سياسة

المعارضة تنتقد “تجاهل” الحكومة لتوصيات العدوي وتدعو لتقييم الإنفاق العمومي

المعارضة تنتقد “تجاهل” الحكومة لتوصيات العدوي وتدعو لتقييم الإنفاق العمومي

قال عبد القادر الطاهر، النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي –المعارضة الاتحادية، في الجلسة العمومية المخصصة لمناقشة التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم 2023-2024، إن “محدودية تفاعل القطاعات الحكومية مع توصيات المجلس، بما لذلك من آثار سلبية على الحكامة المالية والإدارية للقطاع العام، ومن تَم على جودة الخدمات المقدمة للموطنين؛ يثير المسؤولية المباشرة للحكومة في تَمثُلها لسيادة القانون ولربط المسؤولية بالمحاسبة”.

وطرح الفريق الاشتراكي، خلال مناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات اليوم الثلاثاء بمجلس النواب، أن هناك “مشكلة قانونية تهم اختصاصات المجلس وأدواره الدستورية في المراقبة العليا للمالية، والذهاب بعيدا في إعمال المساطر القانونية ذات الصلة، سواء تعلق الأمر بالفاعل السياسي أو الإداري أو تعلق الأمر بشخص معنوي أو ذاتي أو غيرهم من المعنيين بملاحظات المجلس وقراراته”.

وأشار الطاهر إلى أن نسبة تنفيذ توصيات المجلس بشكل كلي “لا تتجاوز 44 بالمئة، فيما تشكل نسبة التوصيات المنفذة جزئيا نسبة 37 بالمئة، في حين تظل 19 بالمئة من التوصيات دون الإنجاز؛ أما في مجال التدقيق والبث في الحسابات، فالملاحظ أن 2258 حسابا أو بيانا محاسبيا لم يتم تقديمهم إلى المجلس الأعلى برسم سنتي 2022 و2023؛ وهي نسبة كبيرة مقارنة بمجموع ما يجب أن يُقدمه المحاسبون العموميون للمحاكم المالية”.

وأضاف الطاهر أن مماطلة الحكومة للمجلس الأعلى للحسابات بخصوص التصديق على حسابات الدولة أدت إلى عدم تمكن المجلس  “من إبداء رأيه بخصوص التصديق على حسابات الدولة، التي كان من المفروض أن تدخل حيز التنفيذ انطلاقا من سنة 2020، وذلك راجع إلى الفروق المهمة المسجلة في الأرصدة، وما بين الوضعيات الحسابية، وعدم توفر المجلس على المستندات والوثائق المتعلقة بالحساب العام بالدقة اللازمة وفي الآجال المحددة”.

اختصاصات المجلس وضعف تفاعل الحكومة

ومن جانبه، أثار إبراهيم اجنين، النائب البرلماني عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية،  ملاحظات بشأن المجلس الأعلى للحسابات، متسائلا أنه “بالرغم من تخصيص دستور 2011 لباب كامل للمجلس الأعلى للحسابات ووصفه بالهيئة العليا لمراقبة المالية العامة للمملكة، فاختصاصاته غير مؤطرة بقانون تنظيمي على غرار باقي الهيئات الدستورية كالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”.

وسجل اجنين “بأسف عدم تناول تقرير المجلس لاختلالات شملت صفقات عمومية وهمت أساسا إقرار تنازع مصالح فج تناولتها تقارير هيئات دستورية بالتفصيل لكن في المقابل لم تشملها عمليات الافتحاص والمراقبة التي ينجزها قضاة المجلس، خاصة أن دستور 2011 خول للمجلس صلاحية اتخاذ عقوبات زجرية في حالة الإخلال بقوانين وقواعد التدبير السليم للبرامج والمؤسسات العمومية”.

وأكد النائب البرلماني عن مجموعة “البيجيدي” على “ضرورة إرفاق التقرير السنوي للمجلس بدراسات الأثر بالنسبة لعمليات الإنفاق العمومي وإبراز الأثر الحقيقي لها على المواطن وتحليل تداعيات عدم إصلاح بعض إشكالاتها (المديونية، العجز التجاري، أنظمة التقاعد..) على المالية العمومية والاقتصاد الوطني”.

وأثار اجنين “بأسف شديد عدم تفاعل الحكومة بالحزم المطلوب مع ملاحظات وتوصيات تقارير المجلس تفعيلا للفصل الأول من الدستور بربط المسؤولية بالمحاسبة حيث لم تتجاوز نسبة التنفيذ 16 بالمئة، وهذا يؤكد أحد الأمرين: إما الحكومة تعتبر نفسها غير معنية بتوصيات المجلس أو أنها تبحث عن طرق وآليات لحجب أعماله كما فعلت مع الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي”.

وأكدت المجموعة النيابية على “ضرورة اضطلاع المجلس بمهمة تتبع تنفيذ كل التوصيات الصادرة عنه تفعيلا لاختصاصاته الدستورية من خلال تقييم المخاطر في الخطط الاستراتيجية وفحص العقود الكبرى قبل التوقيع عليها كجزء من محاربة الفساد”.

