اقتصاد

سيارات الصين تغزو المغرب.. نعمة للمستهلكين أم نِقمة للصناعة المحلية؟

سيارات الصين تغزو المغرب.. نعمة للمستهلكين أم نِقمة للصناعة المحلية؟

كشفت أحدث إحصائيات الجمعية المغربية لمستوردي السيارات عن أرقام بارزة تتعلق باختراق سوق السيارات المغربية من قبل العلامات الصينية، بحيث ضاعفت 3 منها حصصها في السوق بنسب وصلت 700 بالمئة. وإذا كان هذا الاختراق يصب في مصلحة المستهلكين المغاربة ويضع رهن إشارتهم سيارات “فاخرة” بأثمنة مناسبة، وفقا لخبراء، فآخرون ينبهون لمخاطر ذلك على صناعة السيارات المغربية الناشئة.

وفي التفاصيل؛ أظهرت العلامات التجارية الصينية نمواً كبيراً في مبيعاتها، وإن كانت ما تزال حصصها في السوق متواضعة، غير أنها نجحت في غضون عام واحد في تحقيق اختراق قوي للسوق، بداية بعلامة “CHANGAN”، التي تمكنت من بيع 228 مركبة خلال شهر ماي الماضي فحسب، بحصة سوقية بلغت 1.14 في المئة.

كما أفلحت شركة “BYD”، في رفع مبيعاتها إلى 179 وحدة (بحصة سوقية قدرها 0.9 في المئة) مقارنة بـ 22 وحدة فقط خلال شهر ماي من سنة 2024، متبوعة بعلامة “GEELY”، التي ارتفعت مبيعاتها من 43 إلى 151 وحدة في ماي 2025 (بحصة سوقية قدرها 0.76 في المئة).

وفي هذا الصدد اعتبر رئيس مركز التفكير (Think Tank) المغربي “أوميغا”، سمير شوقي، أن العلامات التجارية الصينية شرعت في ترسيخ مكانتها في السوق المغربية وذلك بفضل تصميمها المبتكر، ولاسيما بفضل جودتها المرتفعة مقارنة بسعرها.

وقال الخبير إن شركة BYD ببيعها 179 وحدة في ماي 2025 (مقارنةً بـ 22 وحدة في ماي 2024)، قد حققت نموا قدره 713 في المئة.

وعلى الرغم من أن الأرقام وحصص السوق ما تزالان متواضعتين بالنسبة للعلامات الصينية بالسوق المغربية، فقد اعتبر شوقي أن “على المنافسين توخي الحذر، لا سيما مع استمرار ارتفاع أسعار السيارات منذ جائحة كوفيد-19، فاليوم مع هذه العلامات الصينية، أصبحت السيارات الفاخرة في متناول الجميع”.

من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي، ادريس الفينة، أنه في ظرف زمني لا يتجاوز ثلاث سنوات، انتقلت السيارات الصينية من موقع هامشي في السوق المغربية إلى موقع مهيمن، مزاحمة بذلك كبرى العلامات الأوروبية والآسيوية، التي طالما تربعت على عرش المبيعات.

وعزا رئيس المركز المستقل للدراسات الاستراتيجية هذا الصعود السريع ليس فقط إلى انخفاض السعر، بل في المعادلة الثلاثية التي باتت الصين تتقنها بامتياز؛ “السعر التنافسي + الجودة الصناعية المقبولة + المحتوى التكنولوجي المرتفع”، بحيث باتت السيارات الصينية مجهزة بأنظمة ذكية، وشاشات رقمية، ومحركات كهربائية متقدمة، تُقدم بسعر يقل بنسبة تصل إلى 30-40 في المئة عن مثيلاتها الأوروبية أو الكورية.

لكن هذا التحول يطرح، بالنسبة للفينة إشكالية مركزية حول ما إذا كان المغرب جاهز فعلاً لهذا النوع من المنافسة؛ معتبرا أن من بين أبرز التداعيات التي بدأت تلوح في الأفق تباطؤ مبيعات السيارات المركبة محلياً.

“شهدت الشركات التي تنشط في تركيب السيارات بالمغرب، مثل Renault Tanger Med وStellantis Kénitra، تباطؤاً في وتيرة التصدير خلال الربع الأول من 2025 بنسبة ناقص 5.2 في المئة مقارنة بنفس الفترة من 2024. “يعزى ذلك جزئياً إلى تراجع الطلب في أوروبا وظهور منافسة شرسة من الصين في أسواق التصدير التقليدية”.

كما سبب هذا التطور عجزا تجاريا متزايدا في قطاع السيارات؛ إذ على الرغم من أن قطاع السيارات يبقى الأول من حيث الصادرات المغربية (بقيمة تقارب 49 مليار درهم في الأشهر الأربعة الأولى من 2025)، فإن الواردات الصينية في نفس القطاع بلغت 11.7 مليار درهم، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 58 في المئة، مما يكرّس اختلالاً تجارياً هيكلياً.

كما نبه الفينة إلى ضعف الارتباط الصناعي مع المورد الصيني؛ “بعكس الشراكات الأوروبية التي ترافقها عادة نقل تكنولوجيا ومناولة محلية، فإن السيارات الصينية تصل مكتملة التصنيع، دون أي مساهمة فعلية للنسيج الصناعي المغربي أو خلق فرص عمل محلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News