بسواعد شابات.. حقول بغزة تخضر مجددا بعد الإبادة الإسرائيلية

داخل حقل زراعي في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، تصر مجموعة مزارعات فلسطينيات على إعادة الحياة إلى أرضهن، متحديات الدمار الذي لحق بمزارعهن خلال الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل على مدار نحو 16 شهرا.
رغم قسوة الظروف وشح الإمكانيات تعمل الشابات على استصلاح الأرض التي كانت مصدر رزقهن منذ عام 2020، بعد أن جرفها الجيش الإسرائيلي الذي يمنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم في المناطق الشرقية من قطاع غزة.
** مصدر دخل
المزارعة غيداء قديح تُشرف على إعادة إحياء مشروعهن الزراعي برفقة ثلاث مزارعات أخريات، ضمن مبادرة تهدف إلى توفير مصدر دخل لعائلاتهن وتعزيز الأمن الغذائي، في ظل ارتفاع أسعار المنتجات المستوردة.
وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير/ كانون الثاني 2025 إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
وحوّلت إسرائيل قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ تحاصره منذ 18 عاما، وزادت حرب الإبادة التي ارتكبتها من أوضاع الفلسطينيين فيه مأساوية.
وفي 2 فبراير/ شباط الجاري، أعلن رئيس المكتب الإعلامي الحكومي بغزة سلامة معروف القطاع منطقة “منكوبة” جراء حرب الإبادة الإسرائيلية.
ووسط الحقل الزراعي الذي تحول إلى أنقاض بفعل الإبادة، تقف قديح ورفيقاتها بإصرار لإعادة الحياة إليه من جديد.
** إنعاش زراعي
تمسك بفأسها وتغرسها في التربة الجافة، محاولة إنعاشها ببذور الأمل ومتشبثة بحلم إحياء مشروعها الزراعي.
في الوقت ذاته، تعمل زميلاتها بجد على تقليم النباتات وإزالة الأعشاب الضارة، والتأكد من نمو النباتات الخضراء سواء المنبتة حديثا أو المثمرة، لضمان استعادة الحقل خصوبته وإنتاجيته.
ويواجه نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل 2.4 مليون في غزة مأساة التشرد القسري؛ جراء الإبادة والتدمير الواسع الذي ألحقته إسرائيل بمنازلهم.
وقالت قديح للأناضول: “بدأنا مشروعنا عام 2020 باستئجار الأراضي وزراعتها، وكان ناجحا حتى تعرضت مزرعتنا الأولى في خزاعة للتجريف، بينما دُمرت المحاصيل في مزرعتنا الثانية وسط المدينة، مما تسبب في خسائر فادحة بالمعدات والأسمدة”.
** صعوبات ونقص إمكانيات
وأضافت: “في ظل الإبادة والنزوح، اضطررنا إلى ترك المشروع، لكن بعد انتهاء الحرب قررنا العودة من جديد، وبدأنا العمل في أرض الفخاري وسط خان يونس بأبسط الإمكانيات.
لم تكن العودة إلى الزراعة سهلة، فقد واجهت المزارعات صعوبات جمة، أبرزها فقدان أحد أفراد الفريق، الذي كان مسؤولا عن الإنتاج، بعد أسره من قبل الجيش الإسرائيلي منذ أكثر من عام.
كما يشكل نقص المبيدات والأسمدة وارتفاع أسعارها عقبة كبيرة أمام استئناف المشروع.
وأوضحت قديح: “مشاكل الكهرباء وارتفاع أسعار الوقود، إلى جانب تدمير خطوط المياه العذبة، أجبرتنا على استخدام المياه المالحة، مما قلل من تنوع المحاصيل”.
ورغم هذه التحديات، تؤكد المزارعات أنهن مستمرات في العمل، ليس فقط لكسب الرزق بل أيضا للمساهمة في تعزيز الإنتاج المحلي وتخفيف الاعتماد على المنتجات المستوردة ذات الأسعار المرتفعة.
وقالت قديح: “لا تتوفر لدينا فرص عمل أخرى، لذلك نعمل على استصلاح الأراضي وتشجيع الشباب على الزراعة لتعويض احتياجات غزة من الخضروات”.
وحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، تضررت العديد من الموارد الزراعية جراء الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل، وبلغ مجموع الأراضي الزراعية المجرفة والمتضررة 185 ألف متر مربع، إضافة إلى تدمير 49 مخزنا زراعيا.
كما فُقد 6000 رأس من الماشية، و1000 مزرعة دواجن وطيور، إلى جانب تدمير آلاف الأمتار من شبكات الري، كما شملت الأضرار تدمير 35 مشروعا للاستزراع السمكي.
وبدأ في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي وقف لإطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة “حماس” وإسرائيل، ويشمل الاتفاق 3 مراحل تستمر كل منها 42 يوما، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراض في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.