بيئة

بدأت تفقد لونها الأخضر..أوروبا تواجه أسوأ موجة جفاف منذ عقود

بدأت تفقد لونها الأخضر..أوروبا تواجه أسوأ موجة جفاف منذ عقود

تواجه أوروبا صيفا حارا جدا وغير مسبوق منذ عقود، وذلك بسبب قلة الأمطار والثلوج والانخفاض الحاد في مستوى مياه الأنهار الرئيسية، ولا سيما في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبدرجة أقل في إسبانيا.

وتعيش عدد من الدول الأوربية، أسوأ حالات الجفاف على الإطلاق منذ خمسينيات القرن الماضي،  على غرار فرنسا التي تواجه فترة جفاف غير مسبوقة وفق ما أفادت خدمة الأرصاد الجوية الفرنسية ، فيما تستعد البلاد لموجة حر أخرى بعد أيام قليلة من تلك التي مرت بها مؤخرا. أما في بريطانيا فيعتبر شهر يوليوز الماضي، الأكثر جفافا في جنوب البلاد على الإطلاق، بينما تنتظر إسبانيا ارتفاعات قياسية في درجات الحرارة تفوق 40 درجة.

وكشفت خدمة الأرصاد الجوية الفرنسية إن شهر يوليوز يُعد “ثاني أكثر الأشهر جفافا من بين كل الأشهر مجتمعة” في فرنسا وذلك منذ بدء القياس في عامي 1958-1959، حيث بلغ إجمالي هطول الأمطار 9,7 ملم، ما يعني تضاؤلا في هطول الأمطار بنسبة 84 في المئة مقارنة بالمعدل الطبيعي للفترة ما بين 1991 و2020.

وأضافت خدمة الأرصاد ، لوكالة الأخبار الفرنسية، أنه إلى الآن، كان مارس لعام 1961 الشهر الذي شهد تسجيل أعلى نسبة جفاف على الإطلاق في فرنسا، بـ 7,8 ملم.

الحرارة تفاقم الوضع

ويفاقم الحر من النقص في المياه وهي مشكلة تعاني منها الزراعة الإسبانية منذ الشتاء الماضي مع تقنين في استخدام المياه في غالبية المناطق المعنية، وقالت الحكومة خلال الأسبوع الحالي إن خزانات إسبانيا مليئة بنسبة 40,4 % فقط من قدرتها الاستيعابية.

بينما كان شهر يوليوز في بريطانيا، أكثر الأشهر جفافًا على الإطلاق في جنوب البلاد، بعد عدة أشهر من تضاؤل هطول الأمطار، بحسب الأرقام الصادرة عن خدمات الطقس الإثنين، ما استوجب فرض أول قيود محلية حول استهلاك المياه.

وعلى غرار العديد من الدول الأوروبية، تعرضت بريطانيا لضغط جوي حاد الشهر الماضي، حيث شهدت ارتفاعا في درجات الحرارة للمرة الأولى تفوق 40 درجة مئوية.

أما على الصعيد الوطني، أكد مكتب الأرصاد الجوية أن متوسط هطول الأمطار بلغ 56 في المئة فقط، ما يعتبر أدنى مستوى منذ 1999.

ويبقى الوضع خطيرا بالنسبة لإنكلترا على وجه الخصوص إذ اعتبر شهر يوليوز الماضي، الأكثر جفافاً منذ العام 1935، خاصة جنوب البلاد.

وقد حذر مكتب الأرصاد الجوية من أن الأشهر الثمانية الماضية كانت الأكثر جفافاً منذ العام 1976 حيث انخفض مستوى الأنهار الإنكليزية بشدة وأصبحت حدائق لندن المعروفة بألوانها الخضراء عادة، يسيطر عليها الجفاف.

وامتنعت وكالة البيئة، عن إعلان حالة الجفاف لكنها حذرت من أنها قد تضطر إلى ذلك، الأمر الذي سيستوجب فرض قيود على استهلاك المياه.

من جهتها أصدرت شركة “ساذرن ووتر” لتوزيع المياه مرسومًا يحظر اعتبارًا من غشت الجاري، ري الحدائق أو غسل السيارات أو ملء أحواض السباحة الخاصة في هامبشاير وجزيرة وايت، وهي منطقة شاسعة تقع جنوب غرب لندن وتمتد إلى سواحل المانش.

أما في إسبانيا وبعد هدنة قصيرة نهاية يوليوز، عادت درجات الحرارة لترتفع من جديد وتفوق الـ 40 درجة مئوية منذ الأحد، في حين تخشى البلاد موجة حر ستكون الثالثة في غضون شهرين فقط.

فيما تشهد أجزاء كبيرة من أوروبا موجة حر ثالثة منذ يونيو الماضي، تزداد المخاوف من جفاف حاد جدا ناجم عن الاحترار المناخي سيؤدي في البلدان التي تعتبر اهراءات القارة، إلى تراجع كبير في المحاصيل ويفاقم تاليا من أزمة غلاء المعيشة.

