سياسة

الحركة الشعبية تدعو إلى إصلاح شامل لمعالجة الاحتقان الاجتماعي

الحركة الشعبية تدعو إلى إصلاح شامل لمعالجة الاحتقان الاجتماعي

دعا حزب الحركة الشعبية إلى تقويم بنيوي للسياسات الحكومية لمواجهة الاحتقان الاجتماعي المتزايد، في ظل تصاعد الحراك الشبابي بعدد من مناطق المملكة، محملا الحكومة مسؤولية تفاقم الأوضاع بسبب فشلها في الوفاء بوعودها الانتخابية وغياب النجاعة والحكامة في تدبير الملفات الاجتماعية.

وأضاف المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية بيانا عقب اجتماع طارئ عقد يوم أمس الخميس، برئاسة الأمين العام للحزب، محمد أوزين، خُصص لدراسة مستجدات المرحلة، في ظل الحراك الشبابي الاجتماعي الذي تعرفه العديد من أقاليم المملكة، أن معالجة هذه الاحتقانات الاجتماعية والمجالية المتنامية تستوجب تقويما بنيويا للسياسات الحكومية المتبعة على المستويين المجالي والقطاعي، خاصة في مجالات الصحة، التعليم، التشغيل والسكن، وذلك في إطار حكامة جديدة تضع في صلب أولوياتها حماية القدرة الشرائية للأسر.

وشدد في هذا الصدد على ضرورة استخدام المساحات القانونية المتاحة لتسقيف الأسعار، وتخصيص اعتمادات لدعم الأسر المغربية المتضررة من التضخم وغلاء أسعار المواد الغذائية والخدمات والمحروقات، على غرار الدعم الذي تقدمه الحكومة للعديد من المؤسسات العمومية “سيئة الحكامة”، ولبعض القطاعات والفئات، خاصة في مجالات السياحة والنقل والفلاحة، وذلك “دون دراسة للأثر أو ربط للمسؤولية بالمحاسبة”.

وفي ما يخص قطاع التعليم، اعتبر الحزب أن الأمر يتطلب حكامة جديدة تعيد عقارب إصلاح منظومة التربية والتكوين إلى بوصلته الاستراتيجية، التي انحرفت عنها بسبب “القرارات الحكومية المرتجلة”، مع ضرورة إعادة الطابع العمومي الفعلي لمنظومة الصحة، بما يضمن الإنصاف والعدالة الاجتماعية والمجالية، ورؤية جديدة لإعادة النظر في آليات تنزيل ورش الحماية الاجتماعية باعتباره ورشا ملكيا استراتيجيا.

وفي ما يخص التشغيل، أكد الحزب أن الوضع الحالي يستوجب وجود حكامة حكومية جديدة تقدم بدائل حقيقية ومستدامة، عبر برامج جهوية للتشغيل بدل برامج عابرة مثل “فرصة” و”أوراش”، والتي وصفها بأنها أشبه بدعم اجتماعي غير مباشر، أو عبر خطط تشغيل تُعلن في نهاية الولاية الحكومية لأغراض “انتخابوية” تهدف إلى التهرب من المسؤولية السياسية، في وقت وصلت فيه معدلات البطالة إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ الحكومات المتعاقبة.

وانتقد الحزب ما سماه “بدعة التمويلات المبتكرة” المرتبطة بمؤسسات قطاعي الصحة والتعليم العالي، متسائلا عن أهدافها، مدى نجاعتها، عائداتها، والحيثيات القانونية للعقود المؤطرة لها، بالإضافة إلى الأطراف المستفيدة من بيع أو استئجار الأصول العمومية.

ودعا الحزب إلى ضرورة وجود حكامة حكومية جديدة تؤسس لمخططات جهوية فعالة لتنمية المناطق القروية والجبلية، من خلال سياسة عمومية مندمجة تُوحد عشرات الصناديق والحسابات الخصوصية الموجهة لهذا المجال الاستراتيجي المهمش والمغيب في الأجندة الحكومية الحالية.

