اليد الممدودة للجزائر.. نضج سياسي مغربي وأمل في اتحاد مغاربي قوي

بمناسبة عيد العرش، جدد الملك محمد السادس التأكيد على التزام المغرب الثابت بالانفتاح على محيطه الجهوي، مع إعطاء أولوية خاصة للعلاقات مع الجزائر.
وأبرز الملك في خطابه عمق الروابط التاريخية والثقافية والإنسانية التي تجمع الشعبين المغربي والجزائري، مؤكداً أن موقف المغرب واضح وثابت في مد اليد للحوار الصريح والمسؤول.
في ذات السياق، شدد العاهل المغربي على أهمية الاتحاد المغاربي باعتباره إطاراً أساسياً لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة، مؤكداً أن استمراره مرتبط بانخراط فعلي للمغرب والجزائر، إضافة إلى باقي الدول الشقيقة.
الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عبد العالي سرحان، قال إن الدعوة الملكية للحوار مع الجزائر واستعداد المغرب لتجاوز الخلافات تجسد موقع المغرب كقوة في مسألة الصحراء، معتبراً أن هذا الموقف يؤكد شرعية ومصداقية دعم المجتمع الدولي لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة.
وأضاف سرحان أن هذا الدعم الدولي يعكس تقديراً للرؤية الواقعية التي ينتهجها المغرب من أجل الحل السلمي والنهائي لهذا النزاع، مما يعزز من مركزية المغرب في الساحة الإقليمية والدولية.
وأضاف سرحان أن خطاب الملك محمد السادس يعكس رؤية استراتيجية ناضجة تقوم على إدراك أن الاستقرار والتنمية في المغرب الكبير لا يمكن تحقيقها بمعزل عن بناء جسور تواصل حقيقية مع الجيران.
وأكد أن الانفتاح على الجزائر ليس مجرد خطوة دبلوماسية لتحسين العلاقات الثنائية، بل هو مقاربة طويلة الأمد تهدف إلى ترسيخ السلام والتنمية المستدامة في منطقة تعاني من توترات متواصلة، مما يعكس نضجًا في السياسة الخارجية المغربية ومكانة المغرب كفاعل مسؤول يسعى لخدمة مصالح الشعوب المغاربية.
واعتبر الباحث في تصريح لجريدة “مدار21” الإاكترونية، أن الخطاب الملكي يبرز أهمية الارتكاز على الروابط الإنسانية والثقافية العميقة بين الشعبين المغربي والجزائري، مشيراً إلى أن المغرب يستند في سياسته إلى أواصر اللغة والدين والتاريخ والجغرافيا المشتركة.
وشدد على أن هذا الاعتراف يفتح آفاقًا جديدة لتقارب مستقبلي يتجاوز الاتفاقات الرسمية ويعزز الثقة بين الشعوب، ما يشكل أرضية صلبة لإعادة بناء علاقات أخوية متينة بين البلدين.
وقال سرحان إن اليد الممدودة التي عبر عنها الملك محمد السادس تمثل رسالة سلام وأمل، تعكس استعداد المغرب للحوار الصريح والمسؤول الذي يستند إلى الصراحة والشفافية.
وأردف أن هذا الموقف الدبلوماسي لا يعد مجرد مبادرة لحل الخلافات، بل يؤسس لبيئة إقليمية مستقرة تسمح بتعزيز التعاون في مجالات الأمن والتنمية، ويؤكد دور المغرب كقوة معتدلة تسعى لبناء منظومة تعاون مغاربية فاعلة.
وأكد الباحث أن التمسك المغربي بالاتحاد المغاربي يعكس رؤية متقدمة تؤمن بأن التقدم الحقيقي يتطلب عملاً جماعياً مشتركاً بين الدول المغاربية، وأن مستقبل المغرب يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمصير جيرانه.
وأشار إلى أن هذه الرؤية الشاملة تعزز مكانة المغرب كفاعل إقليمي يسعى إلى دمج الجهود من أجل التنمية المستدامة والاستقرار السياسي في المنطقة.