“مجلس أعمارة” يوصي بتهجين القطيع الوطني بالسلالات المستوردة

أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتشجيع تطوير زراعات قادرة على الصمود وذات قيمة مضافة عالية ولا تستهلك كميات كبيرة من المياه، مشددا على ضرورة مواصلة دعم الفلاحين وتقويةِ صمودهم في مجال تربية الماشية، وتشجيعِ عمليّةِ التهجينِ بشكلٍ مؤطرٍ معَ سلالاتٍ مستوردةٍ ذاتِ مردوديّةٍ مرتفعةٍ وملائمةٍ للظروفِ المحليّة.
وشدد “مجلس أعمارة”، ضمن مخرجات رأيه حول موضوع: ” الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة: من أجل مقاربة أكثرَ ملاءمَةً، مبتكَرَة، دامِجَة، مستدامة، وذاتِ بُعْدٍ ترابي” على ضرورة مواصلةُ وتعزيز دعمِ برنامجِ المحافظةِ على السلالاتِ المحليّةِ، بما يستهدف الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة لا سيّما فيما يتعلّقُ بالأغنامِ، والماعزِ، وبعضِ سلالاتِ الأبقار ذاتِ المردودية العالية، في مجالاتها الترابية.
وسجل المصدر ذاته أنه يتعيّنُ العملُ على تقويةِ قدراتِ الفلاحينَ في مجال تربية الماشية، وتشجيعِ عمليّةِ التهجينِ بشكلٍ مؤطرٍ معَ سلالاتٍ مستوردةٍ ذاتِ مردوديّةٍ مرتفعةٍ وملائمةٍ للظروفِ المحليّة، وذلكَ للإسهامِ بفعاليّةٍ في إعادةِ تشكيل القطيعِ الوطنيِّ والارتقاءِ بجودتِهِ.
وأورد الرأي، الذي اطلعت جريدة “مدار21” الإلكترونية على مخرجاته، أنه لابد من العمل، حسب خصوصيات كل منطقة إيكولوجية فلاحية، على تشجيع تطوير زراعات قادرة على الصمود وذات قيمة مضافة عالية ولا تستهلك كميات كبيرة من المياه؛
وانطلاقاً من تشخيصه المنجز، أوصى المجلس بوضع خطة عمل خاصة بهذا النمط الفلاحي تأخذ في الاعتبار خصوصيات كل مجال ترابي، مؤكداً ضرورة تشجيع الفلاحين العائليين الصغار والمتوسطين على اعتماد ممارسات فلاحية مستدامة، من قبيل تناوب المحاصيل والزرع المباشر والترشيد الأمثل للري وتنويع الزراعات.
وواصل المصدر ذاته بالإشارة إلى ضرورة تعزيز انتظام الاستغلاليات الفلاحية العائلية الصغيرة والمتوسطة في إطار تعاونيات ومجموعات ذات نفع اقتصادي وجمعيات، من أجل تعضيد مواردها وتحسين قدرتها التفاوضية في الإنتاج والتسويق، والاسترشاد بالتجارب الناجحة على الصعيدين الوطني والدولي في مجال التنظيم الفلاحي؛
وشدد “مجلس أعمارة” على تعزيز تحويلِ المنتجاتِ، لا سيّما ذات الأصلِ الحيوانيّ المتأتية من الاستغلاليات العائلية الصغيرة والمتوسطة، وذلكَ من خلالِ تشجيعِ إنشاءِ وتطويرِ وحداتٍ صناعيّةٍ محليّةٍ صغيرةٍ، موصياً بتهيئة فضاءات رعوية في إطار تعاوني، لفائدة الفلاحين العائليين الصغار والمتوسطين، مع الحرص على استغلالها وفق مبدأ التناوب، وذلك بما يكفل المحافظة على الموارد النباتية وتجنب الرعي الجائر مع ترصيد التجارب الناجحة في هذا المجال.
ودعا المجلس إلى تعزيزُ آلية الاستشارة الفلاحية لفائدةِ الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة، من خلال رفعٍ ملموس لعددِ الموارد البشرية لتدارك الخصاص المسجل، وتحسينِ جودةِ المواكبةِ المقدَّمةِ في هذا الميدان، موصياً بتحسين ولوج الفلاحين العائليين الصغار والمتوسطين إلى التمويل، من خلال تطوير آليات مبتكرة وملائمة لاحتياجاتهم (التمويل التضامني، إعانات ومساعدات قائمة على الاستهداف، وغير ذلك).
وأوضح مخرجات رأي المجلس أنه لابد من حمايةُ الاستغلالياتِ الفلاحيةِ العائليةِ الصغيرةِ والمتوسطةِ من عمليات التجزيء المفرط للأراضي، وذلكَ من خلالِ إرساءِ إطارٍ خاصٍّ لتدبيرِ الوعاء العقاري الفلاحي، يستندُ إلى نموذجٍ ملائمٍ للواقعِ المحليِّ، مع استلهام التجاربِ الدوليةِ الناجحةِ في هذا المجال؛
وأوصى “مجلس أعمارة” بالاعتراف بالوظائف البيئية للفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة وتثمينها، من خلال إدماج هذه المساهمة في السياسات الفلاحية والقروية، وتطويرِ آلياتٍ تمويلية مشجعة لدعمِ المبادراتِ الراميةِ إلى صيانةِ المناظرِ الطبيعيّةِ، ومكافحةِ التصحّرِ، والحفاظِ على التربةِ، وحماية التراثِ الطبيعيِّ والثقافيِّ.
من جهته، أبرز رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، عبد القادر أعمارة، في كلمة بالمناسبة، الدور المحوري الذي تضطلع به الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة، بالنظر إلى إسهامها في توفير الأمن الغذائي للساكنة المحلية، وخلق فرص الشغل، وتشجيع الاستقرار في الوسط القروي، والحد من الهجرة القروية، فضلاً عن دورها في حماية البيئة والحفاظ على التقاليد والممارسات الإنتاجية والاستهلاكية المُتوارَثة عَبْرَ الأجيال.
ومن أجل استهداف أكثر نجاعة، وتثمينا لهذا النمط الإنتاجي حتى لا يبقى الحلقة الأضعف في دورة التنمية الفلاحية والقروية، شدّد رئيس المجلس على إيلاء الفلاحة العائلية أولوية استراتيجية ضمن السياسات العمومية المعنية، اعتباراً للوظائف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تضطلع بها، وما تتيحه من فرص واعدة يمكن استثمارها.
وعقب ذلك، وفي معرض تقديمه لخلاصات هذه الدراسة، أكّد عبد الرحمان قنديلة، عضو المجلس ومقرر الموضوع، على ضرورة تحويل الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة إلى قطاع أكثر إنتاجية وإدماجاً واستدامة، وذلك من خلال تعزيزِ اندماجِها في سلاسل القيمة، وتقوية قدرتِها التفاوضية في الأسواق، وتثمين مساهمتِها في استقرار الساكنة القروية، وتحسين الدخل، والحفاظ على النظم البيئية.