ثقافة

الكتب المقرصنة تغزو السوق المغربية وتصيب صناعة الكتاب في مقتل

الكتب المقرصنة تغزو السوق المغربية وتصيب صناعة الكتاب في مقتل

كتب لا يتجاوز سعرها 30 درهماً لأجود الكتاب المغاربة والأجانب، تباع على قارعة الطريق وتجذب إليها الباحثين عن صحبة “خير جليس” بكلفة رحيمة بجيوبهم، فالثقافة كما يراها بعض المثقفين ليست سلعة، وهي مترفّعة عن معايير السوق وقوانين العرض والطلب. لكن هذا التوصيف لا يتحقق في هذا السياق، إذ أن تفشي الكتاب المقرصن يدفع بصناعة الكتاب المغربية، الهشة أصلاً، نحو الهاوية.

بمدينة الدار البيضاء أو الرباط أو فاس، أو حتى في أقاصي المغرب العميق، تكاد لا تخلو منطقة من سوق واحد على الأقل أو عدة أسواق تنتعش فيها تجارة مربحة في الكتب المقرصنة؛ كارلوس زافون، عبد الله العروي، حسن أوريد… نخبة الكتاب العالميين والمغاربة، وعصارة إبداعاتهم وأفكارهم، بأسعار لا تتجاوز 30 درهماً للكتاب، في وقت قد يصل سعر العنوان ذاته بالمكتبات إلى 150 درهما.

واضح إذن أن الكتب المقرصنة تتمتع بتنافسية قوية مقارنة بنظيرتها الأصلية، لكن بأي ثمن؟ فالفرق بين هذه وتلك ليس في مكان العرض، أهو مكتبة أو “فرّاشة” على قارعة الطريق، أو في السعر، بل في طبيعة الكتاب؛ ذلك “أن معروض المكتبات عبارة عن كتب صادرة بموافقة الكاتب، عن دار نشر محترفة تملك حقوق النشر والتوزيع”؛ يؤكد فاعل بالقطاع لصحيفة “مدار21”.

الفرق لا يقف عند هذا الحد؛ وفقا للمتحدث الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فنوعية الورق التي يستخدمها ناشر مُحترف، والمطبعة التي يتعامل معها، وجودة الأغلفة… مُختلفة تماماً عن الكتب المقرصنة ذات الجودة الرديئة “التي لا تحترم القارئ، ذلك أن معظمها قد يتضمن أوراقاً فارغة، أو خطا غير مقروء، وقد تكفي أحيانا لمسة لانفصال الورقة عن الكتاب نظراً لرداءة التسفير”.

لكن المشكلة الأكبر تكمن في أن الكتب المقرصنة باتت تنافس نظيرتها الأصلية باستخدام مُحتوى وأغلفة خاضعة لحقوق النشر والتوزيع، و”بالتالي فهي تضر بمداخيل الناشرين والكتاب على حد سواء، وتدفع بالصناعة الثقافية إلى حافة الهاوية، إذ تُباع على مرأى من السلطات دون حسيب أو رقيب” يواصل المتحدث.

ما أصل المشكلة؟ ومن أين تأتي هذه الكتب المقرصنة؟ عن هذه الأسئلة يجيب مستجوبنا بأنها تدخل السوق المغربية بالأطنان عبر الموانئ، قادمة من بعض الدول العربية وفي مقدمتها مصر؛ “الجمركيون ليس لديهم معرفة بأنواع الكتب، ولذلك فهم يكتفون بمراقبة مدى توافق السلعة الوافدة مع ما جاء في المستندات التي بين أيديهم، ولا يعنيهم أن تكون كتباً أصلية أو مقرصنة”.

لحل هذا المشكل طلب الناشرون من السلطات الجمركية إشراكهم في عملية رصد ومراقبة الحاويات التي تقل الكتب؛ “حدث ذلك مرة واحدة، حيث طلب من بعض الناشرين الحضور لمعاينة شحنة كتب، وتبين بالفعل أنها تحتوي كميات من الكتب المقرصنة، فتمت مصادرتها وحوكم وكيل الشحن وأدين بالسجن”.

لكن هذه الواقعة التي مثلت بارقة أمل للمتخلين في صناعة الكتاب بالمغرب، وعوض أن تتحول إلى طقس روتيني، بقيت فلتة معزولة وفقاً لمصدرنا، الذي أوضح أنه لم يتم منذ ذلك الحين تسجيل أي إجراء مشابه؛ مبرزاً بعض الإكراهات التي تحول دون تفعيله باستمرار؛ “عادة ما تُشحن الكتب المقرصنة خلال فترة المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، جنبا إلى جنب مع الشحنات القانونية المتجهة للمعرض، وهذا يجعل تمييزها أمراً عسيراً للغاية”.

وأضاف أن غياب المعلومة كذلك يجعل وصول هذه الشحنات مباغتا، إذ لا يعلم المعنيون بالأمر إلا وقد غزت الأسواق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News