قانون فرنسي يهدد مستقبل مراكز النداء بالمغرب وينذر بتعميق البطالة

تواجه مراكز النداء في المغرب تهديداً غير مسبوق مع اقتراب دخول قانون فرنسي جديد حيّز التنفيذ صيف 2026، يقضي بحظر التسويق عبر الهاتف دون موافقة مسبقة من المستهلك. هذا القرار، الذي وصفته صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية بالزلزال القادم، يضع عشرات الآلاف من مناصب الشغل في مهب الريح، في بلد يعاني أصلاً من نسب بطالة مرتفعة.
ويُعد قطاع مراكز النداء من أبرز الأنشطة التي دعمت سوق الشغل في المغرب خلال العقدين الأخيرين، حيث يشغّل حوالي 120 ألف شخص بشكل مباشر. غير أن ارتباطه الكبير بالسوق الفرنسية، التي تمثل أزيد من 80% من رقم معاملاته، يجعل منه الأكثر عرضة لتداعيات القانون الجديد.
ويعتمد جزء واسع من هذه المراكز، خصوصاً الصغيرة منها، على التسويق عبر المكالمات الصادرة (démarchage sortant). وفي هذا السياق، يؤكد أيوب سعود، الكاتب العام للفدرالية الوطنية لمراكز النداء بالمغرب، أن “الإغلاق سيكون مصير عدد من المقاولات التي لا تمتلك القدرة على التحول نحو المكالمات الواردة أو تقديم خدمات بديلة”.
بحسب الأرقام الرسمية، يمثل التسويق عبر الهاتف ما بين 15 و20% من نشاط مراكز النداء بالمغرب. لكن النسبة تتضاعف داخل الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد بشكل شبه كلي على هذه الخدمة.
ويضم المغرب نحو 800 مركز نداء مرخّص، إلى جانب مئات الوحدات الأخرى التي تشتغل في القطاع غير المهيكل، غالباً في ظروف هشة ودون عقود عمل أو حماية اجتماعية. وتتركز أغلب هذه البنيات في مدن كبرى مثل الدار البيضاء، مراكش وطنجة، وتشغل عدداً متزايداً من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، ما يضاعف من حدة المخاطر الاجتماعية في حال انهيار هذا النشاط.
وتأتي هذه التطورات في سياق اقتصادي واجتماعي صعب بالمغرب. إذ بلغ معدل البطالة خلال الربع الثاني من عام 2025، بالمملكة 12.8%، ووارتفع معدل البطالة بـ 0.5 نقطة في صفوف الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 25 و34 عامًا، منتقلًا من 21.4% إلى 21.9%، وذلك وفقا لبيانات المندوبية السامية للتخطيط الصادرة بداية غشت الجاري.
ويرى خبراء القطاع أن القانون الفرنسي يفرض على مراكز النداء المغربية إعادة النظر في نماذج أعمالها، والبحث عن بدائل خارج السوق الفرنسية أو تطوير خدمات جديدة مثل الدعم التقني وخدمة ما بعد البيع. غير أن هذه التحولات تحتاج إلى استثمارات ضخمة وقدرة على التكيف لا تتوفر لجميع الفاعلين، خصوصاً في ظل المنافسة الشرسة من بلدان أخرى مثل تونس والسنغال.
وبينما يعتبر هذا القرار في فرنسا خطوة لحماية المستهلك من الإزعاج والإغراق التسويقي، فإنه في المغرب يهدد بخلق أزمة اجتماعية حقيقية، قد تضع الحكومة أمام تحديات جديدة في ملف التشغيل، خاصة للشباب وخريجي الجامعات الذين يشكّلون العمود الفقري لهذا القطاع.