بركة يُدشِّن تسخينات انتخابية مبكرة ويُشعِل “النار” في جلباب الأغلبية

لم تثن التوافقات التي لطالما عبرت عنها مكونات الأغلبية الحكومية زعيم حزب الاستقلال، نزار بركة، من استغلال مناسبة مروره عبر الإعلام الرسمي، أمس الثلاثاء، لتوجيه انتقادات لاذعة للأداء الحكومي في عدد من الملفات، وعلى رأسها التشغيل والغلاء ودعم المستوردين، في خطوة تشبه تحدي زعيم “الميزان” لشعارات “التماسك الحكومي” وإعلانه تدشين التسخينات الانتخابية لاستحقاقات 2026.
ولم يتحدث الأمين العام للاستقلاليين عن ملف، عند حلوله ضيفاً على برنامج “نقطة إلى السطر” الذي تبثه القناة الأولى، إلا وارتدى عباءة المعارض للحكومة وانتقد السياسات العمومية الاجتماعية والاقتصادية لـ”حكومة أخنوش” على الرغم من كون حزبه جزءاً من واضعي الالتزامات الـ10 للبرنامج الحكومي.
وليست هذه أول مرة يخرج فيها حزب الاستقلال لانتقاد الحكومة التي هو واحدٌ من مكوناتها، وإنما سبق أن وجَّه ضربات تحت الحزام، قبيل حلول رمضان، لسياسة الحكومة في استيراد الأبقار والأغنام وغياب تأثيرها على الأسعار في الأسواق الوطنية في لقاء حزبي بمدينة الجديدة.
عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش، قال إن “حزب الاستقلال يلعب اليوم نفس اللعبة الانتخابية التي لعبها من قبل حزب التجمع الوطني للأحرار في حكومة سعد الدين العثماني حينما اقتربت انتخابات 2021″، مبرزا أن “حزب الاستقلال يعتبر نفسه اليوم (مول النوبة) وجدير بتصدر الانتخابات التشريعية المقبلة”.
واعتبر العلام، في تصريح لجريدة “مدار21” الإلكترونية، أنه “إذا لم يقم حزب الاستقلال بهذه الخرجات فإنه لا يمكن أن نقول أنه يمارس السياسة”، مسجلاً أن “من الطبيعي والعادي جدا أن يتداول الاستقلاليون داخليا ويسوقوا خارجياً أنه البديل المقبل للمغاربة”.
ولفت المحلل السياسي نفسه إلى أن “حزب الاستقلال مدعوم اليوم في سياق سياسي تداول فيه قبله حزب العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار على السلطة بعد دستور 2011 وفي ظل تراجع سمعة حزب الأصالة والمعاصرة”.
وسجل الأكاديمي ذاته أن “حزب الأصالة والمعاصرة غير قادر على التنافس على صدارة انتخابات 2026″، معتبراً أن “منسقة القيادة الجماعية، فاطمة الزهراء المنصوري، غير مهيئة اليوم لخوض هذا التحدي بحكم حضورها شبه المنعدم في المشهد السياسي المغربي خلال هذه الفترة”.
ورجَّح المهتم بالشأن السياسي أن “هذا الوضع يفسح المجال أمام حزب الاستقلال الذي يحاول استغلال أوجه قصور بعض السياسات العمومية لصالحه على الرغم من كونه من بين مكونات الأغلبية الحكومية ويتحمل المسؤولية السياسية في حصيلتها”.
وحول إمكانية لجوء حزب الاستقلال أو إجباره على الخروج من سفينة الأغلبية الحكومية، أوضح العلام أنه “لن يخرج من الأغلبية الحالية ولن يُطرد منها”، مشددا على أن “المرجح هو أن يمارس هذه المعارضة من داخل الأغلبية كما سبق للأحرار أن فعلوا خلال عهد حكومة العثماني”.
وفي نفس الصدد، أكد الأستاذ الجامعي أن “الذي يرجح فرضية استمرار حزب الاستقلال ضمن مكونات الأغلبية هو كونه يستفيد من هذا الوضع أكثر مما قد يربحه خارج الحكومة”، مبيناً أن “في السياسة المغربية البقاء في الحكومة أو الخروج منها لا يؤثر على استعداد الأحزاب السياسية في الاستحقاقات التشريعية”.
واستدل المتحدث ذاته بتجربة التجمع الوطني للأحرار خلال الولاية الحكومية السابقة بالقول إن الأخير “لم يخرج من الأغلبية في حكومة العثماني وتصدر الانتخابات بملايين الأصوات”، مفيداً أن “رسالة حزب الاستقلال لصانع القرار الحزبي هو أنني قادم وسأتصدر الانتخابات”.
وبخصوص الموعد الذي جاءت فيه هذه الخرجة لزعيم الاستقلاليين، نزار بركة، أشار المحلل السياسي إلى أنها “رسالة أيضا لكل من له رغبة من السياسيين في طرق باب حزب الاستقلال للترشح للانتخابات المقبلة”، مواصلا أن “هذا تدشين مباشر وصريح لموسم الترحال السياسي قبل الانتخابات بسنة تقريبا”.
وعن حظوظ حزب “الميزان” في كسب رهان انتخابات 2026، أورد العلام أن “الثابت منذ قرابة 20 سنة هو استقرار الأداء الانتخابي للاستقلاليين وعدد الأصوات الانتخابية”، مسجلا أنه “إما أن يرتب ثانيا أو ثالثا في نتائج الانتخابات الأربع الأخيرة”.
وباحتساب المتوسط من الأصوات التي حصل عليها الحزب قاده نزار بركة خلال الاستحقاقات السابقة وباستحضار معطى فقدان الحزب القائد للحكومة للمرتبة الأولى بعد معظم التجارب الحكومية المغربية، فإن “الحزب الأول انتخابيا خلال العقدين السابقين هو الاستقلال، وبالتالي حظوظه تبقى حاضرة في انتظار مفاجآت اللعبة الانتخابية”.