هل أصبح قطاع المطاعم المغربي رهينة عند “غلوفو”؟

في غضون سنوات قليلة تحولت خدمات التوصيل من ترف يُغري البعض إلى خدمة لا غنى عنها للكثيرين، وإذا كانت هذه الخدمة قد دعمت قطاع المطاعم المغربي في بداياتها، عبر فتح آفاقه على نطاق أوسع من الزبناء، إلا أن القطاع تحول في غفلة منه إلى “رهينة” لديها، وخاصة للشركة المهيمنة على القطاع: “غلوفو” (Glovo)، عاجزاً في كثير من الأحيان عن الاستغناء عنها، لغياب بدائل معقولة.
وإذا كان قطاع التوصيل غير محتكر من قبل شركة واحدة، فـ”غلوفو” تسيطر على أكبر حصة من السوق، فارضة نفسها “سيدة” لا منازع لها في الآونة الأخيرة عليه، بفضل أسبقيتها ومؤهلاتها وتعدد متعاونيها؛ لكن الأمر يتعلق بـ”زعامة زائفة” وفق ما تراه رئيسة الفيدرالية الوطنية للمطاعم المصنفة، إيمان الرميلي، التي انتقدت وقوع القطاع في أسر خدمات “غلوفو”.
ولفتت الرميلي إلى اختناق أرباب المطاعم بالمغرب بسبب تغول الشركة سالفة الذكر، معتبرة أن الوقت قد حان “للتفكير في هذه المعضلة، خاصة وأن الزبناء بدورهم لا يشعرون بالرضا التام عن الخدمات المقدمة من طرفها”.
وقالت إنه على صعيد المطاعم “أصبح الوضع مثيرا للقلق، إذ نرى مهنيين متحمسين يعملون بلا كلل ويبذلون جهوداً كبيرة للارتقاء بأعمالهم، لينتهي بهم الأمر محاصرين في نظام يتجاوزهم”.
وأوضحت الفاعلة المهنية أن من جملة الإشكالات التي تعتري العلاقة بين الشركة الرائدة في مجال التوصيل وقطاع المطاعم تتصدر العمولات المرتفعة التي تفرضها الأولى عليهم وتضر بالتالي بهوامش أرباحهم.
وانتقدت الرميلي عدم توفير “غلوفو” لوضوح في الرؤية لفائدة زبنائها من المطاعم، “إلا خلال الحملات مؤدات، كما أنها لا تتقاسم معهم تفاعلات الزبناء مع الخدمة وتحتكرها لنفسها”.
وحذرت من “أننا بتنا نرصد ارتهاناً خانقا بخدمات غلوفو لدرجة أنه لم يعد بإمكان بعض أرباب المطاعم الاستغناء عنها دون المخاطرة بالإغلاق”؛ مضيفة “كنا نؤمن بالتحول الرقمي كرافعة للنمو، لكن بالنسبة للعديد من الفاعلين أصبحت الرقمنة بمثابة شكل من أشكال السجن الصامت”.
واعتبرت أن الاستمرار على هذا النحو لم يعد ممكنا، وصار من الضروري ابتداع نموذج جديد أكثر توازناً، ووطنياً، وتضامنيا؛ “لعل مستقبل خدمات التوصيل في المغرب يمر عبر منصة تحترم أرباب المطاعم، لا ندعو لمقاطعة أي شركة، بل للتفكير بشكل مختلف وجماعي”.
ومن جانبهم يرى متخصصون في التكنولوجيات الحديثة أن البدائل لشركة “غلوفو” متاحة، لكنها تجد صعوبة في نيل حيز لها بالسوق، رادين ذلك أساساً إلى تخوف أرباب المطاعم أنفسهم من تقليل اعتمادهم على الشركة المذكورة، مخافة التعرض لضربة مالية موجعة.
كما يرى هؤلاء أن استعادة زمام الأمور تمر أساساً عبر الاعتماد على حلول أخرى متاحة أكثر توازناً، مع ضرورة الاستثمار في إنشاء أدوات رقمية للطلب والتوصيل خاصة بأرباب المطاعم أنفسهم.
وتأتي هذه الإشكالات لتضع بين قوسين رهان المغرب على قطاع المطاعم والفنادق لمواصلة تحقيق نجاحاته السياحية، لا سيما في ظل اقتراب تنظيم المملكة لاستحقاقات وازنة في مقدمتها كأس إفريقيا للأمم ومونديال 2030.