اقتصاد

‘المرشدة’ و ‘Agri Connect’.. نماذج مغربية تُجسد مستقبل الفلاحة الذكية

‘المرشدة’ و ‘Agri Connect’.. نماذج مغربية تُجسد مستقبل الفلاحة الذكية

سجل محسن الكديسي، أستاذ جامعي متخصص في الذكاء الاصطناعي، أن هناك تطور عالمي مهم في مجال الذكاء الاصطناعي، تمثل في ظهور نماذج حديثة (مثل R1 من DeepSeek) والتي أثبتت إمكانية تطوير ذكاء اصطناعي عالي الأداء دون الحاجة إلى موارد ضخمة أو طاقة مفرطة، وهو ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي “المقتصد والمستدام”.

ولفت الكديسي، في ندوة “الفلاحة الذكية.. كيف يحسّن الذكاء الاصطناعي التوظيف الفعال للمياه في الزراعات”، ضمن فعاليات المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، أن هذا التحول ألغى الفكرة السائدة بأن الذكاء الاصطناعي يتطلب بنية تحتية ضخمة، وفتح المجال أمام دول مثل المغرب لتبني هذا النوع من الذكاء الاصطناعي بموارد محدودة مع احترام البيئة.

وعرض المتحدث خلال مداخلته، نماذج واقعية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الزراعة المغربية، لعل أبرزها نظام “Agri Connect” الذي طورته شركة ناشئة مغربية لمراقبة استهلاك الماء والطاقة في المزارع عبر ربطه بالحساسات والمضخات. يقدم هذا النظام توصيات ذكية في الزمن الحقيقي لتحسين الأداء البيئي والاقتصادي للمزرعة.

كما قدم مثالاً آخر حول “المرشدة”، وهي منصة تستخدم الذكاء الاصطناعي عبر تطبيق واتساب لتقديم نصائح فلاحية مخصصة باللغة المحلية، حول الري، التسميد، واستخدام المبيدات. وتم أيضاً ذكر شركة AgriData التي تقدم تقارير يومية مبسطة صوتياً عن حالة المزرعة لمساعدة الفلاح في اتخاذ القرار بسرعة وسهولة.

واعتبر الاستاذ الجامعي، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي (مثل ChatGPT) أصبح أداة عملية جداً حتى للفلاح العادي، إذ يمكن استخدامه لتشخيص أمراض النباتات، تقديم توصيات حول المبيدات، وتحليل أسباب المشاكل الزراعية.

وذكر تجربة شخصية قام فيها بإدخال صورة لفاكهة مصابة، وحصل على تحليل دقيق ونصائح علاجية من نسخة مجانية من الذكاء الاصطناعي. هذه القدرة على الاستجابة السريعة والتحليل الذكي تجعل الذكاء الاصطناعي التوليدي حلاً عملياً للفلاحين يومياً.

من أكبر مكاسب الذكاء الاصطناعي التوليدي، حسب المتحدث، أنه يساهم في إزالة الحواجز التقليدية التي كانت تقف أمام الفلاحين في القرى والمناطق النائية، خصوصاً حواجز اللغة والإلمام بالتقنيات، معتبرا أنه بفضل أدوات مثل “المرشدة”، أصبح بإمكان الفلاحين التفاعل مع المؤسسات العمومية والخاصة بلغاتهم ولهجاتهم، مما يفتح الباب أمام شمولهم في البرامج الإرشادية والمالية، ويعزز العدالة الرقمية والاجتماعية.

وشدد المتحدث على أهمية بناء نماذج ذكاء اصطناعي مغربية مبنية على بيانات محلية (الطقس، المحاصيل، الأمراض، الآفات، الممارسات الفلاحية)، مما سيزيد من دقة وملاءمة التوصيات. كما دعا إلى إنشاء بنية تحتية رقمية مستقلة، مثل سحابة زراعية سيادية مغربية، لضمان استقلالية الذكاء الاصطناعي في خدمة القطاع الفلاحي، بعيداً عن الاعتماد الكلي على المنصات العالمية التي لا تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المغرب.

ودعا خلال مداخلته في الندوة التي حضرها مسؤولون عدة من وزارة الفلاحة ومن القرض الفلاحي، إلى تعزيز البحث العلمي من خلال الذكاء الاصطناعي، خاصة لتطوير أصناف نباتية مقاومة للجفاف وقليلة الاستهلاك للماء، نظراً لخصوصية المناخ المغربي.

وأشار إلى قدرة الذكاء الاصطناعي التوليدي على إجراء محاكاة جينية وتحليل تطور جينوم النباتات، ما يسمح بتسريع أبحاث تطوير أصناف أكثر ملاءمة للبيئة المحلية، في إطار فلاحة مستدامة وذكية. وختم بالتأكيد على أن الزراعة في جوهرها ذكية، ويجب أن تُستلهم منها تقنيات ذكية متجددة وغير مستنزفة للموارد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News