المغرب فلسطين.. دعم لا مشروط لا ينتظر جزاء ولا شكورا

بعد كلمة رئيس حركة حماس التي خصَّ فيها ما سماه بالدول التي دعمت “المقاومة ” زمن العدوان أثناء الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار الذي يُفترض أنه دخل حيز التنفيذ والتطبيق بالتحية والشكر، وهو الشكر الذي دفع البعض هنا ليقدمه كدليل على كون المغرب لم يقم بدعم غزة ولا “شعبها” طيلة الخمسة عشرة أشهر الماضية حيث كان قطاع غزة يتعرض لعدوان وصل لحد اتهام المحكمة الجنائية الدولية لنتانياهو بارتكابه لجرائم ضد الإنسانية باعتباره المسؤول الأول عن قرار الحرب داخل إسرائيل، وهو العدوان الذي ظل المغرب يعلن عن موقف مندد به وباستهداف المدنيين العزل وتدمير المدارس والبُنى التحتية بالقطاع.
المغرب طيلة سنوات وهو يتبنى القضية الفلسطينية ويعتبرها قضيته الوطنية الأولى إلى جانب ملف الصحراء، معتبراً إياها جزءاً أساسياً من استراتيجيته التي تحدد سياسته الخارجية حتى بات الملف الفلسطيني جزءاً من هوية الخارجية المغربية، سواء عند تحرك المغرب بصفته رئيساً للجنة القدس أو عند تحرك عاهل البلاد كأمير للمؤمنين بحيث يقوم برعاية جل المؤمنين من مسيحيين، يهود ومسلمين ومختلف المقدسات الدينية، ويقوم بمهمته وواجبه التاريخي والديني المقدس تجاه القضية الفلسطينية لم يكن ولن ينتظر أي شكر من طرف قيادة حركة حماس ولا من غيرها، وهي الحركة التي يبدو أن تناست قيادتها وقت كانت تعيش عزلة إقليمية فتح المغرب لها الباب لاستقبالها وتم تنظيم حفل عشاء على شرف ملك البلاد في بروتوكول لا يقام إلا للزعماء والقادة الكبار في دعم معنوي ورمزي وسياسي لقيادة حركة حماس يوم كان سعد الدين العثماني رئيساً للحكومة.
المغرب لم ولن ينتظر الشكر عن واجبه الإنساني الذي قام به تجاه سكان قطاع غزة زمن العدوان عندما قام بإرسال مساعدات إنسانية للمدنيين واستطاع بعلاقاته الدبلوماسية وقوته أن يوصلها للقطاع ولمن يستحقها رغم الحرب والحصار الإسرائيليين على القطاع، وظل في كل مناسبة يرسل الأطنان من المساعدات للداخل دعماً لصمود الشعب الفلسطيني ورغبةً منه في التخفيف عن معاناتهم الإنسانية خاصة في ظل الحصار الذي فُرض على القطاع وتوقف تدفق الشاحنات للقطاع وهي محملة بالمساعدات الإنسانية.
المغرب لم ولن ينتظر الشكر من قيادة حماس، وهو يقوم ببناء مستشفى القدس التخصصي بقطاع غزة الذي كان قد تم تدميره سنة 2008، فكان المغرب أن قام بإعادة تشييده وبناءه وتجهيزه على نفقته وبتمويل منه والذي استمر منذ سنة 2008 في تقديم خدماته للغزاويين بعد استهداف البنية التحتية الصحية من طرف الاحتلال الاسرائيلي.
المغرب لم يكن ولن ينتظر الشكر من طرف قيادة حماس، وهو يتصدى لمشروع ما سمي بصفقة القرن رافضاً إياها، ولعملية تهويد القدس وفرض الأمر الواقع على القادة العرب من خلال الإقرار بواقع كون القدس عاصمة لإسرائيل ضداً على الشرعية الدولية والقرارات الأممية، فكان أن سجل موقفه للتاريخ في موقف مشرف لدولة عربية لها التزام اخلاقي وتاريخي تجاه القضية الفلسطينية.
المغرب لم يكن يوماً ينتظر الشكر من طرف قادة حماس ولا غيرهم، عندما ظل يمارس ما يعتبره واجبه المقدس تجاه القضية الفلسطينية واتجاه المدنيين واتجاه القدس الشريف مقدماً الشيء الكثير لها وللمقدسيين من دعم سياسي، إنساني، مالي وثقافي وجامعي…مُنطلقاً في كل ذلك من موقفه المبدئي الراسخ المؤمن بعدالة القضية الفلسطينية وبحقوق الشعب الفلسطينية الثابتة الغير القابلة لأي تصرف.
في ظل العدوان الأخير لم يكتفي المغرب بتقديم الشعارات الجوفاء ولا خطابات كالخطاب الذي قدمه تبون عندما خاطب جمهوره في فترة الحملة الانتخابية مطالباً بشكل “بليد” بفتح الحدود وكأنه “يوتيوبرز” وليس رئيس جمهورية، مُحوِلاً معاناة الشعب الفلسطينية ودماء المدنيين إلى نقطة في جدول برنامجه الانتخابي، لقد ظل المغرب مؤمناً بعدالة القضية الفلسطينية مدافعاً عن حل الدولتين وعن رهان السلام وتطبيق القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ذات الصلة بالنزاع الفلسطيني منطلقاً من قناعاته الراسخة بضرورة ضمان السلم والتعايش مُنطلقه هو ضرورة حل القضية الفلسطينية وبناء الدولة الفلسطينية بمؤسساتها تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني بسلطته الوطنية المعترف بها دولياً والتي تُعد هي المخاطب الشرعي لدى المنتظم الدولي.
المغرب لم ينتظر الشكر وهو يساند اتفاق وقف إطلاق النار مؤكداً على ضرورة استثمار اللحظة ليس فقط لإعادة إعمار القطاع بل بعث السلام العادل الحقيقي الغير المنقوص الذي يحقق المطالب التاريخيين للشعب الفلسطيني في إقامة دولته بعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، مع عودة اللاجئين والمنفيين وإطلاق سراح الأسرى… المغرب لم ولن ينتظر الشكر من قادة حماس، لأن ما يقوم به هو واجبه الإنساني، الديني والتزام أخلاقي اتجاه قضية يعتبرها في مرتبة قضية الصحراء، وهو في ذلك ينطلق من مواقف مبدئية لا متجاراً في القضية!