أطروحة دكتوراه ترصد أزمة كورونا وزلزال الحوز

ناقش الباحث عبد السلام لعريفي، برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، أطروحة دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، تحت عنوان: “إدارة الأزمات والكوارث بالمغرب بين التحديات والآفاق: دراسة في إدارة أزمة كوفيد-19 وكارثة زلزال الحوز نموذجا”، بإشراف رشيد بنعياش، أستاذ التعليم العالي بذات الكلية، وتوجت بمنح الباحث ميزة مشرف جدا.
وفي عرض موجز قدمه الباحث أمام اللجنة العلمية، شدد على أن الأزمات والكوارث باتت تشكل تهديدا متناميا لاستقرار المجتمعات، نظرا لما تحدثه من تحولات فجائية وجوهرية، سواء على المستويات الاقتصادية أو الاجتماعية أو النفسية.

وتطرق إلى الطبيعة المتعددة لهذه الأزمات، والتي قد تكون طبيعية على غرار الزلازل والفيضانات، أو ناتجة عن تدخلات بشرية كالحروب والأوبئة، مؤكدا أن هذه الأحداث تتطلب استجابة سريعة ومبنية على رؤية استراتيجية شاملة.
واعتمدت الأطروحة على أزمتين مفصليتين في التاريخ الحديث للمغرب هما جائحة كوفيد-19، التي هزت العالم بأسره، وزلزال الحوز الذي ضرب منطقة الأطلس الكبير في 8 شتنبر 2023، وتسبب في خسائر بشرية ومادية جسيمة.
وبالنسبة لأزمة كوفيد-19، أبرز عبد السلام لعريفي كيف أن المغرب سارع إلى اتخاذ إجراءات وقائية صارمة شملت الحجر الصحي، وإغلاق الحدود، وحملات التلقيح، والدعم الاجتماعي للفئات الهشة، إلا أن التجربة كشفت أيضا عن اختلالات واضحة، خاصة في جوانب التنسيق بين الفاعلين، والاستعداد المسبق، والنقص في التجهيزات الصحية.

أما فيما يخص كارثة زلزال الحوز، فقد بين الباحث أن صعوبة التضاريس، وهشاشة البنية التحتية في المناطق المتضررة، شكلت تحديا كبيرا أمام فعالية التدخلات، رغم المبادرات القوية التي أطلقتها الدولة، وعلى رأسها برنامج إعادة الإعمار وإنشاء وكالة تنمية الأطلس الكبير.
وتوزعت الأطروحة على قسمين رئيسيين، تناول الأول الجوانب النظرية والتنظيمية والمؤسساتية لإدارة الأزمات والكوارث، حيث ناقش المفاهيم، والمراحل، والإطار القانوني والمؤسساتي المغربي.
أما القسم الثاني، فكان دراسة ميدانية تحليلية لتجربتي كوفيد-19 وزلزال الحوز، متناولا استراتيجيات التدبير، أدوار الفاعلين الرسميين وغير الرسميين، والاختلالات التي طفت على السطح خلال مراحل الطوارئ.
وعالجت الأطروحة إشكالية جوهرية مفادها: “إلى أي حد كانت الاستراتيجية الوطنية لإدارة الأزمات والكوارث فعالة وكفؤة في مواجهة أزمتي كوفيد-19 وزلزال الحوز؟”.

وخلص البحث إلى جملة من الاستنتاجات على رأسها أن المغرب أبان عن جاهزية نسبية في التعاطي مع جائحة كوفيد-19، لكن الحاجة إلى تعزيز التشريعات والقدرات التنسيقية ظلت قائمة، كما كشف زلزال الحوز عن ثغرات هيكلية في البنية التحتية ونظم الإنذار المبكر، رغم المبادرات الملكية السريعة التي خففت من حدة الكارثة، وأكد أن النموذج المغربي في تدبير الأزمات يتطلب إصلاحا شموليا، يتعدى اللحظة الظرفية نحو بناء منظومة دائمة وفعالة.
ومن التوصيات التي قدمها الباحث تعزيز التنسيق بين المتدخلين، وإصلاح المنظومة القانونية والتنظيمية، وتقوية القدرات المؤسساتية للمجتمع المدني والإعلام، والاستثمار في التكنولوجيا ونظم الإنذار المبكر، وتوسيع الشراكات الدولية، وتحديث البنية التحتية وتعزيز مرونتها، إلى جانب تطوير برامج التوعية والتثقيف المجتمعي.