جرائم البوليساريو بتندوف تقربها من لوائح الجماعات الإرهابية

قتل وتجويع وضغوط نفسية متواصلة، فضحتها مقاطع فيديو منتشرة على منصات التواصل الاجتماعي، صورت داخل مخيمات تندوف، وأكدت أن البوليساريو وبإيعاز جزائري تمارس الإرهاب ولا شيء غيره.
وعقب دعم أمريكي صريح لمغربية الصحراء، احتقنت الأوضاع بالمخيمات، واندلعت موجة عصيان غير مسبوقة تروم الانعتاق من شبح هذا الوهم الذي استمر لعقود من الزمن دون أي طائل يذكر، وهو ما يعيد للواجهة مطالب تصنيف البوليساريو جماعة إرهابية
وسبق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن اتخذ موقفاً حاسماً بدعمه الواضح والصريح لمغربية الصحراء، حين أعلن في دجنبر 2020 اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو القرار الذي شكل تحولا استراتيجيا في مسار النزاع المفتعل.
وفي ضوء ذلك، برزت تساؤلات عديدة حول إمكانية إدراج جبهة البوليساريو ضمن قائمة التنظيمات والجماعات الإرهابية، خاصة مع تزايد الأدلة على تورطها في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان داخل مخيمات تندوف، فضلاً عن ارتباطها المحتمل بشبكات التهريب والجماعات المسلحة الناشطة في منطقة الساحل والصحراء.
ولم يكن هذا الطرح غريباً في دوائر صنع القرار الأميركي، خصوصاً في عهد ترامب الذي تبنى سياسة صارمة تجاه الجماعات المسلحة والتنظيمات ذات التوجهات الانفصالية العنيفة.
وفي ظل التوثيق المتزايد للممارسات القمعية التي تنهجها البوليساريو ضد المحتجزين في تندوف، والتقارير المتكررة حول حالات التعذيب والاختفاء القسري، فإن دعوات تصنيف الجبهة جماعة إرهابية قد تجد صدى لدى صناع القرار الأمريكيين، سواء في ظل إدارة جمهورية أو حتى لدى صقور الكونغرس المطالبين بتشديد الخناق على التنظيمات غير الحكومية التي تهدد الأمن والاستقرار الإقليميين.
عبد العالي سرحان، الباحث في العلوم السياسية، اعتبر بدوره، أن المعطيات المتداولة حول انتهاكات جبهة البوليساريو في مخيمات تندوف، والتي توثق ممارسات تُصنف ضمن خانة الإرهاب، تشكل فرصة حقيقية للدبلوماسية المغربية من أجل الدفع بمطلب تصنيف الجبهة جماعة إرهابية على الساحة الدولية.
وقال سرحان في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، إن السياق الإقليمي المتقلب، وتصاعد خطر الجماعات المسلحة في الساحل، يعززان من مشروعية هذا المطلب، خاصة عندما يُربط وجود البوليساريو بتحالفات غير رسمية مع تلك الجماعات، سواء من خلال الدعم اللوجستي أو التهريب أو حتى التورط المباشر في أنشطة زعزعة الاستقرار.
لكن في المقابل، سجل المتحدث أن بلوغ هذا الهدف يتطلب تحركاً دبلوماسياً متعدد المستويات، يقوم على توثيق الجرائم والانتهاكات وجمع الأدلة الميدانية التي تُظهر التداخل بين البوليساريو والجماعات والتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود.
كما ينبغي للمغرب، وبحسب الباحث في العلوم السياسية، أن يوظف أدوات القوة الناعمة بشكل ذكي، بما في ذلك العمل مع منظمات المجتمع المدني الدولية، مراكز الأبحاث، والمؤسسات الإعلامية ذات المصداقية، لصياغة خطاب مؤثر ومبني على الحقائق لا العاطفة، يهدف إلى كسب تعاطف الرأي العام الدولي وصناع القرار في العواصم الكبرى.
كما شدد في السياق نفسه، على ضرورة أن تستمر الرباط أن تستثمر في تحالفاتها الاستراتيجية، خصوصاً مع واشنطن وباريس ومدريد، لتشكيل كتلة ضغط دبلوماسية قوية داخل مجلس الأمن وهيئات الأمم المتحدة.
ولفت إلى أن الدعوة إلى تصنيف البوليساريو جماعة إرهابية لن تتحقق بالخطاب السياسي فقط، بل بالعمل المؤسساتي المنظم، والتنسيق الاستخباراتي، والاشتغال المتواصل على الملفات الحقوقية، ما سيمكن المغرب من نقل المعركة من مربع الشرعية الترابية إلى مربع الشرعية الأمنية، حيث يُصبح التعامل مع البوليساريو قضية أمن دولي لا “نزاعاً إقليمياً” فقط.