تُؤخِّر إعلان الوفيات لرفع الفواتير.. اختلالات المصحات الخاصة تستعجل التقنين

تحول القطاع الصحي إلى “دجاجة تبيض ذهباً”، وقطاع مغر بالنسبة للمُستثمرين الخواص منذ إقرار المغرب تعميم التأمين الإجباري على المرض، وميثاق الاستثمار، الذي يروم الارتقاء بالاستثمارات الخاصة إلى ثلثي الاستثمار الوطني. غير أن اختلالات كبيرة، تحت تأثير الفراغ التنظيمي والقانوني، مازالت تشوب عمل المصحات الخاصة وتفاقم التوتر القائم بينها وبين المستهلكين.
وما زالت ثقة المستهلكين المغاربة في القطاع الصحي الخاص مهزوزة؛ لا يضمن استمرارها سوى تردي بعض الخدمات الصحية في القطاع العام الذي يفرض على المستهلك التوجه للخواص بغية التصدي لمرض خطير يتطلب علاجات مستعجلة، ليصطدم هناك بعيوب أخرى تعمق أزمة الثقة بين الطرفين.
وكانت دراسة حديثة حذرت من أن 68 في المئة من زبناء المصحات الخاصة بالمغرب غير راضين عن الخدمات التي تقدمها الأخيرة، مشيرة إلى أن القطاع الصحي الخاص سجل نتيجة من بين الأكثر تدنياً من بين قطاعات عديدة شملتها دراسات مماثلة.
وأكدت الدراسة التي أجراها مكتب دراسات “Affinytix”، أن مؤشر تجربة الزبناء مع القطاع لم يتجاوز 18.3/100، وهي أدنى درجة من بين القطاعات التي درستها المؤسسة ذاتها، مما يعكس تجربة عملاء متدهورة.
وفي هذا الصدد، عددّ الخبير الاقتصادي، يونس أيت حمادوش، اختلالات كبرى في العيادات الخاصة بالمغرب تتطلّب في تصوره تقنيناً عاجلاً؛ مشيراً بالدرجة الأولى إلى ممارسات الضمان غير قانونية المتعلقة بالعمليات الجراحية.
وأوضح أن “بعض العيادات تفرض شيكات ضمان أو أداءً فورياً لأي تدخل مستعجل، حتى عندما ينص القانون على التكفّل عبر التغطية الاجتماعية أو التأمين. وهذا الأمر يعرّض حياة المرضى في وضعية حرجة للخطر”.
وبالإضافة إلى ذلك، لفت الأستاذ بجامعة بن طفيل بالقنيطرة، إلى التأخيرات التي تم رصدها في الخروج من الإنعاش؛ بحيث “يظل المرضى أحياناً عالقين في وحدات الإنعاش رغم استقرار حالتهم سريرياً. وهذه التأخيرات قد تؤدي إلى تكاليف إضافية غير مبررة وإلى اكتظاظ في المصالح الحرجة”.
الأكثر من ذلك، يضيف أيت حمادوش، هي الوفيات غير مصرح بها أو التي يتم تأخير التصريح بها لزيادة قيمة الفاتورة؛ “في بعض الحالات لا يتم التصريح الفوري بوفاة المرضى من أجل إطالة بقائهم صوريّا في العناية المركزة وبالتالي زيادة مبلغ الفاتورة”. محذراً من أن هذه الممارسة “غير مقبولة أخلاقياً وتشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق المرضى”.
وعلاوة على ذلك، يعرف القطاع انتشار أسعار غير منظّمة، مع الرعاية الصحية الإضافية الغير متوقعة؛ “تكاليف العلاج غالباً غير موحّدة، وبعض الخدمات الإضافية (تحاليل، أدوية، تدخلات) لا يمكن ضبطها أو توقعها مسبقاً، مما يضع المرضى في مآزق مالية”.
وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن القطاع الصحي الخاص بات يحتاج بشكل مستعجل إلى تقنين صارم يروم شفافية الأسعار، ويشمل ضمان التكفّل القانوني، وإجراءات الخروج من الإنعاش، والمتابعة الحقيقية للمرضى، بغية “حماية المواطنين وتحسين جودة الخدمات الطبية الخاصة في المغرب”.