تهديد المحاصل الزراعية

وحثت المفوضية الأوروبية، الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي على إعادة استخدام المياه المبتذلة المعالجة في المدن في المزارع بعدما سجلت في فرنسا واجزاء من انكلترا أكثر أشهر يوليوز جفافا.

في فرنسا حيث أثر جفاف كثيف على المزارعين وأدى إلى قيود على استخدام المياه العذبة، بلغت المتساقطات الشهر الماضي 9,7 ميليمترات فقط بحسب هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية “ميتيو فرانس”.

ويشكل ذلك تراجعا بنسبة 84 % عن المعدل الوسطي في يوليوز بين العامين 1991 و2022 ما يجعله أكثر الأشهر جفافا منذ مارس 1961 على ما أضافت الهيئة، ويبلغ المزارعون عن صعوبات في توفير العلف للمواشي بسبب المراعي الجافة في حين منع الري في مناطق واسعة في شمال غرب البلاد وجنوب شرقها بسبب النقص في المياه.

وقال شورو داسغوبتا الخبير الاقتصادي المتخصص بالشؤون البيئية في المركز اليورومتوسطي حول التغير المناخي “نظامنا الغذائي يتعرض لضغوط منذ فترة ومع مشاكل الامدادات من أوكرانيا تفاقمت الأمور”، مضيفا “موجات الحر معطوفة على الجفاف ستسرع تراجع المحاصيل”.

وأضاف داسغوبتا أن موجات الحر القصوى الناجمة عن الاحترار المناخي تساهم أيضا في تضخم أسعار المواد الغذائية على المستهلكين مع ظروف أصعب على المنتجين.

وأوضح لوكالة فرانس برس “الجفاف وموجات الحر لها تداعيات على معيشة الأفراد. وستتراجع قدرة الناس على شراء المواد الغذائية”.

ومضى يقول “خلال موجات الحر يمكن للعمال في الهواء الطلق أن يعملوا لساعات محدودة ما يتسبب بتداعيات متتالية على الامدادات”، أما هيئة الأرصاد الجوية البريطانية “ميت أوفيس” فقالت هذا الأسبوع أن جنوب انكلترا وشرقها سجلا أكثر أشهر يوليوز جفافا حتى الآن.

تقنين التزود بالماء

وأعلن بعض مزودي المياه فرض تقنين يطال ملايين الأشخاص فيما أفاد منتجو خضار وفاكهة عن خسائر في المحاصيل لا سيما في الحبوب والتوت البري، وسجل التضخم في المملكة المتحدة في يونيو أعلى مستوى له منذ أربعين سنة بسب ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية.

وقالت اليزابيث روبنسون مديرة معهد غرنتثام للبحوث حول التغير المناخي والبيئة في كلية لندن سكول أوف إيكونوميكس إن الارتفاع الصاروخي في أسعار المواد الغذائية الذي تفاقم بسبب الخسائر الناجمة عن الحر في أوروبا والمملكة المتحدة، مؤشر إلى ان “الأنظمة الغذائية غير مجدية للناس”.

وأضافت “يجب أن تحصل مناقشات صعبة على المدى الطويل ولا سيما حول الهدر في المواد الغذائية وتحويل الحبوب من البشر إلى الحيوانات، في إسبانيا التي تعاني من الجفاف بسبب موجات حر طويلة، ستتجاوز الحرارة الأربعين درجة مئوية في مناطق عدة خلال الأسبوع الحالي.

وقال خوان كارلوس إيرفاس من نقابة المزارعين “كواغ” لوكالة فرانس برس إن محاصيل الزيتون في إسبانيا من الأراضي غير المروية ستكون أقل بنسبة 20 % عن معدل المحاصيل في السنوات الخمس ألخيرة، وتوفر إسبانيا حوالى نصف كميات زيت الزيتون في العالم.

دق ناقوس الخطر

وقالت المفوضية الأوروبية في تقييم محدث الشهر الماضي إن 44 % من مناطق الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تشهد “تحذيرات” من مستويات الجفاف.

وحذرت من أن رطوبة التربة المتدنية جدا تعني أن الكثير من الدول وبينها فرنسا ورومانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا ستشهد تراجعا في المحاصيل خلال العام 2022.

وأشارت مذكرة أوروبية أخرى الشهر الماضي إلى أن محاصيل الاتحاد الأوروبي من حبوب الصويا ودوار الشماس والذرة أدنى بنسبة 9 % من المعدل الوسطي.

وحث المفوض الأوروبي المكلف شؤون البيئة ومصائد الأسماك والمحيطات فيجينيجوس سينكيفيسيوس دول الاتحاد الأوروبي على إعادة استخدام كميات اكبر من المياه المبتذلة المعالجة.

وأكد “يجب ان نتوقف عن هدر المياه وأن نستخدم هذا المورد بفاعلية أكبر للتكيف مع تغير المناخ وضمان استمرارية الامدادات لقطاعنا الزراعي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News