جالية

تقرير رسمي: 81% من خطاب الكراهية الرقمي بإسبانيا موجه لسكان شمال إفريقيا

تقرير رسمي: 81% من خطاب الكراهية الرقمي بإسبانيا موجه لسكان شمال إفريقيا

تتزايد مؤشرات القلق في الأوساط الحقوقية والإعلامية بإسبانيا، بعد الكشف عن موجة تصاعدية من خطاب الكراهية تستهدف بشكل خاص المواطنين المنحدرين من دول شمال إفريقيا، وفي مقدمتهم المغاربة.

ففي ظرف شهر واحد فقط، بلغت نسبة المنشورات المعادية لسكان المنطقة 81% من إجمالي المحتويات المُبلّغ عنها ضمن خطاب الكراهية، مسجلة ارتفاعًا حادًا مقارنة بـ69% خلال شهر ماي، حسب ما أورده المرصد الإسباني للعنصرية وكراهية الأجانب.

هذه الأرقام المقلقة تزامنت مع أحداث مشحونة مثل الشغب الذي أعقب نهائي دوري أبطال أوروبا، وتوقيف شرطي على خلفية وفاة مواطن مغاربي في ضاحية “توريخون” قرب مدريد، وهي وقائع تحولت إلى ذريعة لتأجيج موجات العداء الرقمي ضد المهاجرين المنحدرين من شمال القارة الإفريقية.

وفي تعليقها على هذه المعطيات، أكدت وزيرة الإدماج والضمان الاجتماعي والهجرة، إلما سايث، أن “تجريد الأشخاص من إنسانيتهم والدعوة لطردهم والترويج لصورتهم كمصدر للخطر هو أمر غير مقبول في مجتمع ديمقراطي كإسبانيا”، مشيرة إلى أن فئة المهاجرين المغاربيين أصبحت “الهدف الأول للعداء الرقمي خلال النصف الأول من سنة 2025”.

بحسب التقرير الرسمي الصادر عن الوزارة، فإن نظام الذكاء الاصطناعي FARO رصد خلال شهر يونيو أكثر من 54 ألف منشور يتضمن خطاب كراهية على مختلف منصات التواصل الاجتماعي. وتُظهر البيانات أن 56% من هذه المحتويات تنزع الطابع الإنساني عن المستهدفين، و22% تربطهم زورًا بانعدام الأمن، فيما تحرض 14% بشكل مباشر على طردهم.

وتشير نفس المعطيات إلى أن 95% من المنشورات العدائية موجهة إلى الرجال المهاجرين، باستعمال لغة عدوانية صريحة في 89% منها، فضلًا عن توظيف رموز مشفرة وصور ومقاطع تم تعديلها بالذكاء الاصطناعي، في محاولة لتجاوز خوارزميات الرقابة.

رغم حجم هذه الظاهرة، لم تتجاوز نسبة المحتوى الذي حُذف من قبل المنصات الاجتماعية سوى 29% من مجموع ما تم التبليغ عنه. وتفاوتت درجة الاستجابة من منصة لأخرى: فقد حذفت “تيك توك” 92% من المنشورات المبلغ عنها، مقابل 40% في “فيسبوك”، و23% فقط في “إنستغرام”، بينما لم تتجاوز نسب الحذف في “يوتيوب” و”إكس” (تويتر سابقًا) 5% و9% على التوالي.

كما سجل التقرير ضعفًا واضحًا في سرعة التفاعل، إذ لم يُحذف سوى 2% من المحتويات خلال 48 ساعة، مما يطرح تساؤلات حول فعالية آليات المراقبة الذاتية التي تعتمدها هذه الشركات.

الوزيرة إلما سايث شددت على أن التعامل مع هذه الظاهرة لا يجب أن يظل رهين الحظ أو المبادرات الفردية، بل يتطلب، حسب قولها، “انخراطًا جماعيًا ومسؤولًا من جميع الفاعلين، وفي مقدمتهم شركات التكنولوجيا، لحماية السلم الاجتماعي ومناهضة الكراهية المنظمة”.

كما دعت إلى تعزيز التعاون مع المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية لمواجهة هذا الخطر الرقمي الذي وصفته بـ”الهيكلي والمتصاعد”، مؤكدة أن الحكومة الإسبانية ستواصل المراقبة، والتبليغ، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

تقرير يونيو 2025 لم يكن سوى حلقة جديدة في منحى تصاعدي، إذ أظهرت الأشهر الأخيرة أن خطاب الكراهية على الإنترنت لم يزدد فقط من حيث الحجم، بل أصبح أكثر عنفًا وتعقيدًا في تقنياته. وتحوّل الأشخاص المنحدرون من شمال إفريقيا إلى الهدف الأول للخطاب العنصري والإقصائي، في وقت تراجعت فيه نسبيًا الهجمات الموجهة ضد القاصرين غير المرافقين أو المسلمين، دون أن يعني ذلك تحسنًا في مناخ النقاش الرقمي.

وقد رُصد تطور ملحوظ في أشكال المحتوى العنصري، حيث تُوظف الصور الرمزية والرموز المشفرة والتقنيات الحديثة كوسائل لإخفاء الرسائل العنصرية عن أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعتمدها المنصات.

وفي ظل هذا الوضع، لا تزال العديد من الأصوات، داخل إسبانيا وخارجها، تطالب بوضع حد لهذا الانفلات الرقمي الذي يُهدد التماسك المجتمعي، ويدفع بثقافة التمييز والكراهية إلى الواجهة تحت غطاء “حرية التعبير”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News