مجتمع

سحر وإضرام نيران.. “عاشوراء” تطلق عنان “تمرد مقنّع”

سحر وإضرام نيران.. “عاشوراء” تطلق عنان “تمرد مقنّع”

تزامنا مع ما شهده المغرب خلال هذه الأيام من احتفالات بقدوم مناسبة “عاشوراء”، تجدد الجدل بشأن ما يصحب هذه المناسبة من طقوس سلبية، وعلى رأسها اللجوء إلى السحر والشعوذة من طرف شريحة معينة، لاسيما في أوساط النساء والفتيات.

ومن جهة أخرى، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو كثيرة لشباب وأطفال ومراهقين عمدوا إلى إضرام النيران في عجلات السيارات وأغلقوا طرقا إضافة إلى استعمالهم بشكل مكثف للمفرقعات، ما اضطر السلطات العمومية للتدخل بالقوة في عدد من الأحياء الشعبية لاستعادة الهدوء.

وتشهد الأسواق الشعبية خلال هذه المناسبة ارتفاع الإقبال على مواد ترتبط بطقوس “جلب الحظ” أو “فك النحس”، مثل الشبة، والحناء، والعظام، والكحل البلدي، وغيرها من المواد التي يستخدمها بعض المشعوذين في وصفات يروجون لها باعتبارها مجرّبة وفعالة، ما يدُل على سطوة هذه الطقوس.

الطلب المتزايد على هذه المواد من طرف نساء يبحثن عن حلول سحرية لمشاكل اجتماعية أو عائلية، يطرح أسئلة حول أسباب هذا الإقبال وجذوره النفسية والاجتماعية، كما يسائل الوعي المجتمعي المتسامح مع هذه الطقوس.

وبينما يرى البعض أن هذه الطقوس تعبير عن جهل متجذر لدى فئات مهمة، إضافة إلى ما يمكن أن يصحبها من أضرار صحية، قد تتطور إلى إلحاق أذى بالطرف المستهدف، يرى آخرون بالمقابل أنها من وسائل التعبير الرمزي عن التمرد ضد هيمنة المجتمع الذكوري.

وفي هذا السياق، أكد زكرياء أكضيض، أستاذ علم الاجتماع، في تصريح لجريدة “مدار21″، أن “الممارسات السحرية لا يمكن ربطها فقط باحتفاليات عاشوراء، بل هي ممتدة في الزمن”، مسجلا أن مناسبة “عاشوراء” تعرف إقبالا على هذه الممارسات، إذ يتم تكثيفها وتتخذ بعدا آخر.

وأضاف الباحث السوسيولوجي: “إننا في مجتمع ذكوري لا يفتح مساحات لحرية تصرف النساء وحرية تصرف صغار السن، لأنه مجتمع يتحكم فيه الكبار بدرجة أولى”، مستنتجا أن “ما يجري في عاشوراء، من الناحية الرمزية، هو محاولة من هؤلاء المهمشين في المجتمعات الذكورية للتمرد على سلطة هذا المجتمع”.

وأشار أكضيض إلى أن “النساء يتحركن إلى المقابر أفواجا حيث تجري ممارسات سحرية”، مبرزا أن “كل ما يتم القيام به من طرف المرأة في عاشوراء لا يمكن أن نفهمه إلا في إطار علاقة المرأة بالرجل في المجتمع الذكوري”.

وأكد المتحدث نفسه بأن “المرأة تريد أن تقول بأن زمن عاشوراء هو زمن تمردها، هو زمن استعادة سلطتها، وهذا ما يحضر على مستوى الأهازيج التي يتم ترديدها خلال هذه المناسبة، من قبيل “الولاد سيرو فحالكم، عاشوراء ماشي ديالكم”.

وأردف أكضيض بأن “هاته الأهازيج تبرز رغبة النساء من خلال الاحتفال بعاشوراء على المستوى الرمزي في خلق مساحة لاستعادة السلطة المفقودة في المجتمع الذكوري عبر مستويات متعددة كالممارسات السحرية والشعوذة”.

ولفت السوسيولوجي عينه الانتباه إلى أن “الشباب بدورهم يجدون أنفسهم في موقع هامشي في المجتمع الذكوري”، ملاحظا أن ممارسات الشباب والمراهقين في عاشوراء “تريد أن تتمرد على السلطة وعلى مؤسسات الدولة”.

وأشار أكضيض إلى أن “الممارسات التي تحدث على مستوى الأحياء الشعبية، من إشعال النار، المفرقعات، كلها أشكال تبرز نوعا من التمرد ومحاولة لإخراج هؤلاء الفئات المهمشة من هامشيتها في المجتمع الذكوري”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News