مدير بورصة البيضاء: على الأفارقة منع المؤسسات المقرضة من التحكم بقراراتهم

أكد طارق الصنهاجي، المدير العام لبورصة الدار البيضاء، أن البلدان الإفريقية بحاجة لفرض نموذج مالي خاص بها والحرص على عدم السماح للجهات الدائنة بالتحكم في قراراتها.
الصنهاجي، الذي كان يتحدث اليوم الثلاثاء خلال مائدة مستديرة تحت عنوان “النظام الاقتصادي العالمي الجديد: أي مكانة للمؤسسات المالية الإفريقية في النقاش؟”؛ برسم “القمة المالية الإفريقية” المنعقدة بالدار البيضاء، اعتبر أنه “ثمة مشكلة في إدراك المخاطر المالية في إفريقيا؛ بحيث أن العالم الاقتصادي يعتبر أن الدول الإفريقية غارقة في الديون، ولا يمكننا إقراضها، أو إصدار سنداتها بعد الآن”.
وأضاف: “لكن والواقع أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إفريقيا هي 60 في المئة، بينما النسبة في اقتصاديات كبرى كالولايات المتحدة وفرنسا لا تزالان في حدود 130 و115 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي”.
وقال الصنهاجي إنه “يتعين أحيانًا توخي الحذر وعدم ترك المقرضين يملون عليك ما تفعله؛ لذا فمن المهم أن تجد الدول الإفريقية نموذجها التنموي الخاص، مع عدم الاكتفاء بتقليد ما يحدث في الأسواق الأخرى، التي تطورت على مدار مئات السنين”.
وبغية الدفاع عن مصالحها على نحو أفضل وتمويل تنميتها بنفسها، أنشأت العديد من البلدان الإفريقية “النادي الإفريقي” (Africa Club) في بداية هذا العام، بمبادرة من الاتحاد الإفريقي، وهو عبارة عن اتحاد مالي إفريقي ضم العديد من المؤسسات المالية متعددة الأطراف، برأسمال قدره 65 مليار دولار، ويعد أكبر تجمع للتمويل في إفريقيا، كما يقدم قروضا غير مشروطة.
لكن، وبما أن هذا المبلغ يمثل 6 في المئة فقط من احتياجات القارة السنوية، يكون على بلدان القارة كذلك تعبئة المزيد من الموارد المحلية المتمثلة في الإيرادات الضريبية، واحتياطيات النقد الأجنبي، ومكافحة الفساد، وما إلى ذلك.
وتطرقت المائدة المستديرة إلى إشكالية “التعامل مع الضغوط التي تمارسها المؤسسات الغربية؛ التي تنافس الوضع المتميز الذي يتمتع به أعضاء النادي، وتمنح بالتالي قروضا أكثر جاذبية”.
وفي هذا الصدد اعتبر الصنهاجي أنه “علينا أن نقول كذلك إن الدول الإفريقية في حاجة لتشكيل إطارها المالي الخاص، الذي ينبغي أن يكون إطارًا محترمًا؛ ففي الأسواق المالية، من المهم، كما هو الحال مع أي شخص سيقرضك المال، أن تكون قادرا حين تلتزم بشيء على الوفاء به، وإذا كان ما تعد به أكثر مما يمكنك تحمله، فعليك منذ البداية أن تطالب بإعادة التفاوض حول الإطار”.
وتطرق المسؤول المغربي إلى موضوع تعبئة الموارد، متناولا أدوار أسواق الرساميل، وضاربا المثل بالإصلاح الذي عرفه المغرب منذ سنة 1993، عقب إعادة هيكلة صندوق النقد الدولي مباشرة.
“لم يكن لدينا الاختيار، كان علينا اتخاذ قرارات صعبة، هذا الإصلاح لم يكن يهم سوق البورصة فحسب والهيئات التنظيمية، بل رام أيضًا إحداث مستثمرين مؤسساتيين”.
وتابع “لقد فرض على شركات التأمين تخصيص الأموال واستلام أدوات السوق القابلة للاستثمار، مما يعني أن شركات التأمين اضطرت فجأة إلى شراء الديون الحكومية”.
وقال إن المغرب بات يتوفر بذلك على ثاني أكبر صناعة لإدارة الأصول في إفريقيا، “وذلك أمر نفتخر به بالتأكيد، ولكنه ليس طبيعيا. هناك دول أكبر يجب أن تكون قادرة على وضع إطارها، وإجبار المستثمرين في سندات المدى الطويل على الاستثمار في بلدانهم”.
وتنعقد “القمة المالية الإفريقية 2024” (AFIS-2024) يومي 9 و10 دجنبر بالدار البيضاء، تحت شعار “حان وقت القوى المالية الإفريقية”. وسيشارك في هذه القمة، التي تأسست بمبادرة من مجموعة “جون أفريك ميديا” سنة 2021 وتنظم بالشراكة مع “مؤسسة التمويل الدولية”، أزيد من 1000 من قادة القطاع المالي الإفريقي، وصناع القرار السياسي وهيئات التقنين.