الدرويش يكشف خبايا الاتجار بشهادات الجامعات ويحذر من التزوير والانحراف

تعليقا على متابعة أستاذ جامعي والذي يوجد موضوع البحث والاعتقال الاحتياطي في ملف الاتجار في الدبلومات، كشف رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، محمد الدرويش، أن “هذه الأحداث والأفعال مسيئة لمهنة الأستاذية ومسيئة إلى صورة المملكة المغربية على المستوى الإقليمي والجهوي والدولي”.
وقال الدرويش في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية: “الأمر في نظري مؤلم جداً بسبب تصرفات طائشة للبعض القليل من الإداريين أو الأساتذة”، مضيفا “لكن فعلتهم هذه تغطي على الأغلبية المطلقة للأساتذة والأطر الإدارية التي تشتغل بحس وطني وبأخلاق عالية خدمةً للرسالة النبيلة للتعليم العالي ببلادنا”.
وأكد أن “هؤلاء يشكلون القدوة الصالحة والمثلى لطلابنا وطالباتنا ومسؤولينا، وهؤلاء يضحون بوقتهم أكثر من المطلوب، وأحياناً بأموالهم حين يقدمون على مساعدة بعض الطلاب، وفي البحث العلمي حين تعوزهم الإمكانات التي توفرها الجامعات والمؤسسات والمساطر المطبقة وغير ذلك مما يشكل عقبات في العمليات البيداغوجية والبحثية والتأطيرية”.
وسجل أن هذه الانحرافات تؤثر على صورة الجامعة وتسبب في انهيار أخلاقي بين مكونات التعليم العالي والمجتمع، وأن التزوير في الشواهد له آثار وخيمة على مهن أخرى بمجرد اعتمادها في التوظيف الجديد أو الترقية في الوظائف، ويشكل خطراً حقيقياً على هذه المهن، “إذ فاقد الشيء لا يعطيه طبعاً، لذلك بهذا النوع من الأفعال نكون قد أضررنا بالمجتمع بكل مكوناته ومستوياته، ونكون أمام بعض المسؤولين في غير مواقعهم الحقيقية ولا مستواهم الفعلي، وهذا ضرر ما بعده ضرر”.
وأوضح في حديثه لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أن ما تسرب من أخبار عن “الأستاذ المتهم” وما راج في المحاكم من قضايا تزوير واختلاسات وبيع وشراء وغير ذلك، إذ تم اعتقال موظفين معنيين بهذه الأفعال… ليس منحصراً فقط في هذه الحالات، بل الأمر قد يكون معمماً على الأقل في مؤسسة واحدة بكل مدينة جامعية، ولنا في البحث الجاري اليوم بكلية الآداب والعلوم الإنسانية مرتيل، وما قد يُثار من أخبار عن مثل هذه الأفعال في الأيام القادمة بطنجة وتطوان.
واعتبر أن الأمر يدعو استعجالاً لأن يتحمل المسؤولية كاملةً القطاع الوصي والجامعات والنقابة الوطنية للتعليم العالي ومكونات المجتمع المدني المختصة والنيابة العامة قبل فوات الأوان، “فالتعليم العالي واجهة من الواجهات الدبلوماسية للمملكة المغربية، والأستاذ الباحث صورة من الصور المشرقة للمغرب المعاصر والحديث”.
وعن السبل المثلى للحد من هذه الانحرافات، يرى محمد الدرويش أنه “حان الوقت لمراجعة جذرية لمجموعة من القوانين والمساطر المعمول بها”، مشدداً على أنه لا بد من تغيير شامل وشمولي للقانون 01-00 الذي بلغ مداه 25 سنة من العمل به، ولا بد من إيجاد صيغة تعيد للجامعة المغربية هيبتها ومكانتها في المجتمع، وهذا مدخله من مداخل ذلك، منها بعض مواد هذا القانون، وكذلك مساطر توظيف الأساتذة الباحثين.