وشدد الحزب على ضرورة التحلي بـ”الشجاعة السياسية” لتجفيف منابع الفساد، والانتصار لمبادئ الكفاءة والإنصاف في التعيينات الإدارية القيادية، بدل الاستمرار في “تحزيب الإدارة والمؤسسات العمومية لخدمة أجندات حزبية ضيقة”، وذلك عبر إصلاح شجاع للإدارة العمومية، الموضوعة دستوريا تحت إشراف رئيس الحكومة.

وسجلت الحركة الشعبية تفاعلها الإيجابي مع الحراك الشبابي الذي يحمل طابعا سلميا ومطالب حقوقية واجتماعية مشروعة، لكنها في الوقت نفسه استنكرت أعمال التخريب والفوضى والمس بالممتلكات العامة والخاصة، معتبرة ذلك تشويشا غير مسؤول على الطابع السلمي والحضاري لهذا الحراك الواسع.

وأكد الحزب على ضرورة تلازم الحقوق بالواجبات وخلق تكامل خلاق بين المقاربة الأمنية المشروعة والمقاربة الحقوقية الرصينة، مشيرا إلى أن معالجة هذا الاحتقان تتطلب حلولا عملية وإجراءات ملموسة بدل التسويف والتماطل، الذي لا يؤدي سوى إلى إطالة أمد الأزمة وتعميق تداعياتها.

ورأت الحركة الشعبية أن الحكومة، بأحزابها الثلاثة، تتحمل المسؤولية السياسية الكاملة عن هذا الاحتقان، نتيجة وعودها الانتخابية غير القابلة للتحقق، واختياراتها السياسية غير الناجعة، وحكامتها القطاعية المفتقرة لروح المبادرة والإنصاف الاجتماعي والمجالي، إضافة إلى عجزها المزمن في التواصل منذ تشكيلها، وركونها إلى “وهم الأغلبية العددية” الذي كرس لديها عنادا سياسيا أدى إلى الهيمنة على المستويات المركزية والجهوية والإقليمية والمحلية، وإضعاف الوساطة المؤسساتية وتهميش أدوار المعارضة، والوسائط النقابية والجمعوية والإعلامية، حسب ما جاء في البيان.

واعتبرت الحركة أن الحكومة بقراراتها “غير المدروسة” أوجدت بيئة ملائمة لتنامي البناء العشوائي السياسي وتمدد الاحتجاجات غير المهيكلة، داعية إلى تهدئة الأوضاع وتحويل هذا الحراك الشبابي، كما غيره من الحركات الفئوية والمجالية، إلى حراك مؤسساتي يعيد للوسائط الدستورية نبرتها المؤثرة.

ودعت الفرق والمجموعات البرلمانية، من أغلبية ومعارضة، إلى التفاعل مع مطلبها بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول تداعيات هذا الحراك ودوافعه، والوقوف على أوضاع الصحة والتعليم والتشغيل والسكن، معتبرة أن هذه الخطوة تشكل إشارة نوعية نحو ربط المسؤولية بالمحاسبة وتقييم وتقويم السياسات العمومية في المجالات الاجتماعية الحساسة.

وطالبت الحركة الشعبية بضرورة فتح الإعلام العمومي، بمختلف أشكاله، أمام كل التعبيرات المجتمعية، وعلى رأسها الشباب، داعية إلى تنظيم مناظرة وطنية حول واقع وآفاق المنظومة الصحية، إلى جانب دعوة الحكومة إلى تقديم أجوبة مالية واضحة في قانون المالية لسنة 2026، بشأن المطالب الاجتماعية والمجالية المطروحة.

وشددت على ضرورة التعجيل بإخراج المجلس الأعلى للشباب والعمل الجمعوي إلى حيز الوجود كمؤسسة دستورية تحتضن أصوات مختلف التعابير الشبابية والجمعوية والمجالية ذات البعد المجتمعي، بعد تأخر دام لما يقرب عشر سنوات.

وفي ختام بيانها، دعت الحركة الشعبية رئيس الحكومة إلى المثول أمام البرلمان في جلسة مشتركة لتقديم بيانات حول السياسة الاجتماعية للحكومة، كما دعت الأمناء العامين لأحزاب المعارضة إلى عقد لقاء مشترك لتقديم أجوبة جماعية حول الأوضاع الاجتماعية المحتقنة، وتفعيل الآليات الدستورية المناسبة لذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News