ربط المسؤولية بالمساءلة

وبدورها، أكدت النائبة نادية تهامي عن فريق التقدم والاشتراكية، أنه خلال هذا النقاش يستحضر الفريق “انتظارات دافِعِي الضرائب، وأساساً فيما يرتبطُ بالترسيخ الفعلي لثقافة ومبدأ ربط المسؤولية بالمساءلة، وفيما يتعلقُ بجعل السياسات والبرامج والتدابير العمومية لها أثرٌ إيجابي حقيقي وملموس على المواطن المغربي”.

ونبهت تهامي الحكومة إلى “الخطورة البالغة التي يَنطوي عليها إصرارُ الحكومة على تجاهُلِ مظاهر الاحتقان الاجتماعي المتصاعِد والصعوبات الاقتصادية الكبيرة، وعلى رفضها الممنهج اتخاذَ ما تتطلبُهُ الأوضاعُ من إجراءاتٍ قويةٍ وملموسة لمواجهة غلاء كُـــلفة المعيشة وارتفاع الأسعار، وتدهور القدرة الشرائية لعموم المغاربة، والتفاقُمِ غير المسبوق لمعدلات البطالة، وتزايُدِ الفقر، وغلاءِ الأسعار، وتراجُع القدرة الشرائية، بالنسبة لعموم المغاربة، وخاصة للفئات المستضعفة والطبقة المتوسطة، وللأجراء تحديدا”.

واستغربت تهامي، باسم فريق “الكتاب”، كون الحكومة “أمام الأوضاع الصعبة اقتصاديا واجتماعيا، تستمرُّ في مُراكمة سُلوكِ التطبيع مع الريع والاحتكار والفساد وتضارُبِ المصالح، وخِدمة مصالح فئة ضيقة لوبيات المال على حساب عموم المواطنات والمواطنين”، لافتة إلى “استغلال بعض مكونات هذه الحكومة لبرامج ووسائل عمومية، في تسابُقٍ انتخابوي سابق لأوانه، وبأساليب غير مشروعة، بما يتنافى مع متطلبات الحكامة الجيدة، ومع مستلزماتِ حياةٍ ديمقراطية سليمة”.

رفع ميزانية مجلس الحسابات

من جهتها، أكدت فاطمة ياسين، النائبة البرلمانية عن الفريق الحركي، تنويه الفريق بمضامين التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات الذي يعكس التحديات الكبرى التي تواجه التدبير العمومي، داعية “مختلف القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية إلى التفاعل البناء والإيجابي مـع الملاحظات والتوصيات المهمة التي تضمنهـا”.

ونوه الفريق الحركي بالمجلس الأعلى للحسابات وقضاته وأطره مركزيا وجهويا على المجهودات التي يقومون بها بروح وطنية وكفاءة عالية ومسؤولية كبيرة، مغتنما المناسبة لدعوة الحكومة إلى “رصد المزيد من الاعتمادات والرفع من موارده المادية واللوجيستيكية ومن موارده البشرية، حتى يتسنى لهذا المجلس الذي أصبح مرجعا قاريا القيام بأدواره على أحسن وجه بما يعزز حكامة التدبير المالي والإداري في مختلف القطاعات”.

واعتبرت فاطمة ياسين أن هذا النقاش السنوي يشكل لحظة دستورية ومؤسساتية محورية في مسار بلادنا نحو تعزيز الشفافية وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة، بما يخدم بناء دولة الحق والقانون وتطوير مناخ استثماري جاذب ومستدام.

ولفتت إلى أن المؤشرات المرتبطة بالاقتصاد الوطني وبالمالية العمومية، تظل دائما موضع مساءلة، رغم ما تم تسجيله من إيجابيات قياسا بالسياق الدولي وتوالي سنوات الجفاف، وبالتالي، فإن الملاحظ هو عدم قدرة الحكومة على تحقيق الفرضيات التي تضعها، سواء بالنسبة لمعدل النمو، أو التضخم أو المحصول الزراعي.

وذهبت النائبة الحركية إلى أن التقرير تحدث عن مجموعة من المخاطر المحتملة، التي قد تواجهها المالية العمومية على المديين المتوسط والبعيد، متسائلة عن الوصفة التي تقترحها الحكومة برؤية إبداعية لمواجهة هذه التحديات والمخاطر من قبيل كلفة الإجهاد المائي وكلفة إعمار الحوز ومساعدة المتضررين، وكلفة الحماية الاجتماعية، وتعبئة الموارد المالية الهامة لتمويل الاستثمارات الكبرى لاحتضان كأس إفريقيا وكأس العالم 2030، وإصلاح منظومة التقاعد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابع آخر الأخبار من مدار21 على WhatsApp تابع آخر الأخبار من مدار21 على Google News