اقتصاد

تجاهل “نارسا” أصل المشكل يفاقم ظاهرة تعديل الدرّاجات النارية

تجاهل “نارسا” أصل المشكل يفاقم ظاهرة تعديل الدرّاجات النارية

لا يبدو أن الحلول التي جادت بها قريحة “نارسا”، للحد من انتشار حوادثِ سيرٍ أبطالها درّاجون ناريون بـ”ماكينات” مُعدّلة، تأخذ في عين الاعتبار المصدر الحقيقي للمشكلة، أو تراعي مصالح مختلف الشرائح المتدخلة في قطاع اقتصادي مستورِد يساهم في مداخيل الدولة.

ومنذ سنوات، تفشت ظاهرة “البريباراسيون” أو التعديل، وهي عمليّة ميكانيكية بسيطة يتم إجراؤها للدراجات النارية لزيادة قوة الأسطوانة، ومن ثمة السرعة؛ التي تصبح مضاهية لسرعة سيارة أو دراجة نارية من النوع الكبير، أي ليس أقل من 100 كلم في الساعة.

غير أنّ المشكلة تكمن في أن الدراجات النارية الكبيرة مُلزَمة بالتوفر على رخصة قيادة، بخلاف ذات الأسطوانات الصغيرة المعفية منها، ذلك أن سرعتها لا تتجاوز في الأساس 50 كلم في الساعة، ما يجعل سياقتها غير خطيرة في المجال الحضري، وتقلل من مخاطر الوفاة حتى في حال وقوع حادثة سير.

وكانت دراسات سابقة بينت أن نسبة عالية من حوادث السير المميتة في الطرق المغربية يذهب ضحيتها الدراجون الناريون، الذي يسيرون بسرعات جنونية لا يفترض أنها تطابق نوعية آلياتهم، وذلك إثر إخضاع الأسطوانة لعملية التعديل سالفة الذكر.

هذا المعطى دفع الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (نارسا) لإقرار عقوبات زجرية في حق من تبيّن إجراؤه أي تعديل على “الماكينة” يزيد من سرعتها، مع تجهيز المكلفين بالمعاينة بجهاز حديث ” speedomètre” للتحقق من السرعة القصوى للدراجة النارية.

وفي التفاصيل؛ إذا كانت السرعة القصوى المعروضة على الجهاز أقل من أو تساوي 50 كلم/س + 7 كلم/س (هامش الخطأ)، تُعتبر الدراجـة النارية الخفيفة مطابقة للقانون. أما إذا كانت السرعة أكبر من أو تساوي 58 كلم/س، فإن الدراجـة النارية الخفيفة تُعتبر غير مطابقة، ويُعد ذلك تغييراً في خصائصها التقنية.

ويصنف هذا الفعل كجُنحة، طبقاً لمقتضيات القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير على الطرق؛ غير أن مهنيين في مجال تجارة الدراجات النارية يرون أن هذه التدابير رامت “الزجر” وليس “الحل”، كما أنها لم تُراعِ مصالح المهنيين والتجار، ومن شأنها الإضرار بنشاطهم.

وأكد مسؤول بسوق الدراجات بمدينة مراكش، في تصريح لصحيفة “مدار21″، أن أزمة تعديل الأسطوانات تحتاج للعلاج “على أعلى مستوى في سلسلة القيمة”، ويتعلق الأمر خصوصاً بالمستوردين؛ حيث أن الكثير منهم يستورد دراجات نارية، صينية على وجه الخصوص، مُعدّلة من المصنع.

وتابع بأن هذه الدراجات المُعدلة تُباع في السوق الوطنية في غفلة من التجار، وحتى من الزبناء، وحين يتم ضبطها على الطريق تُحمّل المسؤولية للزبون والتاجر، في وقت كان من المفروض اتخاذ إجراءات احترازية منذ لحظة الاستيراد.

وأوضح أنّ تواتر هذا النوع من المشاكل دفع العديد من الزبناء إلى الإحجام عن اقتناء أنواع من الدراجات النارية مخافة التعرض لمساءلة قانونية مباغتة، وهو ما يُكبد التجار بدورهم خسائر جسيمة.

ومن جهة المستهلكين، فعلاوة على جهل عدد منهم باقتنائه دراجة نارية معدّلة، بل حتى بالقوانين المتعلقة بها، يشتكي الكثيرون، خاصة بالمناطق الجبلية الوعرة، من أنّ ما يضطرهم لتعديل الأسطوانات هو عجز بعض الماكينات عن تحمل المسارات الصاعدة في الجبال والتلال التي يترددون عليها إما للتجارة أو العمل.

غير أنّ مراقبين يربطون الظاهرة كذلك بانتشار مهن جديدة، من قبيل خدمات التوصيل بواسطة الدراجات النارية، وارتباط مداخيل عملاء التوصيل بكمية التوصيلات، وبالتالي سرعة تنفيذها، ما يدفعهم لتعديل أسطوانات دراجاتهم النارية بحثاً عن زيادة فعاليتها ومردودهم ومن ثمّ مداخيلهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News