صابري: الاعتماد على مراكز بيانات دولية يهدد استقلالية المغرب الرقمية

أكد هشام صابري، كاتب الدولة لدى وزير الإدماج الاقتصادي والمؤسسات الصغيرة والتشغيل والمهارات، مكلف بالتشغيل، أن المغرب يواجه تحديًا كبيرًا يتمثل في الاعتماد على مراكز بيانات دولية، ما يهدد استقلاليته الرقمية، مشددًا على ضرورة تطوير بنية تحتية سحابية وطنية لدعم الجهود في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأشار صابري إلى أن العالم يشهد ثورة رقمية تقودها تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي لا تقتصر تأثيراتها على الاقتصاد والمؤسسات فقط، بل تمتد لتشمل العلاقات الاجتماعية والقيم الأخلاقية. إلا أن هذه الثورة لا يمكن فهمها بمعزل عن التحولات البيئية العالمية التي تفرض تحديات كبيرة، حيث يعتبر البعض أن التكنولوجيا الرقمية خالية من التأثير البيئي، وهو اعتقاد غير دقيق.
وأوضح كاتب الدولة في كلمة له، اليوم الأربعاء، في ندوة دولة حول الذكاء الاصطناعي ببني ملال، أن قطاع التكنولوجيا الرقمية ساهم في عام 2024 بحوالي 4% من الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة، وهو رقم مرشح للتضاعف بحلول عام 2025 إذا لم تُتخذ إجراءات جادة. وأكد أن هذه النسبة تتجاوز الانبعاثات الناتجة عن قطاع الطيران المدني.
ورغم هذه التحديات، يرى صابري أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في تقليل الانبعاثات، وتحسين إدارة الموارد، والتنبؤ بالكوارث البيئية، وإعادة هيكلة النماذج الصناعية. ودعا إلى ضرورة التوفيق بين الابتكار الرقمي والمقتضيات البيئية لضمان استفادة الجميع، لا سيما في سوق العمل الذي يشهد تحولات جذرية بفعل الرقمنة.
فيما يتعلق بسوق العمل، لفت المتحدث إلى دراسة صادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي تتوقع اختفاء حوالي 85 مليون وظيفة بحلول عام 2025 بسبب الأتمتة، في مقابل خلق 97 مليون وظيفة جديدة في مجالات الرقمنة والهندسة والبيانات. وأكد على ضرورة التعاون بين الحكومات والقطاع الخاص لضمان انتقال سلس وعادل نحو هذه الوظائف.
وأعرب صابري عن التزام المغرب بالانخراط الكامل في مسار التحول الرقمي والأخضر على المستويين القاري والدولي، داعيًا إلى تعزيز التعاون العلمي بين دول الجنوب ودعم الشركات الناشئة في مجالي التكنولوجيا الخضراء والرقمية. كما شدد على إدماج الذكاء الاصطناعي والحوسبة الخضراء في برامج إصلاح سوق العمل، خاصة في مجالات التفتيش والحماية الاجتماعية وأخلاقيات العمل.
وفي سياق دعم الابتكار، أشار كاتب الدولة لدى وزير الإدماج الاقتصادي والمؤسسات الصغيرة والتشغيل والمهارات إلى توقيع اتفاقية بين وزارة الشغل ومجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) لتعزيز البحث في مجال الذكاء الاصطناعي، بدعم مالي قدره مليار درهم، منها 800 مليون درهم مخصصة للبحث الوطني.
واختتم هشام صابري كلمته بتوجيه رسالة إلى الشباب والباحثين، مشددًا على أنهم يمثلون الركيزة الأساسية لتحقيق التوازن بين التطور التكنولوجي والحقوق الاجتماعية والبيئية. ودعاهم للمساهمة في بناء منظومة رقمية وطنية قائمة على السيادة والاستقلالية.