المبادرات البيئية تُكبِّلها البيروقراطية بالمغرب وتوصيات بإصلاح جذري

أكد تقرير حديث للمعهد المغربي لتحليل السياسات MIPA حول واقع عمل منظمات المجتمع المدني البيئي في المغرب، أن البيئة القانونية والبيروقراطية التي تعمل فيها هذه المنظمات ما تزال تمثل أحد أبرز التحديات.
وأشار إلى أنه رغم اعتراف القانون المغربي بدور هذه المنظمات في الحكامة، إلا أن القيود الإدارية، وصعوبات التمويل، والقيود على بناء التحالفات، تحد من استقلاليتها وقدرتها على العمل بفعالية، معتبرا أن تطبيق اللامركزية ما زال غير متناسق، ما يحرم العديد من المجموعات الجهوية من الدعم المؤسسي اللازم.
ولفت التقرير إلى أن اعتماد معظم المنظمات على منح قصيرة الأمد من مانحين دوليين يصعب عليها التخطيط بعيد المدى. كما أن آليات التمويل البديلة، كالشراكات بين القطاعين العام والخاص وجمع التبرعات المحلية، غير متطورة بما يكفي لضمان الاستدامة المالية (المعهد المغربي لتحليل السياسات، 2025).
وعلى الرغم من هذه التحديات، أبرز التقرير العديد من المبادرات المحلية الناجحة، مثل مبادرة المرجة الزرقاء، وقضية مقبرة الكلاب بطنجة، وحركة المياه في فكيك، ومبادرات الزراعة المستدامة في زاكورة، وبرامج الحفاظ على الواحات العابرة للحدود في طاطا، والتي تعكس إبداع وصمود المجتمع المدني البيئي المغربي (المعهد المغربي لتحليل السياسات، 2025).
وشدد التقرير على أهمية وضع أطر قانونية خاصة للمناطق الجبلية والواحات، مع إدماج المعارف المحلية في إعداد السياسات وتنفيذها. كما دعا إلى تطوير آليات قانونية تمكّن من بناء تحالفات بين الفاعلين المنتخبين وغير المنتخبين، بدلاً من الاعتماد على منتديات غير ملزمة قانونياً.
وأوصى التقرير بتبني مصادر تمويل مبتكرة مثل التمويل الجماعي والإقراض المباشر بين الأفراد ورسوم العضوية، إلى جانب توسيع الشراكات المالية، مؤكدا أهمية توسيع التدريب على جمع التبرعات لمساعدة المنظمات على ضمان استدامة مواردها.
ويشير التقرير إلى أن تحسين التنسيق بين المنظمات الحضرية والقروية، وتوسيع التجارب الناجحة مثل التحالف المغربي للمناخ والتنمية المستدامة (AMCDD)، يمكن أن يعزز من تأثير المجتمع المدني في صياغة السياسات البيئية.
وشدد التقرير على ضرورة الاستثمار في تدريب منظمات المجتمع المدني على الحكامة البيئية، الترافع القانوني، واستخدام الأدوات الرقمية. كما يشدد على أهمية توسيع الوصول إلى بيانات الرصد البيئي، وتطوير قواعد بيانات تشاركية تسهل الحصول على المعلومات.
وخلص إلى أن المجتمع المدني البيئي المغربي يقف عند مفترق طرق حاسم. “فالتحديات البيئية الكبرى تتطلب دورًا أكثر فاعلية لهذه المنظمات في اقتراح السياسات ومتابعة تطبيقها، مع دعم حكومي يرسخ آليات تشاركية ديمقراطية لتقييم الأثر والاستدامة”.