتب والمفكر المغربي أنه “بين المغرب والجزائر وشائج وعلاقات تاريخية عريقة، وبينهم مشترك حضاري كبير، ولهذا لا يجب خلق مشاكل مغلوطة، عندما يستخدم أحد الطرفين رمز ثقافي ويدعي الآخر أنه ملكه في حين أنه مشترك بين البلدين”.

وأورد عصيد أن “الكسكس مثلا عريق في المغرب والجزائر معا، وهو أكلة تقليدية في البلدين، لأنها أكلة أمازيغية عريقة في بلاد البربر كما سماها المؤرخون قديما”.

واسترسل عصيد “يجب ترشيد هذا النقاش حتى يفهم الناس من أين جاءت العناصر الثقافية، وإلى من تنتسب، وأن يتم تحويل هذا الحوار إلى حوار علمي”، مضيفا أنه إذا “كان الحديث مثلا عن “الزليج”، يجب أن نُظهر في أي عصر تشكلت أشكاله الهندسية وأين ظهرت، سواء في المغرب أو الأندلس، وأن يتحول النقاش إلى درس تاريخي حتى يستفيد الناس علميا، وأن لا نبقى فقط في التشنجات والصراعات البيزنطية التي لا تعطي أي نتيجة”.

وتعليقا عن الإنذار الذي وجهته وزارة الشباب والثقافة والتواصل لشركة “أديداس” بخصوص استخدام رمز “الزليج” على أقمصة منتخب الجزائر، يرى عصيد أنه “لا ينبغي الوصول إلى مستوى المقاضاة، مضيفا أن مثل هذا المشكل بين المؤسسات سبق أن حدث بين المؤسسات بخصوص وجبة الكسكس”.

الرمز المشترك

وأبرز عصيد أن الجزائر أرادت من قبل تسجيل وجبة الكسكس لدى اليونسكو كتراث عالمي لا مادي، مما دعا المغرب إلى الدخول على الخط ليؤكد أن الكسكس موجود في المغرب أيضا، مضيفا “هنا يوجد مشكل فعلي حول إمكانية تسجيل الرمز المتنازع بشأنه باسم بلدين، لأن الكسكس مثلا موجود في المغرب والجزائر معا”.

وأردف الباحث المغربي أن “الجزائر حاولت تسجيل الكسكس بأنه أكلة جزائرية محضة، وهذا خطأ، لأنه ينتج تماس بين المؤسسات التي تدخل على الخط للاحتجاج، ويجب أن نرى هل يمكن لهذا الرمز المنتشر في رقعة جغرافية تتعدى حدود البلدان، أن يسَجل باسم بلد واحد خلافا للبلدان الأخرى”، مشددا “هذه الأمور على اليونسكو دراستها”.

وقال إنه يمكن مثلا أن يسجل الكسكس “كتراث عالمي لكن باسم الجغرافية التي يتواجد بها، وليس باسم بلد معين”، ويمكن القول، وفق عصيد، أنها “أكلة بشمال إفريقيا تتواجد بالمغرب والجزائر، وهذا العلم والموضوعية حتى لا يتم تغليط الناس بمعطيات خاطئة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News