“حاضرة الأنوار” تنْقُضُ التزاماتها وتُغرق مراكش في الظلام

لا حديثَ هذه الأيام داخل الشارع المراكشي، إلا عما تصف الساكنة بـ “الفشل الذريع” الذي لحِق شركة “حاضرة الأنوار” التي خيّم عليها الظلام، منذ حصولها على صفقة التدبير المفوض لقطاع الإنارة العمومية بالمدنية الحمراء سنة 2018 على عهد المجلس الجماعي السابق الذي ترأسه محمد العربي بلقايد، عن حزب العدالة والتنمية.
ووفقا لما أكدت مصادر من داخل مجلس جماعة مراكش، لـ”مدار21″، فإن هذه الشركة، التي تم إحداثها في إطار التدبير المفوض، بشراكة بين المجلس الجماعي (61 بالمئة) وشركة “إنيغيتيكا” الإسبانية (39 بالمئة)، تراجعت عن الوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها مع المجلس السابق لجماعة مراكش.
وأضافت مصادر الجريدة، أن هذه الشركة التي كانت تدّعي أثناء عرضها للحصول على الصفقة، أنها ستُحول مدينة مراكش إلى “مدينة الأنوار” في ثلاث سنوات ابتداء من سنة 2018، وأنها تمتلك معدات بمواصفات عالمية وأسطولا من السيارات المجهزة لتقديم خدمة عالية الجودة وتقنيات متطورة، تبيّن بعد حصولها على الصفقة، أن البنود التي التزمت بتطبيقها، مجرد “حبر على ورق، حيث تبخّرت وعودها مع مرور الوقت”.
وبحسب المعطيات التي حصلت عليها الجريدة، فقد كان من بين الأهداف التي سطرها المجلس السابق قبل إحداث هذه الشركة، هو تقليص فاتورة استهلاك الإنارة العمومية، والتي تلهف سنويا ما لا يقل عن 07 ملايير سنتيم. والتزمت هذه الشركة بتقليص هذه الفاتورة في السنة الأولى بحوالي 20 بالمئة، على أن تتقلص في السنة الثالثة إلى حوالي 60 بالمئة، غير أن العكس هو الذي وقع، إذ بعد سنة من عمل هذه الشركة ارتفعت فاتورة الاستهلاك إلى حوالي 08 ملايير سنتيم.
وتشير معطيات الجريدة، إلى أنه تم رصد حوالي 30 مليار سنتيم لمشروع “حاضرة الأنوار”، حيث توصل الشركة بما قدره 03 ملايير سنتيم في سنتها الأولى، في مقابل التزام المجلس بمضاعفة هذا المبلغ بناء على ارتفاع وتيرة اشتغالها وجودة خدماتها، وتحقيق أحد أهم الأهداف التي أسست من أجلها، وهو تقليص فاتورة استهلاك الكهرباء، “وهو الأمر الذي لم فشلت الشركة في تحقيقه، بعد مرور أكثر من أربع سنوات من إحداثها”.
ويأتي لجوء المجلس السابق لإحداث شركة “حاضرة الأنوار”، بعد تراكم الديون واستنزاف قطاع الإنارة العمومية لميزانية الجماعة، حيث قرر هذا الأخير خوصصة هذا القطاع في إطار التدبير المفوض بهدف تقليص النفقات وترشيدها تماشيا مع اتفاقية النجاعة الطاقية تفعيلا للمشروع الملكي “مراكش الحاضرة المتجددة” الذي وقّع سنة 2014. وكان الرهان أن يتم خفض تكلفة استهلاك الإنارة العمومية عن طريق تغيير كل المصابيح ذات إضاءة صفراء إلى مصابيح “ليد” بمعايير ذات جودة عالية غير أن العكس هو الذي حصل حيث ارتفعت التكلفة وغابت الأنوار وجودتها.
وأكدت مصادر الجريدة، أن الشركة غيّرت جُزءا كبيرا من بنود الاتفاقية المبرمة بين الطرفين، ليسهل عليها إمكانية الحصول على قرضٍ بالملايير تحت ضمانة المجلس الجماعي لمدينة مراكش، مشيرة إلى أن المجلس الجماعي منحها كل الإمكانيات المتاحة من مرافق وموظفين، بل تم ضمانها للحصول على قرض بنكي، وذلك بتغيير 10 بنود الاتفاقية النجاعة الطاقية دون تأشير السلطات المختصة حسب المادة 118 من القانون التنظيمي.
هذا، وعملت الشركة، حتى الآن، على تغيير المصابيح الكهربائية القديمة، بأخرى (ليد)، خاصة بمقاطعة مراكش المدينة، وذلك من أجل تقليص نسبة الاستهلاك، غير أن هذه المصابيح الجديدة لا تكاد تضيء حتى محيطها فكيف بشوارع المدينة، التي أصبح يعمها الظلام، وهو ما أثار استياء ساكنة عدد من أحياء المدينة الحمراء، التي تستغرب من استمرار التعاقد مع هذه الشركة التي أغرقت المدينة السياحية في الظلام.
وفي هذا الصدد، سجلت مصادر الجريدة، أن الشركة التي أوهمت المجلس السابق ومن خلال ساكنة مراكش، بأنها ستعتمد على نظام ذكي ومتطور لمراقبة المصابيح المنطفئة، جعلت شوارع المدينة ترزح تحت الظلام بالرغم من تغيير المصابيح.
وأكدت المصادر ذاتها، أن تثبيت هذه المصابيح يجب أن تسبقه دراسة تقنية، وكذا تقليص المسافة بين الأعمدة الكهربائية، مع ضرورة تحديد علو الأعمدة الكهربائية، “وهي الوسيلة الوحيدة التي يمكن معها أن تكون هذه المصابيح ذات فعالية، ودون ذلك فإن عمل الشركة اليوم سيكون هدرا للمال دون نتائج، وستبقى المدينة تعاني من الظلام”.