دراسة: 7.7٪ من الأطباء النفسيين المغاربة حاولوا الانتحار

كشفت دراسة حديثة أجريت على الأطباء النفسيين المغاربة أن نسبة 7.7٪ منهم حاولت الانتحار خلال حياتهم المهنية، في مؤشر ينذر بوجود أزمة حقيقية في الصحة النفسية داخل مهنة الطب النفسي بالمغرب.
الدراسة التي أجراها الباحثان محمد باريمي وكوثر المير اعتمدت على استبيان إلكتروني شمل 142 طبيبًا نفسيًا يعملون في القطاعين العام والخاص، وقد أُجري البحث في غشت 2023 باستخدام استمارة مجهولة الهوية على منصة Google Forms.
وأظهرت النتائج أن العوامل الأكثر ارتباطًا بمحاولات الانتحار تشمل السجل الشخصي للاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، وارتفاع مستويات الضغط النفسي المدرك، إضافة إلى استخدام المواد النفسية المؤثرة بما في ذلك التبغ والكحول والمهدئات، وكذلك التاريخ العائلي للأمراض النفسية والانتحار.
وأكدت الدراسة أن هذه الظاهرة لا تؤثر فقط على الأطباء أنفسهم، بل تمتد آثارها إلى محيطهم العائلي والاجتماعي، كما قد تؤثر على جودة الرعاية النفسية المقدمة للمرضى، ما يجعل من هذه القضية مسألة صحة عامة ملحة تستوجب تدخلات عاجلة.
وتشير الإحصاءات إلى أن المغرب يضم نحو 418 طبيبًا نفسيًا فقط، أي بمعدل طبيب واحد لكل 100 ألف نسمة، ما يزيد من صعوبة الوصول إلى دعم نفسي كافٍ لكل المهنيين في هذا القطاع، ويضاعف من الضغط النفسي عليهم.
وقالت الدراسة إن معدلات الانتحار بين الأطباء النفسيين أعلى بشكل كبير مقارنة بعامة السكان، مستشهدة ببعض الدراسات العالمية التي تشير إلى أن معدل الانتحار بينهم يصل إلى 58-65 حالة لكل 100 ألف، مقارنة بـ11 حالة فقط لدى عامة السكان.
وتوصي الدراسة بضرورة وضع برامج دعم نفسي مخصصة للأطباء النفسيين تشمل تحسين ظروف العمل ورفع مستوى الموارد المتاحة، وتوفير دعم نفسي متواصل واستشارات سرية، إلى جانب محاربة وصمة العار المرتبطة بالاضطرابات النفسية داخل المهنة، وتعزيز ثقافة العناية الذاتية والرفاه النفسي بين العاملين في قطاع الصحة النفسية.
وأكد الباحثان أن فهم هذه العوامل يساعد على تصميم برامج وقائية مستهدفة تقلل من خطر محاولات الانتحار وتضمن تقديم رعاية نفسية أفضل للمرضى، مشددين على أن محاولات الانتحار بين الأطباء النفسيين ليست مجرد قضية فردية، بل انعكاس لضغوط العمل المستمرة وسوء التوازن بين الحياة المهنية والشخصية، إضافة إلى نقص الدعم النفسي المؤسسي.
وتمثل هذه الدراسة دعوة للمسؤولين وقطاع الصحة لإيلاء اهتمام أكبر للعاملين في الصحة النفسية، وتوفير بيئة عمل صحية وآمنة تتيح لهم الاستمرار في تقديم الرعاية دون أن يعرضوا حياتهم أو صحتهم للخطر.