واسترسل موضحاً: “ولا يجب أن تكون وظيفة الأستاذ الباحث موقعاً لمن لا وظيفة له، فالأمر يتعلق بعمليات بيداغوجية وبحث علمي وتنشيط ثقافي وفكري وريادة مجتمعية في مجالات سياسية واقتصادية واجتماعية، مع التأكيد على ضرورة مراجعة دفتر الضوابط البيداغوجية ليس فقط لسلك الإجازة، ولكن سلك الماستر وسلك الدكتوراه، وهذان السلكان هما المعنيان ببعض التجاوزات التي تقع في بعض التخصصات على العموم، وهي المطلوبة في زمننا هذا”.
وخلص إلى أن “قرارات من هذا النوع من قبل القطاع الوصي، إضافة إلى صرامة اختيار العمداء والمدراء والرؤساء، الذين من واجبهم الاهتمام والانكباب على العمليات البيداغوجية والبحث العلمي والعلاقات الدولية في هذه المجالات، والكف عن صرف أوقات أغلبهم على عمليات البناء والتجهيز والسفريات ومتابعة طلبات العروض وغيرها… كل ذلك يُضاف إليه أولاً وأخيراً الضمير المهني للأستاذ والموظف والطلاب وغيرهم ممن يرغب في الحياة الجامعية”.
وعلاقة بجدل اتهامات الاتجار بالدبلومات، كشف الدرويش أن المعني سبق أن اتُّهم بتحرشات جنسية وأفعال أخرى، مؤكداً أنه “عُيِّن في 2011 بالكلية المتعددة التخصصات بآسفي، وكنت حينها كاتباً عاماً للنقابة الوطنية للتعليم العالي، وفي سنة 2013 انفجرت ‘فضيحة’ بهذه المؤسسة بسبب اتهامه بتحرشات جنسية وأفعال أخرى”.
وبمجرد توصله بالملف الذي بعث له به المكتب المحلي والجهوي لذات النقابة، عقد اجتماعاً مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي لحسن الداودي، “واقترحت عليه أن تتخذ الوزارة القرارات اللازمة تجاه الأستاذ الموقوف، والأمر نفسه وفي إطار استقلالية الجامعة، اتصلت برئيس الجامعة عبد اللطيف ميراوي وطلبت منه أن يعرض الأستاذ على المجلس التأديبي وتجتمع اللجان الثنائية لاتخاذ القرارات المناسبة”.
وأشار رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين إلى أنه، بالموازاة مع ذلك كله، أصدر المكتب الوطني بلاغاً يتبرأ فيه من كل انحراف أخلاقي لأي أستاذ بالتعليم العالي، ويطالب الوزارة والجامعات باتخاذ ما يلزم ضد أي انحراف مهما كان مصدره أو القائم به، كما قدمت تصريحاً صحفياً في الموضوع دفاعاً عن الجامعة والجامعيين.
وأكد أنه “في نهاية نفس السنة عقدنا المؤتمر الوطني وغادرت الموقع القيادي للنقابة، وبعدها أُفاجأ بتدخل جهة ما ونقل الأستاذ موضوع الشكاية من جامعة القاضي عياض إلى جامعة ابن زهر، ومنذ ذاك الزمن والشكاوى تتقاطر، والأخبار تروج عن ممارسات غير أخلاقية لنفس الشخص”.
ولفت الدرويش إلى أن صراعاً اشتد بينه وبين أساتذة من نفس الكلية متهمين إياه باستغلال علاقات مع أشخاص من مجموعة من المهن حمايةً له ودفاعاً عنه، والمواقع والصحف تسجل كل مجريات هذه الصراعات والأحداث، “ومع كل أسف، لم يُتخذ في حق أيٍّ كان أي إجراء لا تأديبي ولا احترازي لا من قبل الجامعة ولا من قبل الوزارة ولا قبل النيابة العامة، مما فُهم منه خطأً طبعاً تشجيع على نفس الأفعال وتقويةً للنفوذ من أجل الاستمرار في نفس النهج، إلى أن انفجر الأمر وذاع خبر ‘بيع وشراء الشواهد بأموال طائلة'”.