فرص مهدورة.. مغاربة العالم بين حب الوطن وعراقيل الاستثمار

تبذل الدولة المغربية جهوداً غير مسبوقة لتحويل كفاءاتها المغتربة إلى فرصة اقتصادية ومحرك للنمو، ومع ذلك مازالت استثمارات المغاربة المقيمين بالخارج أقل من المأمول، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة الإكراهات التي تعترض النهوض بتلك الاستثمارات، خاصة وأن الجالية ما فتئت تظهر انتماءً وطنياً رفيعاً تشهد عليه تحويلاتها الضخمة للوطن الأم.
وفي خطابٍ بمناسبة الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء، كان الملك محمد السادس أهاب بإحداث هيئة جديدة تُعنى بشؤون المغاربة المقيمين بالخارج، تحت اسم “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج”. إذ تهدف هذه المؤسسة إلى أن تكون الآلية التنفيذية لتنزيل السياسات العمومية الموجهة لهذه الفئة من المغاربة والتي لا يقل تعدادها عن 6 ملايين.
ومنذ بضعة أيام، أبرز الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والتقائية وتقييم السياسات العمومية، كريم زيدان، المساهمة الاقتصادية “الملموسة” لمغاربة العالم في التنمية، والتي تتجلى من خلال تحويلات بلغت 117,7 مليار درهم سنة 2024، أي ما يزيد عن 7 في المئة من الناتج الداخلي الخام.
لكن “كعب أخيل” يتمثل في تدني حصة الاستثمارات الخاصة بالمغتربين، والتي تظل محدودة في 10 في المئة، وفقا لزيدان، ما يستدعي بحسبه إعادة التفكير في المقاربة، وتبسيط المساطر، وتعزيز المواكبة، وخلق بيئة أكثر جاذبية.
في هذا الصدد، اعتبر خليل شلال، مؤسس مقاولة “Qalqul Engine”، والذي أقام بالولايات المتحدة الأمريكية لمدة 30 سنة قبل أن يقرر العودة لأرض الوطن وتأسيس مقاولته الناشئة، أن تجربته تتلخص في أن على المغترب “أن يكون مستعداً لمواجهة الواقع قبل التفكير في الاستثمار بالمغرب”.
“عدتُ وفي جعبتي فكرة، ورؤية، وأسستُ منصة “Qalqul Engine”، وهي منصة بدون كود (no-code) مدعومة بالذكاء الاصطناعي، قادرة على منافسة – بل وحتى تعويض – عمالقة مثل Salesforce وHubSpot وMicrosoft Dynamics وZendesk، لكن ما اكتشفته هو أن المنظومة المحلية ليست مستعدة بعد”، يروي شيلال.
وشدد المتحدث ذاته على أن من جملة التحديات التي يمكن أن يواجهها مغربي مغترب لدى التفكير في الاستثمار داخل أرض الوطن هو تمويل الشركات الناشئة الذي ما يزال ضعيفاً ويفتقر للتنظيم.
بالإضافة إلى ذلك فإن “الابتكار يُقابل بانعدام الثقة، خاصة إن لم يكن مستورداً من الخارج، كما أن الدولة والفاعلين الكبار يتأخرون في إظهار الثقة بمواهبنا الوطنية” يضيف شيلال، مؤكداً أنه “مع أن لدينا مهندسون لامعين، وشباب طموحون، وحاجة ماسة لأدوات رقمية محلية”.
ومع ذلك، نصح المتحدث بالقيام بهذه الخطوة، أي الاستثمار بالمغرب، “شريطة أن تكون واعياً بالواقع ومستعداً لبناء كل شيء من الصفر، دون أي دعم، وتملك القوة لفرض رؤيتك في بيئة ستختبرك بشكل يومي”.
وخلص إلى أن “الأسهل بالنسبة للجالية المغربية هو البدء من حيث هي، أي من بلد الإقامة، قبل العودة إلى الوطن بقوة، وبنتائج، وباستقلالية كافية للانطلاق”.