أحمد المديني: الرواية فن موضوعي والكتابة العربية تعاني “مشكلة عاطفية”
انتقد الروائي المغربي أحمد المديني تعامل الرواية العربية مع المكان ب”فيضان طافٍ من العاطفة والحنين” في حين أن الرواية “لا تتحمل العاطفة والنوستالجيا البائسة” فهي “فن موضوعي” وصف المكان فيه يحتاج “دقة وصرامة ومهارات تستطيع أن تخلق المكان من جديد”.
وقال المديني، في نقاش حول “كتابة المكان” نظم أمس الأربعاء ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، “نحن الكتاب العرب عندنا مشكلة عاطفية..علينا أن نقدم المكان بأدواته وليس بلغة طافية وفيّاضة، فاللغة لا تكفي”.
واعتبر المديني أن الكاتب مطالب بتعلّم لغة الأمكنة التي يكتب عنها والتمّكن من تسمية الأشياء التي تؤثثها بدقة ومهارة عاليين، مبرزا أن الرواية الحديثة انطلقت من الاهتمام بالأشياء.
وبالنسبة للكاتب المغربي فالروائيون الأوربيون هم من صنعوا المكان في السرد الحديث وبصفة خاصة الرواية الفرنسية الجديدة، التي انطلقت من “الأشياء” وركزت على وصف المكان بحذافيره وتفاصيله.
وأعطى المديني، الذي كان يتحدث أمام حشد من عشّاق الآداب رفقة الكاتب المصري ناصر عراف والتونسي كمال العيادي، مثالا عن هذا الاتجاه الجديد برواية “الأشياء” (1965) للروائي الفرنسي جورج بيريك.
وجورج بيريك (1936-1982) روائي اشتهر بخوض تحديّات لغوية وفنيّة استثنائية من قبيل كتابته لرواية لا تتضمن الحرف “e” الأكثر شيوعا باللغة الفرنسية هي رواية “اختفاء” (1969)، قبل أن يعود لكتابة رواية بالاعتماد على الحرف نفسه في كل كلماتها هي رواية “العائدات” (1972).
وقال المديني إن هذا الكاتب الفرنسي الاستثنائي تبنى في نص “الأمكنة” الصادر بعد وفاته عن دار النشر “سوي” أسلوبا فريدا اختار أن يصف فيه 12 مكانا بطريقة زاوجت بين الكتابة من المعاينة والكتابة من الذاكرة وذلك لمدة تجاوزت عشر سنوات.
وفيما اختار المديني أن يتحدث عن كتابة المكان علاقة بالرواية العربية عموما بعيدا عن أعماله، قارب الروائيان ناصر عراف وكمال العيادي “المكان” انطلاقا من تجربتيهما الشخصية وصلةً بالمعطيات النفسية والاجتماعية التي شحذت تمثلات الأمكنة في أعمالهما.
